*تشدني دوماً السورة التي باسم عنواننا هذا.. *فهي فيها تصوير بلاغي وزماني ومكاني وروائي… رهيب.. *وفيها إشارة- عرضاً- لحال الموت الذي يخشاه الجميع… حين يختفي الزمان.. *رغم أن انتفاء الزمان هذا من شأنه أن يخفف من وطأة الخوف.. *فلا زمان بلا حركة؛ والعالم الغيبي لا حركة فيه… ولا مكان… ولا زمان.. *وإن مات إنسان فلا يشعر إلا بحركة قيامه يوم البعث… حياً.. *وفي آية من كتابه يشرح لنا رب العزة جانباً من حقيقة الموت… لنفهمه.. *وهي آية (قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا).. *فالذي مات قبل ألف سنة من البعث كأنه كان نائماً (ساعة من نهار).. *ويستوي في ذلك مع الذي مات قبله بيوم واحد.. *والنوم هذا نفسه شبه الحق به الموت في آية أخرى.. *آية (الله يتوفى الأنفس حين نومها والتي لم تمت في منامها).. *فالإنسان-إذن- يخوض تجربة الموت كل يوم عند نومه… ثم تجربة البعث.. *والنوم العميق لا يحس الشخص معه بعامل الزمن.. *تماماً كما لا يحس به خلال موته… ويظن أنه لم يلبث إلا (يوماً أو بعض يوم).. *ولا يحس حتى بزمان حياته في الدنيا… ولو كان مئة عام.. *وذلك لأن حركة الآخرة ليست كحركة الدنيا… ومن ثم الزمان لا كزمانها.. *ولو كان هناك عذاب في القبر لما صُعق الكفار بالبعث .. *ولتمنوا أن يظلوا في مرقدهم الذي لا شعور فيه… ولا عذاب… ولا زمان.. *ولكان فرعون أحق من غيره بهذا العذاب.. *ولكن الله يقول بشأنه (النار يُعرضون عليها غدواً وعشياً).. *ثم يمضي قائلاً سبحانه (ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب).. *يُعرضون بهيئاتهم التي تحدث عنها المولى قبل الخلق.. *وذلك حين يقول في كتابه العزيز (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم).. *ويضيف (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى).. *ولكن وجودنا (القبلي) هذا في الأزل لا أحد منا يحس به… أو يعلمه… أو يذكره.. *ولكنه وجود (موجود) في هيئة فطرة… لا معالم لها.. *بمعنى أن هيئة فطرة فرعون تُبشر بمصيرها يوم البعث وقد قالت من قبل (بلى).. *وأشهده على مصيره هذا بمثلما أشهده قديماً على وجوده… ربَّاً له.. *ومحاولة تخيُّل فعل زماني للميت هي كمحاولة تخيُّل حراك زماني لله قبل الخلق.. *فالزمان لم يوجد إلا بعد خلق الكون… إلا بعد وجود حركة.. *والعقل الذي لا يعي المكان والحراك لا يعي – بداهةً -الزمان.. *مثل عقل الميت… والنائم… وأهل كهف الزمان الغابر.. *وبعض (أهل كهف زماننا الحاضر !!!). صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة