كانت ومافتئت عروساً بين رصيفاتها من اغنيات الطنبور، فهي الفصيحة كما سبيطة قفاز مميزة دون باقي (السبيط)، لم تخصم من فصاحتها حذف حرف النون من خواتيم قوافيها -برغم انتفاء أيما أداة للجزم- فلعل الجزم مرده يقينٌ تغشى راحلنا المقيم عبدالله محمد خير بحتمية إبتسامة تسع الدنيا بحالها!، لكأني بهذه الأغنية تتدلى من قُندولية دُشمانية تنتصب في دلال على شاطئ هذا النيل الذي يهب الناس الحياة وحُبّ القريض... أيها النيل سلاما ماجرى في الأرض ماء انت يانيل كريم انت عون ورجاء كلما ازددت ارتفاعا زاد في الناس الرخاء. كم كان سليل الفراديس هذا مبعثا للشعر والأدب وكل ضروب الإبداع فينا، وإذا به ينحني (تأدبا) ليضم إليه في حنو المرضعات جموع أهلنا في منحنى النيل ليخرج منهم العباقرة ممن كانت -ولم تزل- اسهاماتهم تُعلي من شأن هذا الوطن وتزيد... ولا غرو أن عبدالله محمد خير رحمه الله وطيب ثراه كان من هؤلاء، إنه شاعر هذه (الخلاسية) التي شكلت تمازجا عجيبا بين فصاحة الكلمات وكلاسيكية عوالم الطنبور الذي مافتئت أغانيه تُنظم بدارجة مشبعة بإمالة أهلنا البهية، لكن هذه الأغنية – الماتعة- التي لم يعتد مبدعنا صدّيق احمد أداءها -في ثنايا أيما حفلة- إلاّ إذا حكم المزاج، وازدانت الدارة بمن توحي له بها من حساننا... كم ارتهنت -في دواخلي- بعوالم موجبة تحلق بي في فضاءات ممتدّة إلى آفاق بعييييدة... آفاق مزدانة بماضٍ جميل لسني عُمْرٍ وتَدُه مغروس هناااااااك في قرى منحنانا الجميل حيث يصنع الناس عجينة للحُبَّ لا تكاد تجد لها expiry date، تماما كما يصنعون قراصة التمر لتكون زادا لتسفار بالقطار او باللواري (كان) يستغرق أسبوعا من الزمان... هذا الماضي الجميل يااحباب له وصل بمستقبل ابيضٌ كالثلج، السماء فوقه مشبعة زرقة، والأرض تحته خضراء فاقع لونها تسر الناظرين، يتمدد وينشر على مد البصر على امتداد بَيُّوضة، يتراءى لي كلما وقفتُ فوق جبل البركل، فإذا بي تقتحمني (غدا ياحلوتي)!... واذا بالذاكرة تعيد شريط الذكري: وقف صديق أحمد يومها يتخير من حسان رفيق ابداعه عبدالله محمدخير العديدة، وكان ابتداره برائعة السر عثمان الطيب (ياناسينا)، ف(كاكا) وهو يمدّ صوته البديع بكلمة بطرااااااك ماشاء له الله أن يكاكي، وإذا بنا من حوله كالكتاكيت نلقُطُ (الحَبَّ) وقد أحلنا الفتحة في حائِهِ ضَمّة!... ومنها ينتقل -متهاديا- الى (ودالدابي مالك ساكت، ماشفت الجلا السواها) ليترى من بعدها وصلا برد ودالدابي (صحيح ياعبدو اخوي قولك حقيقة)، ثم ينتقل إلى أغنية (نار عويش)، ولكن ما ان تنتصف إلا وتنسرب إلى الدارة (بلومة) من بين صفوف النساء، تعلم يقينا عند