إبتسامته الواسعة.. وملامحه الهادئة.. كانت أبرز ما يميزه وهو ينتقل برشاقة بين أرجاء ذلك البص السياحي.. قبل أن يتجه ليستقر بمقعده بجانب السائق.. في إنتظار طلبات المسافرين الذين يستمدون من تلك الابتسامة قليلاً من الطمأنينة ليزيلوا بها وعثاء السفر.. يلقبونه ب «المساعد».. ولعلها درجة أرفع كثيراً من درجة «كمساري» التي يطلقونها على محصلي ثمن التعريفة في المواصلات العامة.. مع إن دوره لا يختلف كثيراً عن الآخر بإستثناء الدفع المقدم وهواجس الطلاب.. «كماسرة» البصات السياحية.. جزئية مهمة من العديد من انسجة المجتمع السوداني.. إنتهزنا فرصة توقف ذلك البص السياحي بمدينة الكاملين بولاية الجزيرة وإلتقينا ب «هشام عبد الجليل» كمساري البص ليحدثنا عن تلك المهنة.. بادرناه بسؤالنا حول الفرق بين كمساري السياحي والحافلات، فرد بسرعة: «إختلاف كبير، فلكي تتعين في هذه الوظيفة لابد أن تكون حاصلاً على شهادة».. لاحظ الدهشة التي كست ملامحنا.. فأضاف في ثقة : «وفي بعض الأحيان تدخل معاينات ايضاً».. سألناه عن المقابل المادي وهل هو مجزياً مقابل مخاطر الاسفار؟ فرد قائلاً: «انا شخصياً اتقاضى في الرحلات بين «40- 80» جنيهاً.. على حسب الولاية واماكن السفر.. فمثلاً الحافز لمدينة «مدني» يختلف عن حافز «بورتسودان».. قلنا له: ألا تعتبر هذه المهنة محاطة بالمخاطر؟.. فرد ضاحكاً: «يازول المعايش جبارة».. وأضاف: «المشكلة الوحيدة التي تقابلنا في عملنا هو ذلك المقعد..» مشيراً لمقعده بجانب السائق.. مضيفاً أن الجلسة الطويلة تسبب له بعض الأمراض.. وقال: (والله بعض مرات بنحسد «كماسرة» الحافلات على حرية الحركة».. قاطعتنا في تلك اللحظات صافرة البص تنادي بالرحيل.. فهب من مكانه مسرعاً للحاق به.. مستحقاً بذلك اللقب الذي يطلقه عليهم «كماسرة الحافلات» الذين غالباً ينادونهم ب «كماسرة» خمس نجوم»..