قال الاستاذ محمود محمد طه يوما: أن السودان هو مركز دائرة الوجود على هذا الكوكب. ودعا الا يهولن أحداً هذا القول، لكون السودان جاهلاً، خاملاً، صغيراً. مشيرا الي ان عناية الله قد حفظت على أهله من أصايل الطبائع، ما سيجعلهم نقطة التقاء أسباب الأرض، بأسباب السماء. هو قول استوقفني فرأيت .. ان مركز دائرة الوجود، ربما هو الفلك الذي يدور حوله الوجود المعنوي الانساني، الذي يتصل بخصائص البشر الاخلاقية، ولذا وردت الاشارة من الاستاذ محمود، الي اصيل الطباع التي يتمتع بها الانسان السوداني في معرض التدليل علي هذه المكانة، اما مركز الارض، ومركز الكون، الذي هو اوسع من الارض، فشأن اخر، في تصوري يتصل بماديات الوجود. ولكي اتحقق من ان السودان هو مركز لهذا النوع من الوجود، أجلت النظر فوجدت ان النتائج التي توصل لها عالم الوراثة الإيطالي البروفيسور لويجي لوكا كافللي سفورزا، الذي أجرى بحوثاً في غاية الأهمية، ضمنها كتاب عنوانه: "الإنسان في الشتات، تاريخ التنوع الوراثي، والهجرات البشرية الكبرى". قبل أن يعزز ذلك المسح الجيني لسكان السودان الذي قام به الدكتور هشام يوسف الحسن، وأُعلنت نتائجه في مؤتمر صحفي في العام (2008)، وخُتِمَ كل ذلك بالبحوث التي قادت إلى رسم الخريطة الجينية للسودانيين في العام (2013) كما قد شرح البروفيسور منتصر الطيب أستاذ علم الوراثة الجزئية في جامعة الخرطوم هذه النتائج في كتابه المسمى "تشريح العقل العرقي". فنتيجة أبحاث عالم الوراثة الإيطالي لوكافيللي سفورزا، التي تقول أن أهمية الخريطة الجينية للسودانيين بالنسبة لبقية سكان العالم أجمع، تنبع من حقيقة أن أسلاف السودانيين يرجع إليهم، من ناحية جينية، كل البشر في عالم اليوم، وأن ما يميز هذه الخريطة الجينية هما عنصري القِدَمْ والتواصل المستمر، حيث ثبت أن نسبة تسعين بالمائة من النساء السودانيات، يحملن مورثات "جينات" متصلة دون انقطاع منذ مائة ألف عام، (أي منذ بداية نشوء النوع البشري على وجه الأرض). مما يعني أن أصل الإنسان في أرجح آراء العلماء يعود إلى منطقة جزيرة " صاي " في شمال السودان الحالي، وهي منطقة معروفة منذ القدم وحتى اليوم بأنها تضم السكان النوبيين، وهي تقريباً نفس المنطقة التي عثر فيها العلماء على أقدم الاثار البشرية وتحديداً منطقة " كرمة" وقد تأكد أنّ أي إنسان على وجه الأرض ترجع أصوله الجينية إلى هذه المنطقة السودانية، وبالطبع الأصل لا يصنف لعدم وجود شيء يقارن به. المهم فان خلاصة الأمر الذي استقر عليه العلماء أنه إذا أردنا الوصول إلى فهم أدق وصحيح للجنس البشري فلا بد لنا من دراسة جينوم السودانيين. وقد اشار علماء الي أنّ السودانيين لا يمكن تصنيفهم عرقياً، كما نفعل مع الآسيويين وغيرهم من الأجناس، حسب جيناتهم، باعتبار أن السودانيين هم الأصل. وفي ظني ان من الشواهد التي تعضد فرضية الاستاذ محمود.. ان السودان "مركز دائرة الوجود" نتائج البحوث والتنقيبات الأثرية التي قام بها عالم الآثار السويسريالمعروف، شارلي بونيه كذلك، والتي استغرقت سنوات طويلة في كل من مصر والسودان، حيث قضى حوالي أربعين عاماً منها في كرمة بشمال السودان، اكتشف من خلالها ومن خلال بحوثه في مصر، أنّ هنالك حلقة مفقودة في تاريخ الحضارة الفرعونية في مصر، حيث اكتشف أن الحلقة المفقودة تمثلت في أن الحضارة النوبية في السودان، التي أسسها الفراعنة السود، قد حكمت مصر والمصريين لقرابة الفين و500 عام، وان حكم هؤلاء الفراعنة السودانيين السود، قد امتد حتى الي أرضفلسطين شرقاً. وتوصل بونيه الي حقيقة أنّ الحضارة النوبية هي أعرق وأقدم حضارة قامت على وجه الأرض شهدها التاريخ. وان مركزها مدينة "كرمة" شمالي السودان، كانت هي أيضا اول عاصمة لمملكة في العالم. ولذا اتصور ان "دائرة الوجود" التي يمثل السودان مركزها، هي دائرة تتعلق بأصل وجود ونشأة الكائن البشري علي ظهر هذا الكوكب، بل وتتصل علي وجه الخصوص بمهمة الحفاظ علي نقاء فطرة الانسان التي فطره الله عليها اصلا. فقد ظل الانسان السوداني علي اية حال، صندوقا لودائع القيم الانسانية العالية، ومستودعا لفرائد الاخلاق النادرة، مذ وجد وكان، والي يومنا هذا. الجميل الفاضل صحيفة الاتحرير مواضيع مهمة علاج الحمى في الطب النبوي مشكلة مص الإصبع التفاح الأخضر .. فوائد الضغط في العمل كيف نتناول الكزبرة؟ ميكب خدود البشرة الداكنة