لطمة سددها بغضب كانت سببا في وفاة زميله الذي يدرس بجامعة الخرطوم كان مسرحها داخلية خالد بن الوليد بامدرمان، وحسب رأي دائرة الجنايات فان الاسباب كانت خلافا حول شاحن موبايل ولا توجد شبهة لصراع سياسي، جريمة اول الامس جاءت حتى قبل ان تجف دماء طالبة كلية الصحة بالجامعة نفسها والتي ماتت نتيجة طعنات وجهها لها زميلها اثر خلاف عاطفي بينهما، غياب الدوافع السياسية التي ختم بها تقرير الجنايات يؤكد ان ثمة شيء جديد بدأ يغذي دوافع العنف داخل الجامعات بعيدا عن المبررات السياسية، فالمتابع لطبيعة التفاعل الاجتماعي داخل الجامعات كان دائما ما يطفو على السطح السبب السياسي باعتباره كان يجد ما يبرره في فترات سابقة ولاحقة يأتي على رأسها طبيعة تكوين النظام السياسي، وغياب ثقافة قبول الآخر واصبحت الجامعات تسبح في برك من الدماء يغذيها السيخ الذي اصبح بديلا للقلم وحتى الادبيات تغيرت فصارت الهتافات «الجامعة ما استيكه وقلم الجامعة دم» لتصبح هي ما يغذي ثقافة الصراع. الجامعات السودانية والتي كانت ساحات للتنوير تعني للشعب طريق الحياة اصبحت ساحات للعنف والصراع والاقتتال او حتى الموت ولاسباب تعد تافهة، الجامعات لا تنفصل عن الواقع الاجتماعي العام السائد فتتعامل معه وتؤثر فيه تأثيرا يجب ان يكون ايجابيا. تتداخل الاسباب وتتشابك المسوغات فما بين الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية او حتى تلك التي تتعلق بدور الجامعة، باعتبارها وسيلة للتعلم ورفد المجتمع بكوادر قادرة على قيادته نحو بر الامان والاطمئنان، الا ان الصورة تبدو مغايرة تماما لما هو مأمول ومرجو. اسباب ومسوغات الحادث تتجاوز مسألة الصراع العاطفي في مقتل الطالبة والخلاف حول شاحن موبايل في جريمة الامس. لاسباب اخرى تحتاج لاعادة النظر فيها وتناولها. الاستاذ حسن محمد صالح مدير الاعلام بجامعة الخرطوم تأسف لما آل اليه حال الطلاب وواقعهم، الا انه اكد ان المسألة هي ظواهر فردية يجب التعامل معها في هذا الاطار مضيفا ان الشاذ لا حكم له وبينما تتخذ الدكتورة النفسية اماني دفع الله حسن ان الاسباب تنطلق في الاساس من جوانب نفسية وقد يكون مرتكبها مصاباً بمرض البرنويا وهي ما يحدد تصرفاته في تعامله مع الآخرين والتي تتخذ طابع العنف دائما في سعيه لحسم الاشياء، ولم تهمل الدكتورة جانباً مهماً جدا وهو جانب الضغوط التي يجد الفرد نفسه في مواجهتها في ظل الواقع العام السائد، وهذه الضغوط دائما ما تدفع به للتهور في التعامل مع من حوله خصوصا مجتمع الرفاق والزملاء وترى ان عاملاً آخر هو عامل السن بالنسبة للطلاب وهي سن المراهقة حيث ترتبط بنظرة عدائية تجاه المجتمع من حوله وتضيف انه لا بد من دراسة الظاهرة دراسة مستفيضة تشخص الاسباب وتضع الحلول. من جانبه يرى الاستاذ محمد عبد الحافظ بجامعة النيلين ان مسألة العنف دائما ما ترتبط بنقطة محورية هي نقطة الانتقال وترتبط بالتحديث الاجتماعي والذي يتلاءم مع العنف بتعدد اشكاله النفسية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتحديث يحفز الافراد للقيام باشياء يعتقدون انهم مؤهلون للقيام بها الا انه تحدث ردة فعل عكسية عند الفشل في ذلك وهو ما يسميه حمدنا الله بالاحباط وخيبة التوقعات، حيث يأتي الفرد للجامعة وهو يتوقع تحقيق كل طموحاته من عمل وزواج الا ان الواقع الحقيقي يصدمه فيتجه نحو العنف والاحباط هو ما يقود للعنف ويكون الشخص اكثر ميلا لذلك ويعبر عن ذلك بشكل فردي او جماعي لاسباب مختلفة، كما ان طبيعة التكوين الاجتماعي تغذي العنف الجمعي كما ان المحبط كثيرا ما يتجه نحو الانتماء للجماعات المتطرفة، كما ان عملية التحول نحو التحديث يتبعها تغيير قيمي وبالتالي يحدث اختلال في مسألة الضبط الاجتماعي وهي مسألة تمر بها كل دول العالم الثالث. ومسألة العنف في الجامعات لا يمكن فصلها عن الواقع الاجتماعي عموما الا انه يرى ان سبب الكسل الاكاديمي داخل الجامعات هو واحد من العوامل المؤثرة ومسألة الكسل الاكاديمي تتوافق ومسألة اخرى هي غياب الانشطة الثقافية والاجتماعية والرياضية داخل الجامعات وهذا لا يعني غياب الظروف الاقتصادية الملائمة فمعظم طلاب الجامعات يعولون انفسهم مما يولد اسقاطات نفسية لدى الفرد، ومن جانب آخر نجد ان معظم الجامعات تعاني من غياب المرشد النفسي بالرغم من اهميته وبالتالي يتجه الطالب نحو مرشد آخر في نفس سنه ومسألة تبرير غياب وحدات الارشاد النفسي والاجتماعي لضعف الميزانيات ليست لها ما يبررها وعلى المسؤولين اتخاذ الخطوات التي من شأنها القضاء على هذه الظاهرة قبل استفحالها والمعالجات نفسها حسب رأي حمدنا الله تتم في اطار المعالجات الاجتماعية العامة وفي داخل الجامعات يجب تجاوز مسألة الكسل العام وتوفير انشطة ثقافية واجتماعية لتفريغ شحنات الطلاب حتى لا يضطروا لتفريغها في استخدام اساليب العنف، كما ان استعداد الجامعات للتعامل مع كل حاجات الطلاب بما فيها حاجاتهم النفسية من شأنه ان يساهم في معالجة الظاهرة. ظاهرة العنف في الجامعات السودانية بتعدد اسبابها وتشابكها ما بين الاقتصادي والاجتماعي والثقافي او حتى تلك المتعلقة بالواقع السائد داخل اروقة الجامعات تحتاج للتعاطي معها وفق واقع جديد يحاول وضع متاريس امام ظاهرة الموت في الداخليات وداخل ردهات القاعات وباستخدام اسرع الوسائل واكثرها فاعلية.