المؤتمر الصحفي الذي عقده البروفسور إبراهيم غندور مساعد رئيس المؤتمر الوطني لشئون الحزب أول أمس الأربعاء وأعلن فيه اسماء مرشحي المؤتمر الوطني في الانتخابات القادمة للمجلس الوطني؛ أطاح بعدة شخصيات كانت تمثل المؤتمر الوطني في الانتخابات الماضية؛ وقذف بهم خارج قوائم المرضي عنهم في الحزب الحاكم، وبموجب ذلك فقدوا فرصتهم في الجلوس على مقعد وثير بالجهاز التشريعي. بعض ممن تجاوزهم الاختيار كان ذلك بسبب مغادرتهم للحزب أو تمردهم عليه، والبعض الآخر لأسباب تتصل بأدائهم في الفترة الماضية، وآخرين لكون الفترة المقبلة لا تحتمل وجودهم في البرلمان القومي.. ولكن مع تعدد الأسباب، فإن الإبعاد في النهاية واحد. أحد الذين تفاجأ الناس بعدم وجوده في قوائم ترشيح المؤتمر الوطني، مع كون صفة المثير للجدل ظلت ملازمةً له؛ هو النائب البرلماني الشيخ دفع الله حسب الرسول. دفع الله كان أحد الذين صالوا وجالوا داخل المجلس الوطني وخارجه، وارتبط اسمه بأحداث كثيرة لا تزال عالقة في العقل الجمعي للسودانيين في السنوات التي تصرمت. ودعونا نلقي الضوء على بعض مواقفه المثيرة للجدل داخل وخارج البرلمان قبل أن نمضي في تحليل الأسباب التي عساها تكون وراء إبعاد الشيخ أو النائب المثير للجدل كما يحلو للصحافيين. قبل سنوات يذكر الناس أن المطربة المصرية شيرين عبد الوهاب كانت تستعد لإقامة حفل غنائي بالخرطوم، وقامت الجهة المنظمة للحفل بتنظيم حملة إعلانية واسعة حددت فيها مكان وزمان الحفل، وملأت صور المطربة شوارع الخرطوم؛ وتهيأ الراغبون لحضور الحفل.. وفجأة تحرك الشيخ دفع الله حسب الرسول وقام بعدة اتصالات، وبمساعدة آخرين تم إلغاء حفل المطربة شيرين، وخابت توقعات الراغبين في حضور الحفل ولم تستطع الجهة المنظمة الحيلولة دون قرار المنع رغم أن الحفل كان مصدقاً به من جهات الاختصاص، وتلك كانت إحدى جهود النائب الشيخ دفع الله حسب الرسول في النهي عن المنكر بطريقته الخاصة استناداً إلى موقعه بالمجلس الوطني وعلاقاته الواسعة برموز الدولة والمسئولين فيها. وموقف آخر داخل البرلمان وقف فيه النائب الشيخ دفع الله ضد رغبة معظم نواب الحزب الحاكم رغم أنه ينتمي إلى كتلتهم البرلمانية؛ يذكر الناس كيف أن الشيخ النائب دفع الله قد وقف بقوة ضد القروض الربوية التي أجازها البرلمان ومررها نواب المؤتمر الوطني فأجيزت بأغلبية مريحة حسب رغبة نواب المؤتمر الوطني؛ لكن النائب الشيخ دفع الله، ومعه قلة أخرى لعل على رأسهم الدكتورة سعاد الفاتح قاوموا بشدة تمرير هذه القروض الربوية، ورغم وجاهة رؤيتهم وقوة حججهم ذهبت جهودهم أدراج الرياح مع أصوات الأغلبية الميكانيكية للحزب الحاكم الذي يتمتعون بعضويته وينتمون لكتلته البرلمانية. خارج البرلمان ينسب الكثير من الناس وبيقين تام للشيخ دفع الله وقوفه وراء عمليات التشويه التي تطال صور النساء في اللوحات الإعلانية الضخمة بشوارع ولاية الخرطوم، وإعتاد الناس على إختفاء صور النساء في اللوحات الإعلانية وراء لطخات من الحبر الأسود، هذا إن لم يتم تمزيق اللوحة بطريقة تفقد الإعلان مغزاه المراد توصيله لجمهور المستهلكين. يبقى بعد استعراض بعض النماذج من أعمال الشيخ النائب دفع الله التساؤل عن سر استغناء المؤتمر الوطني عن ترشيح الشيخ دفع الله تحديداً، وزهده في التجديد له مرة أخرى أسوة بالكثير من زملائه الذين جدد فيهم المؤتمر الوطني الثقة ودفع بهم مرة أخرى إلى الترشيح لمقاعد يبدو أن الفوز فيها سيكون سهلاً حسب معطيات الواقع السياسي؟ أول ما يتبادر إلى الذهن في مسألة إبعاد النائب الشيخ دفع الله عن قوائم الحزب الحاكم في المعركة البرلمانية القادمة على مستوى المجلس الوطني؛ أن القضايا التي يثيرها الشيخ دفع الله في المجلس ويسعى لإنفاذها حسب رؤيته الخاصة داخل وخارج المجلس مستفيداً من موقعه البرلماني ربما لا تروق للحزب الحاكم ولا تقع من ضمن أولوياته مثل مسائل الغناء خاصة غناء النساء واللوحات الإعلانية التي تظهر فيها النساء، فهذه القضايا ربما تقع ضمن القضايا الانصرافية للحزب الحاكم ولا يريد أن تُبذل فيها جهود من أحد برلمانييه تجاهها. من ناحية أخرى قد يسعى المؤتمر الوطني في المرحلة القادمة إلى عضوية متجانسة وبرلمانيين لا يثيرون متاعب في القضايا التي يحتاج الحزب الحاكم إلى حسمها عبر آلية ميكانيكية دون أن يشذ منها أحد ربما يثير شذوذا عن قاعدة الإجماع السكوتي عن قضايا جاءت من لجان الحزب وقطاعاته المتخصصة، وقطعا لن يفيد الشيخ النائب دفع الله في مثل هذه القضايا فهو يتحرك في إطار معرفي وقائمة أولويات تختلف عن كثير من زملائه من نواب الحزب الحاكم كما يبدو.. وربما تكون توجد أسباب في جوف الحزب الحاكم لا يصرح بها في الوقت الراهن على الأقل.