* بررت وزارة المالية قرارها القاضي بفك احتكار القمح والدقيق بأنها ترغب في الاستفادة من الانخفاض الذي طرأ على أسعار القمح عالمياً، لتوفير مبلغ مائتي مليون دولار، يتم تخصيصها لدعم المزارع الوطني، بدلاً من أن تذهب لدعم مزارعي القمح في كندا وأستراليا وغيرهما. * منطق مقبول ومقنع، لكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة في لجة الجدل الحالي هو: (هل كان هناك احتكار لاستيراد القمح والدقيق أصلاً)؟ * معلوم للكافة أن قرار حصر الاستيراد على ثلاث شركات (سيقا وسين وويتا) اتخذه البنك المركزي، بعد حدوث الضائقة المالية التي ضاعفت سعر الدولار في السوق الموازية ثلاث مرات. * قبل صدور ذلك القرار كان الاستيراد يتم بوساطة البنوك التجارية مباشرةً، لأن سعر صرف الدولار ظل مستقراً عدة سنوات، ولم يكن هناك ما يبرر تدخل الحكومة لتوفير دولار مدعوم لأي جهة. * عندما حدثت الضائقة المالية، وارتفع سعر صرف الدولار في مواجهة الجنيه تدخلت الحكومة لدعم القمح، كي لا تتضاعف أسعاره، ويرتفع معها سعر الخبز. * قدمت الدولة الدولار بسعر مدعوم للشركات الثلاث، مقابل إلزامها بتوفير جوال دقيق بسعر مدعوم للمخابز، والتزمت وزارة المالية بتحمل فرق السعر، دعماً للخبز، وتثبيتاً لأسعاره. * حددت سعر الدولار المدعوم ب (2.9 جنيه للدولار) وقررت قصره على ثلاث شركات فقط، ترشيداً له. * اتخذت الحكومة قرار الاحتكار، ثم سمحت لعشرات الشركات والمطاحن الأخرى باستيراد القمح، فوردت أكثر من مليون وأربعمائة ألف طن خلال فترة (الاحتكار)، الممتدة من 2010 وحتى العام الحالي. * حتى سعر جوال الدقيق المنتج من كل شركة حددته الحكومة نفسها (116 جنيهاً لجوال سيقا و114 لجوال ويتا و105 جنيهات لجوال سين)! * لا صحة لما يتردد عن ارتفاع نسب الأرباح المصاحبة لاستيراد وبيع القمح والدقيق إلى أرقام فلكية، لأن نسبة الأرباح المخصصة لكل شركة انحصرت في حدود 7% فقط. * النسبة المذكورة حددتها لجنة حكومية، ضمت ممثلين مرموقين لوزارات المالية والصناعة والتجارة والبنك المركزي والأمن الاقتصادي، تولت حساب الكلفة وسعر البيع لكل شركة، علماً أن أي صناعة ناجحة تحتاج لتحقيق نسبة 15% كأرباح لضمان استمرارها وتطوير مرفقاتها. * كلفة إنتاج جوال الدقيق المدعوم حددتها الحكومة، وسعر بيعه للمخابز حددته الحكومة، وقرار حصر استيراد القمح على شركات بعينها اتخذته الحكومة، ولم تلتزم به أبداً، لذلك كان من الطبيعي أن تحوم ظلال من الشك حول مقاصد القرار الجديد ودوافعه، لأن المبررات التي صاحبته جاءت محشوة بمعلومات خاطئة، وأرقام غير دقيقة، إن لم نقل مضللة! * عندما يتحدث وزير المالية عن رغبته في إلغاء احتكار استيراد القمح عليه أن يثبت للناس أن الاحتكار كان موجوداً على أرض الواقع، فعن أي احتكار يتحدث الأستاذ بدر الدين محمود؟