*أفهم أن يعشق أمثالي الديمقراطية ويمقتوا الشمولية.. *فأنا ما زلت أذكر كيف زغت من مسيرة طلابية لاستقبال نميري.. *كنت يافعاً صغيراً – آنذاك- ولكني كرهت الشمولية بالفطرة.. *وحين خرجت التظاهرات ضد (مايو) كنت في مقدمتها وأنا شاب.. *وبعد ذلك يجزم مناضل (شبح) بأني كنت ضابط أمن (رفيعاً) وقتها.. *فكيف أكون كذلك وأنا – في ذلكم الأوان- (يا دوبك ولد لا راح ولا جا)؟!.. *فصفة (رفيع) لا تتسق منطقاً مع (عمري) إبان انتفاضة أبريل.. *وشبح آخر يقسم عبر موقع (الراكوبة) بأني كنت أشتم الأطباء في بدايات الإنقاذ.. *أشتمهم – بسبب إضرابهم- تحت اسم صحفي مستعار هو (أب شنب).. *وما يؤكد غباء هذا (الشبح) أنه ما من صحف حينها سوى (الإنقاذ) و(السودان الحديث).. *وهما صحيفتان إنقاذيتان لم تفسحا مجالاً لغير (مضموني الولاء) من الإسلاميين.. *وكاتب هذه السطور لم يظهر إلا مع ظهور أول صحيفة مستقلة وهي (أخبار اليوم).. *وأول كلمة له فيها كانت هجوماً عنيفاً على سياسة التحرير الاقتصادي.. *وقال فيها أنها (ح تودي البلد في ستين داهية) ما لم يصحبها تحرير سياسي.. *أفهم – إذاً- أن يمقت من هم أمثالي الأنظمة الشمولية كافة.. *ولكن ما لا أفهمه أن يمقت شمولية الإنقاذ من يذوب وجداً في شمولية أفظع.. *شمولية تحظر حتى هامش الحرية الذي (يستغله) الآن للهجوم على النظام القائم.. *وكلمتي هذه هي بمثابة نقد ذاتي لنا نحن معشر الديمقراطيين.. *نحن الذين ترانا (جميعاً)- إزاء الديمقراطية- وقلوبنا (شتى).. *فمنا من يعارض الإنقاذ باسم الديمقراطية ويتمنى عودة مايو (2).. *ومنا من يعارضها من خندق الديمقراطية ويطمع في بديل (صدَّامي).. *ومنا من يعارضها بدعوى الديمقراطية ويتلهف لشمولية (هامش) عسكرية.. *ومن كانت هذه (ديمقراطيته) فلا يجب أن يزايد على (ديمقراطي) بالفطرة.. *ديمقراطي لا يتطلع لشيء سوى إشاعة العدل والحرية وتبادل السلطة سلمياً.. *ثم يكفيه رضا- من بعد ذلك- أن ينزوي بعيداً ينظر إلى التجربة بسعادة.. *لا يعادي الإنقاذ – ديمقراطياً- من أجل (منصب) يُكافأ به كمناضل.. *ولا يشتمها – ديمقراطياً- طمعاً في (تعويض مادي) عن فترة التشرد.. *ولا يتآمر عليها – ديمقراطياً- ليحظى ببعض الذي يثير (حسده) الآن.. *ثم لا يهمه إن قيل إنه كان (أبو شنب).. *أو (أبو من غير شنب !!!).