أم .. كلمة من حرفين قليلة في عددها كبيرة في معناها وضخمة في حجمها وحقيقتها .. قبل يوم من كتابتي لهذا المقال كنت أحمل جهاز التحكم عن بعد الخاص بالتلفاز واقلب في القنوات كما يتصفح الملول المجلات رغبة في كسر الزمن فعندما قلبت القنوات لفتتني احدى البرامج المصرية التي تتحدث عن عيد الام توقعت ان يمتلئ قلبي بالفرح فليس هناك فرحه اجمل من عيد الام ولكن ما قتلني بالمعنى الحرفي هو عكس ما توقعت امهات في دار المسنين بلا ابنائهم يدعون الله ان يعجل في انتهاء اعمارهن وأن يأخذ الله امانته لأنهن بلا حياة . ابنائهم لا يسالون عنهن لا بخير ولا بشر حتى ان بعض الامهات ذهبن الى دار المسنين بأنفسهن خوفا من نساء ابنائهم ورجال بناتهم وخوفا من ضرب ابنائهم وبناتهم المبرح لهن وكائنهن لم يعلموهم او يربوهم او ينفقوا عليهم ليصلوا الى ما هم فيه الان. تعجبت عند متابعتي الى قصة احدى الامهات والتي تحمل شهادة الحياة ربت ابنها الطبيب المعروف ورفضت الزواج من بعد انفصالها عن ابيه السكير المقامر وقررت تعليمه في افضل المدارس بالعمل في ثلاثة وظائف حتى توفر له كل ما يحتاجه ولكن للأسف جزاء سمنار سبق كل ما اشتهته الام من الحياة وكل ما زرعته من امال وكانت النتيجة انها حصدت الضر والكرة فقد تزوج الابن الطبيب من سيدة الاعمال صاحبة الاموال والتي وجد في اموالها الجنه حسب قولها وكانت مكافئته لها بطردها من منزل زوجته المسجل باسمها من بعد ما باع منزل الام لدفعه كمهر للزواج من سيدة الاعمال ففي احدى الايام وجد الجار الام تجلس على السلم باكية وجائعة سألها ما بك يا خاله ؟ قالت له : رجعت من تحفيظ القران متأخرة ولم اجد من يفتح لي الباب فزوجه ابني في هذا الوقت تأخذ قيلولتها ولا اريد ان ايقظها حتى لا تشكيني لابني الذي يبادر دائما بضربي لأتفهه الاسباب في سبيل رضا زوجته سيدة الاعمال. حينها اتصل الجار بالطبيب ابن الام و اخبرة عن جلوس امه على السلم وكانت المفاجأة بان الطبيب يطلب من جارة ان يستضيف والدته بمنزل الجار وعندما يعود من العمل سيدخلها منزله بالمفتاح الخاص به حينها حدث اغرب ما في الخيال وهو ان الام قد استضيفت سنتين في بيت الجار دون عوده ولو لدقيقة الى منزل ابنها الذي لم يسال عنها والذي دفع للجار مبلغ بسيط مقابل ادخلها دار المسنين لزوم رسوم الاجراءت وغيرها فما كان من الجار إلا ان ينفذ وصية الابن الطبيب لان الجار حظي بعمل خارج المدينه التي يسكنها هو وزوجته وبعد مرور السنين عندما سالت المذيعه الام عن احساسها في عيد الام سالت دموعها وكأن نهر صامت ينهمر من عيناها قائله لعنه الله على من شقت له بطني على من ارضعته من ثدي على من اخذت لقمه الطعام من فمي ووضعتها في فمه . قصه المتني جدا من بعد متابعتي لها في البرنامج فخففت عن نفسي ان هذه الامور لا تحدث في وطني الحبيب السودان وحتى ابرهن لنفسي التي كانت تشك في صحة كلامي ذهبت الى دار المسنين بالعاصمة السودانية وقابلت ماما بخيته التي تبكي من انها بحاجه الى اربع جنيهات تشتري بها دواء يمسح على جسدها لتخفيف الام الروماتيزم وان اولادها لا يسالون عنها وحينما تأتي بنتها مرة كل عام تخبرها كاذبة بأنها لا تملك النقود وان ثمن دوائها المسعر بأربع جنيهات يساوي المئات و انها لا تملك المال لأنها خسرته في التجارة . وحينما ذكرت لي اسم ابنتها اكتشفت انها جارة قريبي في العاصمه و انها تسكن بحي راقي في بيت ملك بجوار منزل قريبي وأنها ارسلت والدتها الى دار المسنين لان امها تحرجها بمرضها الذي من اعراضه التبول اللا ايرادي والذي يتطلب عملية خارج البلاد حيث قررت الابنة توفير الاموال لشراء المنزل الراقي الذي تسكنه وشراء سيارة اخر صيحة وغيرها من اتفه الامور حينها اكتشفت انه لا بد لنا من توعية الابناء بعظم اجر الحنان والعطف على الام لان ارحم من في الارض يرحمك من في السماء . خاتمه: حتى لا يكون كلامي يتحدث عن الجانب المظلم ادعو الله ان يطيل بأعمار امهاتنا وان يديم عليهن نعمة الصحة وان يقوينا بالإيمان حتى نعامل امهاتنا معاملة حسنه فرضا الام من رضا الرب وأقول لامي ست الحبايب منى الطيب عابدين عيد ام سعيد حبيبتي فلن انسى ما فعلته لي حرمت نفسك من كل شي وكبرتني وعلمتني وانفقتي علي وأن درجه الماجستير التي احملها هي درجه تعبك وسهرك عليا وعملك كأم وكاب لي ولأختي وأخي من بعد وفاة والدي المرحوم فريد ابو الفتوح حيث اقول جميلك لا ينسى فأنت شرف وفخر كل ام سودانية مثابرة خافت الله في ابنائها اختم حديثي بجملة عنوان مقالي بكل فخر يا امي انت امي واعتز بك من يوم ولادتي وحتى مماتي (احبك) . بلسم فريد ابو الفتوح