يحرص أغلب السودانيين المقيمين بالمملكة العربية السعودية على تناول «الكسرة»، خاصة عند نهاية الأسبوع، بوصفها وجبة شعبية لا يمكن الاستغناء عنها. وفي ظل تعلق السودانيين بالأكلات الشعبية، نشطت مجموعة من النساء في صناعة الكسرة والتقلية، والخدرة والبامية.. وقد اتخذن من سطح احدى البنايات بشارع غبيرا الشهير مقراً لهن.. وسط اقبال كبيرة من السودانيين وجنسيات اخرى أحبت تناول «الكسرة بالويكة»!! عنايات إبراهيم: الرياض يحدثني ود النصيح وهو من قدامى مغتربي مدينة الرياض عن مواظبته وتردده الدائم كل يوم جمعة على حي غبيرا منذ حرب الخليج الأولى «1990م»، وكيف انه يصعد ذلك الدرج المنصوب على اشهر مبنى للكسرة في الرياض في رشاقة يحسده عليها الشباب، وكيف أن ذلك الدرج يؤدي به الى سطح الذي اتخذته كل من التومة وست النفر بقيادة الحاجة أم محمد مكاناً لإعداد الكسرة. ويقول عن ذكرياته مع الكسرة بمدينة الرياض: اذا لم تأت مبكراً بعد صلاة الجمعة مباشرة فلن تجد لك مكاناً تقف فيه لانتظار دورك لأخذ الكسرة التي اعدت لها ام حسن ملاح التقلية وام رقيقة والبامية او الخدرة المفروكة، حيث يكون التزاحم على الكسرة شديداً، والواقفون على مداخل السطح يرمقون بحسد أولئك النازلون من السطح وهم يمسكون بأكياس الكسرة. تقول أم محمد وهي تجلس على سطح قد نصبت عليه أوضة وثلاث رواكيب عرشت ببعض الأخشاب ووضعت في كل راكوبة صاجاً «دوكة» للعواسة، وزودت كل دوكة بموقد غاز بعد أن أحيط بسياج من الطوب وبعض اللبن، وتجلس قبالة كل دوكة واحدة من ستات الكسرة، وقد تناثرت حولها بعض الهواتف الجوالة، وبجوار كل واحدة منهن يقف صبي من البنغالة يحرك عوداً أدخل في احد «البراميل» و «يسوط» العجين، وبعد تحريك العجين جيداً يزود به ست الكسرة عندما يلاحظ أن الامداد من العجين قارب على النفاد.. وتدور عجلة صناعة الكسرة في ذلك السطح بمهارة فائقة.. تقول إنها سعيدة بمهنتها، التي تجمع السودانيين من كل حدب وصوب وغير السودانيين. وعبر «الصحافة» . صفحة «مع المهاجر» أجرينا الحوار التالي مع أم محمد فماذا قالت؟ ٭ متى كانت البدايات في مجال بيع الكسرة؟ منذ أن قدمت الى السعودية، أعمل في مجال بيع الكسرة في منطقة صغيرة.. وكان زبائني قليلين.. وبديت بالجيران والمعارف.. من سطح منزلي الصغير.. ولم يمض وقت طويل حتى اشتهرت والتف حولي عدد كبير من الزبائن.. واكتسبت سمعة طيبة لكوني أعمل بإخلاص وتفانٍ.. وبنفس طعم كسرة البيت.. وحينما تطور العمل استعنت بقريبتي التي أبدت استعداداً كبيراً.. ولما زاد الطلب استعنت بأيدٍ عاملة اضافية، وغيرت السكن لسكن بسطح أوسع. والآن نعمل بحمد الله، ولا نستطيع تقديم جميع الطلبات في ظل الاقبال الكبير. ٭ لماذا لا تجلبين نساءً للعمل وتكتفين بالإشراف عليهن بعد هذه السنوات الطويلة؟ لن استطيع ذلك لأن المهنة اضحت تجري في دمي، ويصعب على ان اكون مطمئنة ان لم «اعوس الكسرة» بنفسي، فضلاً عن ان الزبائن ان لم يجدوني في الموقع سوف يذهبون بلا عودة. ٭ ما هي المشكلات التي تجابهك وانت تؤدين هذه العمل؟ لعل أبرز ما يجابهني موقف ابنائي وبناتي فهم يرون ضرورة ان ارتاح بعد رحلة عمل طويلة، ولكنني لن استطيع فعل ذلك، حيث اجد راحتي في هذا العمل، ومن المشكلات التي تحدث بين فترة واخرى تأخر النساء اللائي يعملن معي، او تأخر الذين يقومون بتوصيل الطلبات الى المطاعم. ٭ ماذا عن أسعار «الكسرة»؟ حقيقة أسعار الذرة ارتفعت كثيراً في الآونة الأخيرة، كما أن استجلابها من السودان فيه تكاليف كبيرة لجهة الشحن والتخليص، الى جانب ارتفاع مرتبات العمال والعاملات، فكل هذه الاسباب تجعل سعر الكسرة يرتفع. ٭ أي الايام اكثر ازدحاما لديكم؟ يوما الخميس والجمعة اكثر الايام ازدحاماً، حيث نظل في حالة عمل متواصل منذ صلاة الفجر، وكذلك تجهيز أصحاب السيارات الذين يعملون على توزيع الكسرة على المطاعم المتعاقدة معنا. ٭ هل ليك زبائن من غير السودانيين؟ «ردت بحماس»: طبعاً يأتي إلي يمنيون وإثيوبيون وسعوديون.. والسعوديون يمزحون حينما يسألون «عاوزين كمونية». وقبل أن نبارح أم محمد تجاذبنا أطراف الحديث مع مجموعة أخرى من العاملات في هذا المجال، وقد عبرن عن سعادتهن بمهنتهن التي تدر عليهن أرباحاً كبيرة.