* قبل فترة تحدث الأستاذ حسن عبد القادر هلال، وزير البيئة، مبدياً تخوفه من تحول السودان إلى مكب للنفايات الإلكترونية، عقب وصول حاويات تحمل أجهزة كمبيوتر مستعملة، وبطاريات مستنفدة، وأشياء أخرى لم يجد من يريدون التخلص منها أفضل من السودان مكباً لها. * ما يحدث في أسواقنا يشير إلى ضعف دور الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس، التي يفترض أن تتولى جانب الفحص والتدقيق في الموانئ والمطارات، لتمنع دخول البضائع المقلدة، وتنجي المستهلكين من الوقوع في شرك الخداع. * أمس قرأنا خبراً يشير إلى حملات تفتيشية نفذتها الهيئة القومية لشؤون المستهلكين، للتأكد من مدى التزام المحال التجارية الخاصة ببيع الأجهزة الكهربائية والإلكترونية بالمواصفات والاشتراطات الفنية والقياسية، وخدمات ما بعد البيع، وشروط الضمان المتبعة لحفظ حقوق المستهلكين. * الخطوة جيدة، وتستحق الإشادة، ونرجو أن تتلوها خطوات مماثلة، وحملات تفتيش على أسواقٍ تبدو معظم بضائعها مغشوشة، لأن الغش التجاري في السودان لا يستثني أي سلعة. * العطور، مستحضرات التجميل، زيوت الطعام، ملابس وأحذية تحمل ماركات عالمية مقلدة، الإسبيرات، الأجهزة الكهربائية والإلكترونية.. كل شيء تقريباً، لأن الرقابة غائبة، والغشاشين يعلمون أنهم لن يساءلوا، وأن بضائعهم الرديئة تبقى بمعزل عن المصادرة والإبادة. * نريد من اللجنة المذكورة أن تلقي نظرة على متاجر الإطارات، التي تبيع (لساتك) رديئة الصنع، تنفجر في الطرقات كل يومٍ، لتودي بأرواح الكثيرين، وتتسبب في إصابة الآلاف، بخلاف ما ينتج عنها من دمار للمركبات. * البضائع المقلدة في محلات الهواتف النقالة أكثر من الأصلية، بل إننا نكاد نجزم بغياب الأصلي، لصالح المغشوش. * البطاريات رديئة الصنع، السماعات لا تعمل أكثر من ساعات، الشواحن.. الإكسسوارات مقلدة بكل الأحجام والأنواع، حتى الموبايلات المقلدة نفسها معروضة على المتاجر بلا وجل. * الشيء نفسه ينطبق على محلات بيع قطع غيار السيارات، وهناك يسمى المضروب (تجاري) تدليلاً، وكأن الأصل في التجارة هو الغش لا الصدق. * حتى قطع الغيار المستعملة تستورد مغشوشة، وتباع في عشرات المتاجر، و(التجاري المزعوم) يشمل كل شيء، بدءاً بالزجاج، مروراً بإسبيرات الماكينات، وانتهاءً بالإطارات والفرش وبقية الإكسسوارات. * الأمر نفسه ينطبق على محلات بيع الأدوات الصحية، حيت يتجلى (سوق المواسير) في أبهى صوره. * حتى الأدوية لم تنج من الغش والتقليد بأمر مافيا لم تجد من يحاربها، ليحاكم من ينشطون فيها بتهمة الشروع في القتل. * كما ذكر الحبيب جمال علي حسن فإننا نفتقد دور جمعية حماية المستهلك بشدة، ونتوق إلى مطالعة بيانات وتصريحات الدكتور ياسر ميرغني التي تستهدف تثقيف المستهلك بحقوقه، وحمايته من الوقوع في حبائل الغش والتدليس، ونرجو أن تعود الجمعية لممارسة عملها بأعجل ما تيسر، وأن تتلوها أخريات، تعمل كلها لمحاربة سوقٍ لا يبيع إلا المقلد والفاسد والمضروب.