*لشعوري بالملل أمس عجزت عن الكتابة.. *فالملل يصيب الإنسان بشلل عقلي لا يقدر معه على التفكير.. *الشيء الوحيد الذي يمكن أن يفكر فيه هو الملل نفسه.. *قلت فلأفكر- إذاً- في الملل عملاً بحكمة شيء خير من لا شيء.. *أجهدت ذاكرتي في استرجاع كلما أعرفه عن الملل.. *وفات علي أن شلل المخ يصيب الذاكرة ذاتها بما أنها جزء منه.. *لجأت إلى بعض كتابات أنيس منصور عن الملل.. *فهو أحد أبرع الذين يبسطون الفكرة مع النفاذ إلى جوهرها.. *لم تقنعني آراؤه حيال التخلص من الملل بدليل شعوري بالملل.. *بل تيقنت أنّه كتبها وهو( ذات نفسه) تحت تأثير الملل.. *ثم فرغ منها وهو ما زال في حالة ملله التي دفعته إلى الكتابة عنها.. *تركته وعرجت لبعض فلسفات الوجوديين عن هذه الحالة.. *فوجدتها مثل نصائح طبيب بعدم التدخين وسيجارته على فمه.. *تركتها وحاولت الهروب إلى خيالات من إعدادي ومونتاجي وإخراجي.. *فاكتشفت أنها لن تقودني إلا لمثل مسلسل (المهمة 56).. *ثم أطلقت صيحة كما أرخميدس وطفقت أردّد (وجدتها وجدتها).. *فمحاولة فهم الملل يمكن أن تتم عبر التفكر في أسباب ملل صديقنا وحيد.. *ملله من فيلم (تسري منزل) رغم ولعه بأفلام الهنود.. *فهو شاهد هذا الفيلم نحو (20) مرة – خلال شهرين – ثم امتنع.. *وحين سألناه عن السبب قال إنه (حفظه صم).. *بل حتى فواصله الغنائية الراقصة قال إنه حفظها (رقصة رقصة).. *فكل شيء فيه بات عنده مكرراً إلى حد (الملل).. *والآن كل شيء عندنا مكرر بأكثر مما في الفيلم المذكور لدى وحيد.. *السياسات ، الوجوه ، الأخبار ، الخطب ، وحتى (الوعيد).. *فإن كان يصعب تغيير العناصر الأربعة الأولى فعل الأقل الخامسة.. *يعني مثلاً نأخذ التهديد بالقطع الذي (يعجب) المسؤولين.. *فنحن حفظنا عباراته (صم) : نقطع يده ، نقطع لسانه ، نقطع أصبعه.. *إنه شيء مثل تكرار أحداث الفيلم الذي أصاب وحيد بالملل.. *فلتبق الوجوه كما هي ؛ والسياسات والأخبار والخطب.. *ولكن مسألة الوعيد والتهديد هذه مقدور عليها لجهة (تجنب التكرار).. *و(تجنب) التكرار- ولو في هذه الجزئية – (يجنب) الناس الملل.. *أو يخفض من مللهم بمقدار هذا القدر الضئيل من (الرحمة).. *فبعض (القليل) من التجديد فيه (الكثير) من عوامل طرد الملل.. *يعني بدلاً من الأعضاء (المحفوظة) نقترح عضواً جديداً.. *وليكن (الرأس) الذي هو مصدر الإحساس بالملل.. *أسعدونا بعبارة (سنقطع رؤوسكم !!!). صحيفة الصيحة