جلست في حديقة الاستراحة لدى أحد الأصدقاء وعندما شاهدني أتأمل الكرسي الذي جلست عليه قال لي: هل تعرف كم ثمن هذا الكرسي في بلادنا، وكم ثمنه في الصين؟ فقلت لا، فقال هذه الكراسي اشتريتها من محلات (س...) وهي سلسلة محلات تجارية معروفة بسعر (160) جنيهاً للكرسي، وعندما ذهبت إلى مدينة «كوانزو» في الصين وجدت نفس هذه الكراسي في المعرض بسعر (16) جنيهاً فقط (للتصدير) قلت له الأمر بسيط الزيادة لا تتجاوز عشرة أضعاف السعر. السلسلة معروفة جداً ولها فروع في جميع أنحاء البلاد والشخص رجل أعمال متمرس في الأثاث، لكن ما يحصل في أسواقنا حقيقة لا تعقل!! وقد كشف سفير الصين في احدى العواصم الخليجية (الرياض) الحقيقة وهو يعلق على البضاعة الصينية الموجودة في أسواق المملكة عندما قال إن التجار هم من يطلبون بضاعة رخيصة لبيعها في الداخل، صدق الرجل فكل ما يباع في أسواقنا هي خردة أسواق العالم يستوردها من هب ودب من تجار الشنطة ويوزعونها على المتاجر إما بالنسبة أو بأسعار مخفضة جدا. دعوني أختلف معكم هذه المرة، فالمستهلك ليس ضحية بل هو شريك كامل المسؤولية فيما يحصل لأن نسبة كبيرة منهم لا تبحث إلا عن الرخيص، وبالرغم من كونها سلعا رديئة جدا، إلا أنها رغم ذلك تباع بأضعاف سعرها الحقيقي، وهذا ما جعل البضاعة الرائجة في الأسواق بضاعة متردية، وعندما تسأل البائع عن نوعية أفضل، يقول لك هذا طلب الزبون!! الإشكالية هنا أن هذه البضاعة المتردية التي تباع بأسعار مبالغ فيها لا تقتصر على السلع المستهلكة ولكن يدخل ضمنها سلع مهمة مثل مواد البناء وقطع الغيار والأجهزة الكهربائية والأثاث وغيرها. هذه أسواقنا تراجعت كثيرا إلى الوراء وأصبحت مرتعا للسلع المغشوشة والمقلدة والرديئة التصنيع وكل ذلك بمباركة من المستوردين وتجار الشنطة ومن لف لفهم. عيسى الحليان