أول نظرة بأنها من (بنات البندر)، ممشوقة كما ينبغي، وذات وضيب، لكنها تحسن الرقيص بأكثر من رصيفاتها من بنات البندر، فإذا بصديق احمد يتمايل طربا، وينداح دونما تمهيد قائلا: غداً ياحُلوتى سأراك تبتسمي ولسْتُ أحِبُّ شيئاً غيرَ أنْ ألقاكِ تبتسمى سأفْعَلُ كُلَّ مايُرضِيكِ رغْمَ تَغَوُّلِ العَدَم برغم الضِّيقِ والآهَاتِ والألَم سَيَدْفعُنِى الهَوَى لتسَلُّق القِمَم فيردد الكورص ياحلوتي ياحلوتي ياحلوتي ويترى هو فيقول: لِكَىْ ألقاكِ تبتسمى سَأكْسِرُ حَاجِز الوَهَم وهنا ينداح أكثر مرددا (حاااااجز الوهم) لمرات. ومرات.. ومرات... حتى قلنا ليته سكت، وذلك بسبب ما انتاب الفراشة من رهق التماهي مع الكورص الذين لم يتركوا لها مهربا للخروج من الدارة، وهي (غتاتة) معلومة عن الكورص يفعلونها دوما، إذ يدورون حول كل بلومة رقاصة قفلا للمخارج كي لاتجد فرجة تعود منها إلى صف النسوة، فلا تملك إلا مواصلة الرقيص... ولكن إذا بقلب صديق احمد يحنو على البلومة، فيدع ترديد حائط الوهم ليكمل قائلا: وأبْنِى العِزَّ والأمْجَادَ والكَرَم ثم ينتقل مموسقا مخارج الحروف ليردد لتبتسميييييييي يمد بها ياءها مدا عجيبا... وتبتسميييييييي ثم يواصل والعشم تتبينه في محياه باااديا بأن لاتغادر الممشوقة الدارة، فيردد: أضِيعُ تَمَزُّقاً لأراكِ تبتسمى وحِينَ أراكِ تبتسمى أذوبُ كَدَغْدَغاتِ الشَّوْق فى النَّغَم يا أمَلِى الذى أبْنِيهِ يا عَلَمِى ويا شَرَفِى الذى أحْمِيهِ يا قَسَمِى فمَا أنا مِن ذوى السُّلْطَانِ والخَدَم وليْسَ لدَىَّ شيئاً غيرَ ما أمْلِيهِ بالقَلَم وماينْسَابُ عبرَ فَمِى وحُبُّكِ هَهُنا يجْرى مكَانَ دَمِى إذاً فهَواكِ يَدْفَعُنى لسَوفَ أحَطِّم الصَّنم وأخْرُجُ نازحَاً للنُّور مِن ظُلُم لِكَىْ ألقاكِ تبتسمى وللمَاضِى الذى قَدْ فاتَ تنْتقِمى وأصْرَخُ ياجِراحَاتى لتلْتئِمى وداعَاً عَهْد هَمِّى حَسْرَتى سَأمى وأهْتفُ يابطَاقة حُبِّى يارَقَمى وهنا تجد البلومة فرجة في صف الكورص حيث نال منهم التعب مناله فتسرع الخطو لتلتحق بصفوف النسوة، فلا يجد صديق مناصا من أن يواصل والأسى تتبينه يقينا في صوته من خلال تهدجه وهو يقول: تعَاااااالى تعَالى كَإنْبِثاق الضَّوءِ وإبتسِمى وحِينئذٍ ستبتسمى وفى أعمَاقِ أعمَاقى سَتِرْتسِمي ولكن هيهات فقد ذهبت البلومة مع الريح، وإذا بصديق ينهي الفاصل و... ونشيل نحنا نفسنا ونختو. وإذا الفجر بَهّر، وفجّاجو فجّا، فننطلق إلى دورنا عائدين. صحيفة الانتباهة مواضيع مهمة علاج الحمى في الطب النبوي مشكلة مص الإصبع التفاح الأخضر .. فوائد الضغط في العمل كيف نتناول الكزبرة؟ ميكب خدود البشرة الداكنة