*وجنوبي هذا أحد أصدقاء صفحتنا الإلكترونية.. *ولا أدري سر تسميته نفسه بهذه الصفة الجهوية رغم إنه من أقصى الشمال.. *ويتمتع بكل ما لدى أهلنا هناك من خصال اشتهروا بها.. *فهو واضح… وصريح… وظريف؛ ويضفي على الصفحة جواً نوبياً جميلاً.. *ومن قبل كنت محتاراً إزاء اسم أحد سائقي باصاتنا السفرية.. *فاسمه عز الدين جنوبي؛ ولكنه غير ذي صلة بالجنوب… ولا الشرق… ولا الغرب.. *وسافرت معه ذات مرة… فحمدت الله على سلامة الوصول.. *فهو يقود بسرعة جنونية تمنع الراكب من أن يغفو… أو يسرح… أو حتى (يتشهد).. *وكان ضحية هذه السرعة حمامة حاولت العبور من أمام البص.. *فإذا بجنوبي يتألم لذلك… ويستغفر… وكأنه صدم إنساناً.. *ولكن صديق صفحتنا الذي يحمل الاسم يقود تعليقاته بسرة دون أن يصدم.. *لا يصدم إلا نفسه… ومسؤولينا الذين يصدمون الناس.. *يصدمون مشاعرهم… ومعيشتهم… وإنسانيتهم.. وجميل صبرهم على البلاء.. *ثم- ويا للغرابة – يحبون دوماً أن يُحمدوا… بما لم يفعلوا.. *يحبون الشكر حباً جما؛ مثل حبهم الكراسي… والأسفار… والظهور الإعلامي.. *والبارحة صدم جنوبي نفسه صدمةً أضحكت المنبر كله.. *صدمة ما أحوج هؤلاء إلى مثلها حتى (تُقعدهم في علبهم)… و(تشكم شكَّاريهم).. *فوالدة جنوبي شكمت شكَّارته – المغنية – في حفل حنَّته.. *وذلك حين طفقت تغني – مدحاً له – (ما شرب السيجار… وما لعب القمار).. *ثم قرَّبت المايك من فم والدته هذه لكي تزغرد… تأميناً.. *فما كان منها إلا أن غمغمت غمغمةً غدت صياحاً… عبر مكبر الصوت.. *وسمع كل من في الحفل عبارة (كضب الجبال يا بتي).. *ويقول جنوبي بسخريته النوبية : وتم قذف العريس بنجاح… قذف من (أمه).. *والآن اقرأ الصحف… أو شاهد الفضائيات… أو استمع للإذاعات.. *سوف تحار حيال العدد المهول من إعلانات الشكر.. *سواء شكر صاحب المادة الدعائية لنفسه… أو شكر غيره من المسؤولين.. *الذي فعل… والذي أنجز… والذي أبدع… والذي (مفيش زيُّه).. *وعلى أرض الواقع ليس هناك سوى عكس هذا الذي قيل مدحاً… وشكراً… و(نفاقاً).. *ليس هنالك سوى الإخفاق… والإهمال… و(التجاوزات).. *وكره الناس التلفزيون القومي – تحديداً – لكثرة شكَّاري أنفسهم… أو سواهم.. *سيما عند قرب إجراء تعديل وزاري…أو ولائي.. *فالوزراء لا يسكتون… والولاة يجلبون المغنيات – الشكَّارات – إلى مهرجاناتهم.. *ويحدث تلوث سمعي – وبصري – من كثرة الصراخ… والطلَّة.. *ويكاد الأجانب في بلادنا أن يصدقوا استحقاق مسؤولينا لكل هذا الشكر.. *مثلما كاد حضور حنة جنوبي أن يصدقوا شكر المغنية له.. *فما أحوج صحافتنا لأن تصدع بالحق – نيابة عن الشعب – بدلاً من أن تزغرد.. *وتصيح في وجوه الشكَّارين (كضب الجبال !!!). صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة