الصحة العالمية ..1600 قتيل في هجمات علي مراكز صحية سودانية    مسيرات مليشيا الدعم السريع تستهدف محولات محطة المقرن التحويلية بعطبره    "فيفا" يطلق تذاكر ب60 دولارا لكل مباراة في "مونديال 2026"    استمرار اللجان.. وهزيمة "هلال الجان"..!!    مدرب رديف المريخ يثمن جهود الإدارة..محسن سيد: لدينا مواهب مميزة وواعدة في الرديف    تعادل مثير بأجمل مباريات الدوري الانجليزي    وزير سوداني سابق يعلن عودته للمشهد بخطاب من رئيس الوزراء    مسيرات انتحارية تستهدف عطبرة    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    وزير الداخلية يدشن العمل بإستخراج البطاقة الشخصية وبطاقة الأجانب من أصول سودانية    مبارك أردول: قصف مدفعي مكثف يستهدف الدلنج ونذر المواجهة المسلحة تقترب بشدة    شاهد بالصورة والفيديو.. "نهلة" تخرج في مقطع ترد فيه على زوجها "ميسرة" بعد أن اتهمها بشرب "البيرة" وإقامة علاقة غير شرعية مع شاب ببريطانيا    رئيس مجلس السيادة : عدم حرمان أي سوداني من استخراج الأوراق الثبوتية حتى وإن كان لديه بلاغات جنائية فهذه حقوق مشروعة    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    مكتول هواك يترجّل    شاهد بالفيديو.. الفنان أحمد أمين وعروسه الحسناء يرقصان في "جرتق" زواجهما على أنغام أغنية (يا سلام سلم)    هل استحق الأردن والمغرب التأهل لنهائي كأس العرب؟    توجيه بصرف اجور العاملين قبل 29 ديسمبر الجاري    شاهد بالصور.. المودل هديل إسماعيل تعود لإثارة الجدل على مواقع التواصل بعد ظهورها بأزياء ضيقة ومحذقة ومثيرة    "ونسة وشمار".. زوجة مسؤول بالدولة تتفوه بعبارات غاضبة وتعبر عن كراهيتها للإعلامية داليا الياس بعد إرسال الأخيرة رسالة "واتساب" لزوجها    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    مستشار ترامب يصل إلى الرياض    هل يمكن أن يؤدي الحرمان من النوم إلى الوفاة؟    بنك السودان يتأهب لإطلاق المقاصة الإلكترونية    الأردن يفوز على السعودية برأس رشدان ويتأهل لنهائي كأس العرب    والي الخرطوم يوجه بالالتزام بأسعار الغاز حسب التخفيض الجديد    البرهان يصل الرياض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    تعرف على جوائز كأس العرب 2025    النوم أقل من 7 ساعات ثاني أكبر قاتل بعد التدخين    ريال مدريد ينجو من فخ ألافيس ويلاحق برشلونة    بعد غياب طويل.. أول ظهور للفنانة المصرية عبلة كامل بعد قرار السيسي    منع نقل البضائع يرفع أسعار السلع في دارفور    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    كارثة إنسانية قبالة اليونان وغالبية الضحايا من مصر والسودان    ترامب يلغي وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين    الإعلامية والشاعرة داليا الياس ترد على إتهام الجمهور لها بالتسبب في فصل المذيع الراحل محمد محمود حسكا من قناة النيل الأزرق    إليك 7 أطعمة تساعدك في تقليل دهون الكرش طبيعياً    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    وفاة إعلامي سوداني    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بني هلبة والسلامات: الدعم السريع وسيطاً في حرب داخل حرب
نشر في النيلين يوم 19 - 09 - 2023


(1-2)
عبد الله علي إبراهيم
في حين يخوض "الدعم السريع" حربه مع الجيش السوداني وجد نفسه مضطراً إلى الالتفات لحرب تدور في مناطق نفوذه ومناصريه، بل بين منتسبيه. فاندلعت منذ منتصف أغسطس (آب) الماضي حرب بين شعبي بني هلبة والسلامات في جنوبي دارفور. وفشلت مساعي عدد من زعماء القبائل حتى يوم 16 منه في نزع فتيلها. ووقعت الاشتباكات المسلحة بينهما في منطقة كبم التابعة لمحلية عد الفرسان، مركز إدارة قبيلة بني هلبة، وأدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى من الطرفين.
وجاء في المصادر أنه تم نقل عدد من الأسر من قبيلة السلامات من بلدة كبم إلى منطقة أم دخن الحدودية بين السودان وتشاد بما يعيد للأذهان تهجير أسر من السلامات أنفسهم إلى أم دخن بعد صراع قديم لهم مع شعب المسيرية في أكتوبر (تشرين الأول) 2013. وقالت مصادر من القبيلتين إن لجنة المساعي عقدت جلسات عدة مع ممثلين للقبيلتين كل على حدة، لكنها لم تستطع التوفيق بين الطرفين للتوصل إلى تفاهمات تضع حداً للمواجهات المسلحة بين الجماعتين.
ومما له علاقة بالحرب الراهنة في السودان تحول منتسبو "الدعم السريع" في الجماعتين كل إلى قبيلته التي تؤويه، فعاد كل فريق منهم من ساحة الوغى في الخرطوم ونيالا وزالنجي للحرب مع أهلهم بالأسلحة الثقيلة والسيارات ذات الدفع الرباعي، وغالبه من عتاد "الدعم السريع".
للسلامات، الطرف في هذه الحرب داخل الحرب، سيرة في الصراع على الوجود في السودان تضافرت على نسجها عوامل إيكولوجية وسياسية واجتماعية وثقافية، بل وعالمية. وسيساعد الوقوف عندها في فهم نزاعها هذا مع بني هلبة في غمرة حرب وطنية ماحقة.
أصل العرب السلامات منطقة أم تيمان في تشاد، وجاؤوا إلى السودان في جماعات بسبب سياسات فرنسية وسياسية ووطنية وطبيعية، وأقاموا بين عرب التعايشة البقارة التي تحاذيهم من جهة السودان، وكانوا يحصلون على الجنسية السودانية حتى 1979 باسم التعايشة صاحبة الدار، أو الحاكورة.
ومن أعراف المستجير بحاكورة ألا يطمع في ملكية الأرض التي قد يزرعها أو يرعى فيها ويسقى منها، وعليه رسوم عينية يدفعها لقاء هذا الانتفاع، ومتى لم تكن للجماعة دار تجردت من الحقوق السياسية التي تتمثل في رتبة "النظارة" التي لها التصريف على الدار وتكون مقاليدها بيد شيخ الجماعة مالكة الحاكورة.
ويسمح قانون الإدارة الأهلية وأعرافها لمثل السلامات بمناصب دون النظارة على خاصة أهلهم مثل الشيخ أو العمدة خاضعة للناظر. ومسمى هذا الوضع عرفياً هو "التبع"، ويعرف أهله ب"الأكالة"، أي أن تكتفي من الحقوق بما تأكل مما تزرعه في أرض غيرك، ولا شأن لك بسياساتها، وهو وضع مهين ضرج الريف السوداني بنزاعاته الفادحة. ومتى تكاثرت الجماعة كان أول ما تفعل هو الانعتاق من هذا الوضع المهين لحيازة دار باسمها ونظارة. وغالباً ما تنازعت طويلاً مع الجماعة صاحبة الدار لتأكيد ذاتيها في معارك تكاد لا تنتهي. فاحتربت السلامات من أجل تأكيد ذاتيتها لا مع التعايشة الذين أجاروها أولاً فحسب، بل مع جيرتهم من عرب بني هلبة والهبانية.
ومع ذلك كان أقصر الطرق إلى الخروج من التبع إلى الدار المعززة أن تعقد مثل السلامات صفقة مع الحكومة المركزية في الخرطوم جائزتها الدار والنظارة. وكانت دولة الإنقاذ (1989-2019) حالة مثالية لعقد مثل تلك الصفقات مع كل مطالب بالنظارة. فمعلوم أنه قامت ضدها في دارفور منذ 2003 حركات مسلحة احتاجت حكومتها للاستعانة بوكلاء محليين لحربها.
واختلفت أدوار السلامات مع الإنقاذ حرباً وصلحاً في سعيهم للخروج من ربقة التبع. فحاربوا مع الإنقاذ "تمرد" بولاد الإسلامي في دارفور عام 1999 والقبائل غير العربية من 2003 إلى 2005، والتقوا بالرئيس عمر البشير في 2008 وبايعوه على المنشط والمكره ليصدق لهم برتبة النظارة، ووعدهم ولم يوف، واضطرت السلامات إلى إنشاء حركتها المسلحة لمقاومة الإنقاذ باسم "الحركة الثورية للمهمشين"، ولكنها عادت لتتصالح مع الحكومة بفضل زعيم جديد لها جاء من القوات المسلحة السودانية. فنجح في دمج المسلحين من جماعته في الاستخبارات العسكرية وحرس الحدود. ونالت القبيلة أخيراً رتبة النظارة في 2011 من فوق بعض دار كانت لغيرها مما أوغر أهلها عليها.
ومن المثير أن توقف محمود ممداني في كتابه الذائع "المنقذون والمنقذون: دارفور والسياسة والحرب على الإرهاب" (2009) عند السلامات في سياق الحرب الباردة. فسعى، في قوله، معمر القذافي بعد نزاعه مع أميركا إلى سبيلين، تعزيز علاقاته مع الاتحاد السوفياتي وتعبئة عرب تشاد المبعدين من آلة الحكم في بلدهم لفتح جبهة شرقية ضد تشاد التي كان يحاربها طمعاً في استكمال مشروع توسعه فيها منذ 1978 إلى 1987. فكانت حروب تشاد الأهلية في سنوات ما بين أوائل السبعينيات إلى التسعينيات قد ألجأت طوائف كبيرة من النازحين إلى السودان.
وتقول الإحصائيات إن نسبة النازحين من تشاد إلى دارفور بلغت 10 في المئة من سكانها. فمن جاؤوا فرادى ذابوا في جماعات أهلهم بدارفور وفقدوا هويتهم التشادية، ووجدت حكومة الإنقاذ في هذا الفيض من النازحين مصدراً للتجنيد في الدفاع الشعبي وغيره من نظمها شبه العسكرية متى دعا الداعي. وحصل هؤلاء التشاديون على الجنسية السودانية متى تجندوا. أما من جاء بجماعته مثل السلامات فدخل في مطب أعراف الحاكورة ومقتضاها كما رأينا.
وترتب أمران على هذا التجييش لعرب تشاد، أولهما وفود كتلة من البشر لدارفور أحسنت استخدام السلاح خلال انتسابها لحركات معارضة في تشاد، أما الأمر الثاني فهو نشوء أيديولوجية عربية للتضامن من فوق مظالم هذه الجماعة كرعاة في الساحل الأفريقي تجسدت في مثل التجمع العربي ووثائقه التأسيسية مثل "منفستو قريش".
واندلق السلاح على دارفور عبر تشاد التي تسلحت بسخاء من أميركا في حين فعل الاتحاد السوفياتي المثل مع القذافي. وبلغ رخص السلاح حد أن لم يزد سعر الكلاشنيكوف على 40 دولاراً. ومن تلك البيئة المسلحة حتى أسنانها خرجت ظاهرة الجنجويد، وهم خلعاء القبائل الذين يحترفون النهب ويؤجرون بندقيتهم بالثمن. وقال ممداني إن الجنجويدية هي محنة الرعاة على نطاق الساحل. واضطر عدوان هؤلاء العرب على المزارعين في جبل مرة إلى إنشاء المزارعين لحركاتهم المسلحة التي تذود عنهم.
لفت ممداني النظر إلى أن العرب البادية قليلة الاكتراث للحدود السياسة التي تواضعنا عليها. فليس من أرض تمتنع عليهم طالما كان فيها كلأ لسعيتها، كما نبه إلى أن الحالة المشاهدة في دارفور هي أثر من الحرب الباردة وبالوكالة بين أميركا وروسيا.
ونواصل
بني هلبة والسلامات: الدعم السريع وسيطاً في حرب داخل حرب (2-2)
عبد الله علي إبراهيم
في حين يخوض "الدعم السريع" حربه مع الجيش السوداني وجد نفسه مضطراً إلى الالتفات لحرب تدور في مناطق نفوذه ومناصريه، بل بين منتسبيه. فاندلعت منذ منتصف أغسطس (آب) الماضي حرب بين شعبي بني هلبة والسلامات في جنوبي دارفور. وفشلت مساعي عدد من زعماء القبائل حتى يوم 16 منه في نزع فتيلها. ووقعت الاشتباكات المسلحة بينهما في منطقة كبم التابعة لمحلية عد الفرسان، مركز إدارة قبيلة بني هلبة، وأدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى من الطرفين.
وجاء في المصادر أنه تم نقل عدد من الأسر من قبيلة السلامات من بلدة كبم إلى منطقة أم دخن الحدودية بين السودان وتشاد بما يعيد للأذهان تهجير أسر من السلامات أنفسهم إلى أم دخن بعد صراع قديم لهم مع شعب المسيرية في أكتوبر (تشرين الأول) 2013. وقالت مصادر من القبيلتين إن لجنة المساعي عقدت جلسات عدة مع ممثلين للقبيلتين كل على حدة، لكنها لم تستطع التوفيق بين الطرفين للتوصل إلى تفاهمات تضع حداً للمواجهات المسلحة بين الجماعتين.
ومما له علاقة بالحرب الراهنة في السودان تحول منتسبو "الدعم السريع" في الجماعتين كل إلى قبيلته التي تؤويه، فعاد كل فريق منهم من ساحة الوغى في الخرطوم ونيالا وزالنجي للحرب مع أهلهم بالأسلحة الثقيلة والسيارات ذات الدفع الرباعي، وغالبه من عتاد "الدعم السريع".
