إن من يقصد الخرطوم لا سيما الأحياء الراقية منها تقع عينه على أنماط مختلفة من العمالة متعددي السحنات والألوان والأجناس يجهدون أنفسهم في إنجاز مهامهم في همة ونشاط يحسدون عليه ويبعث حالهم على طرح جملة أسئلة مثل أين عمالتنا المحلية ؟ ولماذا هجرها أصحاب العمل ولجأوا إلى استقدام عمالة أجنبية ؟ علما بأن جل إن لم يكن المهن التي يعمل فيها الأجانب مقدور عليها محليا ولاتحتاج إلى عمالة وافدة تمتلك المهارة والناحية الفنية فيها ! فهل النظافة وتقليم الأشجار والتمريض مثلا تعجز عمالتنا المحلية عن إنجازها ؟وهل وضعت الجهات المستقدمة للعمالة الأجنبية الآثار المترتبة عن مقدم العمالة الأجنبية ( اقتصاديا - اجتماعيا - أمنيا - سياسيا ) في حسبانها ؟ كل هذه التساؤلات وجدت حظها من النقاش المستفيض والتداول الشفيف في الورشة التي عقدها الاتحاد العام لعمال السودان بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت والثقافة العمالية في الأسبوع الماضي . وقد أمنت الورشة على أن العمالة الأجنبية ليست كلها شر مستطير يستوجب المحاربة بل إن فيها من اكتساب الخبرة والقدرات لعمالتنا المحليةلاسيما في المجالات التي نفتقر فيها لعمالة محلية مدربة قادرة على أداء العمل بجودة مثل اللحام تحت الماء . إلا أن العمالة الأجنبية لها من المثالب مايستدعي الوقوف عندها والحد من خطورتها اقتصاديا واجتماعيا وصدحت بعض الأصوات أن العمالة السودانية بخير وقادرة على العطاء في كل الجبهات والمهمات وطالبت تلكم الأصوات وزارة العمل بتفعيل قانون العمالة الأجنبية خاصة الفقرة التي تقول لا يجوز استخدام أي أجنبي في أي مهنة يستطيع القيام بها عامل سوداني . بجانب أن يدرب العامل الأجنبي عاملا سودانيا فنون مهنته . وألقى البعض باللائمة على ضعف المناهج التعليمية وعدم مقدرة مخرجاتها على مواكبة متطلبات سوق العمل وطالبوا بتعديلها . وأرجع البعض تدفقات العمالة الأجنبية على السودان للثورة الاقتصادية التي تنتظمه لا يما بعد استخراج البترول السوداني وقالوا إن العمالة الأجنبية تعتبر من إفرازات العولمة الاقتصادية التي تسمح بتداول وانتقال الرساميل بين الدول وانتقال التكنولوجيا وكذا العمالة الأجنبية المدربة . إذن في ظل هذه المعطيات المتداخلة والمتشابكة يكون صعبا على كل ذي بال أن يرجح كفة أي من ايجابيات أو سلبيات العمالة الأجنبية ليبقى علينا التعامل معها بحذر ليتسنى لنا جني ثمارها والهروب من الوقوع في دائرة مساوئها .وهذا الدور يقع على عاتق وزارة العمل والداخلية واتحاد نقابات العمال واتحاد أصحاب العمل .