كم تمنيتُ لو أننّي التقيتُ به . كنتُ جاهزة لأن أسافر إلى بلاد ما توقّتُ زيارتها يوماً كي أراه . أن أعبُر القارات لأقول له بالعربية التي عشقها ” شكرًا ” و أعود بحفنة من حكمته التي وُلدت في قرية تسادا النائية ، فلا يمكن أن تكون في حضرة آخر سلالة الشعراء الكبار ، ولا تنتمي إلى أرض ينتسب إليها . من أجل رسول حمزاتوف أحببت داغستان .أرض توجد في مكان ما من روسيا ، يسكنها الشعر و يحكمها القرآن . يولد صبيانها شعراء وفرسان، لا ينحني رجالها سوى لله والجمال . أخلفت موعدي مع رسول حمزاتوف مرتين . مرة لأنني عاصرته ولم أره ، فقد رحل سنة 2003 عن عمر يناهز الثمانين ، ومرة لأنني عشت كل هذا العمر من دون أن أقرأه ( إلاّ في 2012! ). لكن ، جميعنا يطاردنا الندم لسبب ما. هو نفسه قال قبيل أيام قليلة من وفاته ” حياتي مسودّة كنتُ أتمنى لو أنّ لديّ الوقت لتصحيحها ” . ماذا كان بإمكانه أن يصححّ ، والشعر يتغذى من خطايا وأخطاء الشاعر ! لن أحدّثكم عن حياته ، فهذه المساحة تسمح لي بالكاد بنقل بعض مقولاته من كتاب ” داغستان بلدي ” عساها تغريكم بقراءته. – إذا أطلقتَ نيرانَ مسدسِكَ على الماضي ، أطلقَ المستقبلُ نيرانَ مدافعِه عليك . إنّ الإنسانَ في حاجةٍ إلى عاميْن ليتعلمَ الكلامَ ، وإلى ستين عامًا ليتعلمَ الصمتَ . لا تُخرج الخنجرَ من غمدِه دون حاجةٍ إليه ، ولكنْ .. إذا انتضيْته ، فاضربْ به . اضربْ ، لكي تقتلَ الفارسَ والفرسَ بطعنةٍ واحدة . عندما تترقّبُ عودةَ الصّياد ، ترى كلبَهُ أولا . ( يتبع )