ابتدرت قوى سياسية شاركت في عملية الحوار الوطني التي أفضت إلى تشكيل حكومة “الوفاق الوطني” لقاءات سرية، لمناقشة قضايا رئيسية تشمل وضع دستور دائم للبلاد، وتشكيل مفوضية جديدة للانتخابات، فضلاً عن مناقشة مفوضية لتسجيل الأحزاب تحل محل مجلس شؤون الأحزاب السياسية. وتأمل الأحزاب المنخرطة في هذه اللقاءات طبقاً لموقع “باج نيوز” الإخباري، الخروج بمقترحات حول القضايا آنفة الذكر، استعداداً للانتخابات المقبلة المقررة في 2020م. غرابة يثير جنوح هذه الأحزاب للاجتماعات السرية نوعاً من الغرابة وعلامات الاستفهام، خاصة وأنها شاركت في الحوار الوطني وقدمت رؤيتها التي ضمنت في المخرجات بصورة علانية. بل وكثيراً ما جهرت – هذه – القوى بالشكوى من بطء تنفيذ توصيات الحوار التي يتجاوز عددها أكثر من 800 توصية. وتحصلت بعض هذه القوى السياسية على مقاعد في البرلمان بفضل الإضافات التي تمت لاستيعاب أحزاب الحوار وبعض منها نال حصته في الجهاز التنفيذي في حكومة الوفاق الوطني. ومع ذلك ظلت تقدم رؤيتها الناقدة من على مقاعد البرلمان واللقاءات الصحافية التي تعقدها وكان آخرها المؤتمر الصحافي الذي دعت له، ورفضت من على منصته موازنة (2018م) وطالبت بمراجعة الأوضاع الاقتصادية، ومبدية في ذات الوقت اعتراضها على المجالس الرئاسية الخمسة التي كونها رئيس الجمهورية. وكل هذه التحركات تمت علانية وبدون اعتراضات ما يبعث بتساؤلات عن دواعي نزولها للاجتماع تحت الأرض، حالياً. تساؤل في تعليقه على أحاديث السر، قال عضو آلية تنفيذ مخرجات الحوار، عبود جابر، إن كل شيء أصبح في العلن بعد مخرجات الحوار والوثيقة الوطنية. وبالتالي أصبح من حق القوى السياسية أن تستوضح الآلية في كل كبيرة وصغيرة ترى فيها لبساً باعتبارها مسؤولة من مراقبة إنفاذ مخرجات الحوار. وأضاف عبود في حديثه مع (الصيحة) إنه لا يرى داعٍ للسرية في القضايا التي تعتزم هذه القوى مناقشتها؛ لأن هناك تشاور وتفاكر بشأنها خاصة فيما يلي قانون الانتخابات، الأحزاب، الدستور. وتابع: سيمتد هذا التفاكر ليشمل كل أحزاب الحوار خاصة وكل الأمور أصبحت كتاباً مفتوحاً يطالعه الجميع. ومن ثم تساءل عن سر لجوء هذه الأحزاب للسرية وقال: نحن كآلية نرحب بمناقشة أي ملاحظة على الوثيقة ولا يعنينا كآلية التحقق عن ما يجري في قاعات الاجتماعات السرية للكتل السياسية والأحزاب. محل تداول شكك القيادي بالمؤتمر الشعبي تاج الدين بانقا في صحة الخبر بلجوء بعض أحزاب الحوار للاجتماعات السرية لمناقشة مثل هذه القضايا. وقال ل(الصيحة) إن هذه القضايا محل نقاش تدوال في العلن منذ بداية الحوار داخل القاعات وتم حولها نقاش مستفيض وانعقدت عدة ورش بشأنها آخرها ورشة الانتخابات، ومن هنا تصبح مناقشة قيام المفوضيات ليست سراً لتنعقد تحت الأرض. وقطع بانقا بعدم وجود بواعث للسرية ما دام أصبح التدوال في هكذا قضايا حق مشروع وتم فيها تدوال وتوصيات تناولت كل القضايا الخاصة بالانتخابات والشأن الحزبي، مضيفاً بأن هذه المفوضيات تحولت لقرار حوار وليست توصيات، ومشيراً إلى أن النقاش الذي يجرى الآن حول كيفية قيام هذه المفوضيات، وهل يكون قيامها في وقت واحد أم بالتتابع، بجانب طريقة اختيار العضوية لها والعلاقة بينها وبين المفوضيات الأخرى. أولويات رجح رئيس حزب اتحاد قوى الأمة، محمود عبد الجبار في حديثه مع (الصيحة) أن هذه الأحزاب لجأت للسرية في اجتماعات بداعي الخوف من الاختراق وتسريب أجندة اجتماعاتها مع تأكيده على أن هذه الأحزاب في الأصل مخترقة (حد تعبيره). مضيفاً بأنه سبق ونبه الأحزاب لصعوبة التخلص من الاختراق والغواصات هذه؛ لأن هذه الأحزاب تجد غالبية عضويتها منتمية في السابق للمؤتمر الوطني الذي يعطي هذه الأحزاب مساحة حركة محددة، فيما بمقدوره – الوطني – أن يحدث تخريباً فيها متى أراد ذلك. واعتبر عبدالجبار عودة هذه الأحزاب للعمل السري عليه أن يتزامن مع الانسحاب من وثيقة الحوار التي وقعت عليها وأن تعلن تعليق مشاركتها في آلية الحوار الوطني وإعلان انسحابها من حكومة الوفاق الوطني. قائلاً إنه من الأخلاق والالتزام ألا تضع رجلاً في داخل الحكومة وآخر مع المعارضة مع الجنوح للعمل السري. مردفاً بأن على هذه الأحزاب أن تعلنها واضحة وتنفض يدها وتلحق بالقوى السياسية التي رفضت الاعتراف بالحوار الوطني ولم توقع على الوثيقة الوطنية وتعمل حالياً في السر، وإلا فعليها الالتزام بالعمل من داخل مؤسسات الحوار الوطني ومنابر المشاركة في حكومة الوفاق الوطني مشيراً إلى أنه شخصياً مع آخرين يجهرون برأيهم صراحة من غير حجر. وبالعودة إلى خبر “باج نيوز” قال عبدالجبار ل(الصيحة) إن الأجندة المطروحة للنقاش ليست سرية لكنه رجح أن تكون هذه الأحزاب التي هي أغلبها حركات مسلحة وأحزاب منشقة أبرزت هذه الأجندة فيما تريد أن تناقش قضايا أخرى. مصنفاً ذلك بأنه نوع من العبث وسوء التقدير في تناول القضايا ويجب على القوى السياسية في هذه الفترة أن تعمل بشفافية. مذكراً بأن هذه المرحلة تتطلب مناقشة هموم معاش الشعب السودان والأزمة الاقتصادية وليس الدستور وتكوين المفوضيات.