-أعجبتني طريقة وأسلوب مجتمع شمال كردفان الذي احاط بهلال الابيض وسانده بقوة في مسيرته الكروية، مما اخذ معه المجتمع المحيط في كردفان الكبرى ثم الرياضي كافة متجاوزاً كل التعريفات، وكانت المشاركة الأكثر تفاعلية ومثلت ركيزة النجاح الاساسية اهتمام حكومة الولاية بقيادة ربانها مولانا أحمد هارون بهذا الفريق في كل خطوة، وقد كنت قد شهدت الاحتفالية التي اقيمت بقلعة شيكان وحضرها الوالي هارون ووالي النيل الابيض دكتور عبد الحميد موسى كاشا، واكثر ما اعجبني الشعار: (شمعة أمل توقد من هنا ولتحدٍ مستمر) فهو شعار ملهم لأداء جيد في كل شيء، والذي اعرفه عن هارون انه رجل يقبل التحدي ولا يرضى الهزيمة، ولديه قدرة على استيعاب المجتمع وقيادته للمشاركة بصورة مباشرة وغير مباشرة، ويصنع قراراته بشفافية وتصلح المتأثرين بها بكل سهولة ويسر من خلال اتاحة المعلومات بشكل كافٍ، واهم ما يميز هارون سرعة الاستجابة للاشياء، وان كانت الرؤى حوله متعددة والمصالح مختلفة لكن عيبه أنه كثيراً ما يسعى لتطبيق قاعدة التوافق في كل شيء، وهذا اعتقد انه منهج عاطفي ولا يحقق الرضاء بالمساواة والاشتمال في الحلول، والتوافق لا يصلح في كل القضايا والمنابر، ولا يحقق الشعور بالمشاركة، بل احياناً يشعر البعض بالإقصاء، واذا عدنا الى شمال كردفان نجد كل حاكم جاء اليها ومضى قد أرسى تجربته ووضع بصمته, فالدكتور فيصل حسن ابراهيم كانت تجربته ثرة في اكتشاف النجوم القيادات الشابة التي تقود النفير والرياضة حالياً، ابرزهم منهم الجنرال بشير دفع الله خوجال رئيس نادي هلال الابيض الذي قاده الى الانتصارات، ثم كانت لفيصل افكار ومشروعات في التنمية المستدامة والنهضة الاقتصادية والاستثمار وحل مشكلات المياه، وكانت تجربته ثرة في تطبيق النظام اللامركزي، ثم ابو كلابيش الذي وضع ضمن اولوياته المياه وسد الفجوات الغذائية والعلفية، فنهضت مشروعات السدود وحصاد المياه، ثم كانت تجربة معتصم زاكي الدين الذي حاول ان يمضي بحذر بين التجربتين ولكن ظروف المرض لم تمكنه من اكمال مسيرته التي لم تخل من مشاكسات اعاقت خطوطه في بناء نظام حكم راشد يمتلك رؤية مستقبلية، ومولانا أحمد هارون استفاد من كل هذه التجارب بفعالية القائد فبنى على منهج كوادر فيصل الحكومية والشعبية، ووسع مجالات المشاركة بخطاب النفير الذي التف حوله القطاعان العام والخاص وشعب الولاية لتحقيق اهدافه: (موية طريق مستشفى والنهضة خيار الشعب)، ثم جاءت تجربة هلال الابيض وهي الاكثر شمولاً وتفاعلاً في اطار مشروع النهضة وتفعيل مشاركات الشعب والاهتمام بقضايا ومناشط المجتمع، فهي حوكمة جيدة اخذت معها كل المقاصد الكلية بمختلف ابعادها، وكان الشرط الاساس تحقيق التنمية والاستقرار، فالرياضة رسالتها شاملة للاقتصاد والثقافة والسياسة، فهي تحتاج الى شفافية ومصداقية لانه في النهاية الهدف توسيع حريات المجتمع في التعاطي مع الخيارات بما يحقق ويحسن معيشته، ويفعل دوره ومشاركاته في تنفيذ الموجهات والقرارات، ومراقبة مستوى وتصحيح الانحرافات في التنمية وتنفيذ مشروعاتها، وانني من خلال تجربة هلال الابيض والاحتفال الذي اقيم الاسبوع المنصرم وكانت فيه اعلام المريخ اكثر بكثير من اعلام الهلال، فهذا في حد ذاته كان مؤشراً ايجابياً في ان التفكير بات استراتيجياً عند العامة والخاصة، وان الرؤية قد اختلفت في نظام الحكم الجيد الراشد وادارته للموارد بكفاءة تحميها من التسرب والهروب والتنازع والخصومات، فهلال الابيض تديره عقلية شاب ادارياً الجنرال خوجال، وهو شاب عصامي واداري ناجح، وفنياً مدرب وطني غيور وهو ابراهيم حسين (إبراهومة) إن طريقة ادارتهما للفريق ادارياً وفنياً هي التي حفزت المجتمع اكثر على الفاعلية والوقفة القوية مادياً ومعنوياً، واعلانها الاستعداد لتوفير التمويل المعنوي والمادي للفريق في لحظة من أجل المحافظة على المكاسب التي تحققت داخلياً وخارجياً وبمرونة تراعي كل المتغيرات المتوقعة.. وكانت اللفتة البارعة مشاركة والي النيل الابيض واعضاء حكومته وشعب الولاية اهل كردفان الافراح بصعود فريقهم، فهذا مستوى تضامني يتناسب مع بلد مثل السودان يحاول فيه البعض أن يصنع من تنوعه وتقسيماته الادارية نقاط ضعف وادوات تنافس غير شريف، لكن الشعب المعلم كل يوم يخرج ميزة نسبية من اصالته وصلابته ويفوت الفرصة على من ينتظرون شتاته وتقزيمه، ثم الملمح الأبرز هو انفعال الاعلام القومي بفريق هلال التبلدي الذي جعل الصديق مزمل أبو القاسم رئيس تحرير صحيفتي (اليوم التالي) و (الصدى) والناشر الناجح والقطب المريخي، يزور مدينة الأبيض لأول مرة في حياته مشاركاً أهل كردفان افراحهم ويمتدحهم لطيبة معشرهم وجمال مدينتهم الفاضلة الابيض (أبو قبة فحل الديوم)، وقد رافق مزمل عدد كبير من الزملاء الإعلاميين.. هذا هو الوطن الذي نريد أن يتلاحم أبناؤه بكل شرائحهم لنصرته وإسناد نجاحاته.