اقحام الأطفال في معركة ام درمان الاخيرة افرز كثيراً من الانتقادات طالت الحركة التي انتهكت حقوق هؤلاء الاطفال الذين يعدون ضحايا حرب. وتعتبر منظمة اليونسيف الرائدة في مجال الطفولة اكثر من شجب هذا الانتهاك وما تبعه من حملة اعلامية وسلطت اضواءها على هؤلاء الاطفال محملة الاعلام المسؤولية وطرح القضايا وكشف المسؤولين عن هذه التجاوزات، وقد اكد السيد تيد شيبان ممثل اليونسيف في السودان في خطابه الذي ألقاه عند افتتاحه لحلقة عمل الوسائط الاعلامية عن المبادئ الاخلاقية.. للكتابة عن الاطفال التي نظمتها منظمة اليونسيف بالتعاون مع وكالة رويترز على ان اليونسيف تنظر للاعلام كأحد اهم الشركاء في قضايا الاطفال وتقع على عاتقها مسؤولية حماية الاطفال وخلق توازن ما بين ايصال المادة والافرازات السالبة التي قد تؤذي الاطفال جراء نشرها، وقد استشهد بالاطفال الذين تم القبض عليهم في الاعتداء الاخير كنموذج واعلن عن تجريمه للجهة التي جندتهم وعن تخوفه، على مستقبلهم، وعبر ايضاً عن قلقه من احتمال نجاحهم عند اعادة تاهيلهم للحياة المدنية بعد نشر صورهم ،يقول تيد (حلقة العمل هذه ستمكن الصحافيين من بحث ومناقشة مثل هذه القضايا وستمكنهم من التصدي لكل المسائل الاخلاقية المهنية). وطالب اختصاصيون شاركوا في الحلقة الحذر عند تناول قضايا الاطفال بحسبان انهم يمثلون (55%) من سكان السودان (لابد من الاهتمام بحقوقهم ونشر توعية كاملة بأضرار النشر الصحافي عنهم)، وبدأ ممثل وكالة رويترز البريطانية السيد جيرمي توي المدرب الاساسي في الورشة حديثه (بأن يكون الصحافي المعني بالكتابة الصحافية عن الاطفال قريباً ومتفهماً ويجب ان يحكم ضميره في ان ينشر مادته اولاً مستنداً على مصلحة الطفل في المقام الاول ومراعاة المصداقية في التعاطي معهم وفي الاسئلة التي تطرح عليهم ولابد من اخذ اللغة التي تطرح بها القصة في الاعتبار، بحيث يتجنب الصحافي الاسئلة المسبقة والايحائية التي توهمهم بأشياء لم يعيشوها أصلاً واهم من ذلك لا يجب اللجوء للماديات او اغرائه للحصول على اية معلومات حتى لا يتخذها وسيلة لجمع المال من خلال التقارير الكاذبة). ولو انتبهنا للنصائح التي ساقها المختصون من ذوي الخبرات في الورشه لوجدنا تطابقاً مع واقع الصحافة السودانية ونصائحهم بعضها تطابق إيجابي وآخر سلبي كما في اخذ الاذن قبل الكتابة او التصوير من الطفل او اهله والتعامل مع المادة بعيدا عن السبق الصحافي وقد عقدت مقارنة بين هذه النصائح. وتجربة سابقة لي مع احداث اصلاحية الجريف ينطبق عليها التوصيف النظري الذي عرض في الحلقة، فقد كان التجاوب فيها سهلا نسبة لانفرادي بهم مع الباحثة النفسية فقط وعدم استعمال الكاميرا كان فعالا نسبة لتخوفهم من اسرهم وكانت الادارة موفقة في قرار منع التصوير لانها وضعت مصلحة الاحداث فوق اي اعتبار وكذلك البعد عن استخدام مصطلحات مجرمة يخرجهم من محيط البيئة الذي ادخلهم هذا المكان، ورغم مراعاة حقوق الطفل في الحالة السابقة نلاحظ غيابها في حالات اخرى كما في الاغتصاب .. تنشر صور الطفل او الطفلة بصورة علنية ودون وضع شريط لاصق وهنا يكون حق الطفل في رفض او قبول النشر معدوما مع ان نشر قصته يوثق واقعة الاغتصاب له مدى حياته وتنغرس في اذهان المجتمعات من حوله.. ونفس الشيء ينطبق على الاطفال مجهولي الابوين والمشردين ومرضى الايدز مما يضعهم في خانة ضعف ويعرقل مسيرة حياتهم القادمة يقول جيرمي توي (هناك اربعة بنود مهمة في الكتابة عن الاطفال تتمحور في ان تكون المصلحة الفضلى للاطفال وعدم التمييز بين الاطفال من خلال اللغة او الجنس او الدين وحق المشاركة واهم حق بالنسبة للاطفال هو حق الحياة). قدمت اليونسيف عبر حلقتها الاعلامية التي استمرت يوماً كاملاً معلومات ثرة عن التعاطي بمسؤولية عن الاطفال وارسلت رسالة لكل صحافي قوامها مراعاة المبادىء الاخلاقية في الكتابة عن الاطفال بعيدا عن كل انواع الصراعات حتى ننتج مجتمعات متعافية.. واعرب السيد ادوارد كارودين مسؤول الاعلام باليونسيف في السودان عن رغبته في ان تعمم هذه المبادئ وان تكون البداية من هنا قائلا: (اكون سعيداً عندما يأتي يوم تخبرونني انكم وضعتم موجهاتكم الخاصة بهذا البلد بحيث تكون فعالة ومنتجة).