كان لا بد ل"الدعم السريع" أن يحتوي نزاع بني هلبة والسلامات الدموي. فدارفور وجنوبها بالذات من مناطق نفوذه القوية، وتواصى زعماء قبائلها قبل أسابيع بالوقوف بصفه في الحرب ضد القوات المسلحة. علاوة على انفضاح هشاشة نظمه للتجنيد على وتيرة القبيلة. فما اصطرع بنو هلبة والسلامات حتى صار للقبيلة المكان الأول عند منتسبيها دون "الدعم السريع". فاجتمع "الدعم السريع" بقيادة الكولونيل حامد أبيلو بزعماء القبيلتين في حضور وسطاء آخرين لعقد الصلح بينهما بعد فشل الساعين قبله من صفوة القبائل في عقده. ونشرت "سودان وور مونيتور" (17 أغسطس)، الموصولة بمجريات دارفور، وثيقة الصلح التي تراضى الجمعان عندها. و"المنيتور" على شك إن كان الصلح قد وقع في غير الوثيقة.
لم يخرج مجلس الصلح الذي عقده "الدعم السريع" بين بني هلبة والسلامات عن دارج ما اتفق للدولة السودانية في مقاربة مثل هذا النزاع منذ الاستقلال. فتغطي عليه ب"باركوها". فلا تتقصى البواعث من ورائه في الذي عرضنا له أعلاه. ولا يلبث أن يتجدد النزاع فتعيد الدولة كرة طقس الصلح بحذافيره. فلن تجد في بيان الصلح الصادر عن اجتماع "الدعم السريع" بالقبيلتين ما لم تسبق إليه كل البيانات مثله عبر تاريخ الحكم الوطني. وهي بيانات مبلغ همهما ضبط الأمن لا معالجة "جذور الأزمة" التي بين أيديهم.
و"جذور الأزمة" هي العبارة الطاغية في خطاب المسألة السودانية، ولذا كان مثل هذا الصلح قصير العمر ليعود النزاع مجدداً، كما درجت هذه البيانات على الاختباء وراء نظرية مؤامرة ما دون رد النزاع إلى الأصل في قيامه. فقال البيان بشكل عام إن حرب القوم هذه لم تكن لتقوم لولا "العنصرية والقبلية" بلا تفصيل، وهو مستغرب من حركة مسلحة القبيلة قوام جيشها، ثم يذهب البيان كالعادة إلى اتهام طرف ثالث بتدبير مكيدة الحرب.
ولن يعدم "الدعم السريع" بالطبع من تعيين الملام في هذه الحرب، فأشار بإصبع الاتهام إلى القوات المسلحة التي لم تسمع للعالم وهو يناشدها أن تكف عن الحرب وترعى وطنها، وحدد الجهة القائمة بالفتنة مباشرة، وهي جهاز استخبارات الجيش الذي يفسد ما بين القبائل ليغطي على الحرب القائمة، وليخفف الضغط على قوات الجيش في الخرطوم ونيالا، ثم يختتم البيان بتذكير المتخاصمين بأنهم إخوة في الدين والدار والوجود والأنساب ليحذروا مما "ارتكبه شباب طائش خالف ما تواثقت عليه 88 قبيلة في دارفور لنبذ الفرقة والحرب"، وناشدهم ألا يرفع أحد في بلدة كبم عصاة على أحد. ولنعد بدلاً عن ذلك للتزاوج في بعضنا، ومزج الدم، والمحاصيل والسوق.
لربما ظن السلامات وبنو هلبة أن زمالة السلاح، التي انعقدت بينهما في "الدعم السريع" لبناء سودان غير ما عاشوا تحته لعقود، منجية، لكن ظل الحال في حاله. فما اصطرعا حتى تلاشت هذه الزمالة وعاد كل فريق منهم إلى قبيلته التي تؤويه. ولم يتغير شيء سوى أنهم تأبطوا سلاحاً من "الدعم السريع" أشد فتكاً. واضطرت الحرب القبلية السلامات ذات الأزمة الوجودية في السودان إلى اللجوء في أغسطس 2023 إلى البلدة الحدودية نفسها فراراً من ويلاتها. ومع ذلك لم يعرف أي منا في التاريخين ما كان خطبهم سوى أنه ثائرة نزاع قبلي مجهول السبب لأنه لا أحد حرص على فض لغزه. والصلح خير.
عبد الله علي إبراهيم
مواضيع مهمة
علاج الحمى في الطب النبوي مشكلة مص الإصبع التفاح الأخضر .. فوائد
الضغط في العمل كيف نتناول الكزبرة؟ ميكب خدود البشرة الداكنة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.