العقوبات الأمريكية التي فرضتها واشنطن وفرضت بها نفسها على البلاد دون معالجة الأمور في إطار منظمة الأممالمتحدة ذات المقر في نيويورك كانت عام 1997م.. وواشنطن تعلم أن ذاك العام كان في فترة سياسية معينة انتهت في الثاني عشر من ديسمبر عام 1999م. عام التسعات الطويلة. لكن العقوبات التي كانت في تلك الفترة امتدت إلى الفترة التالية من ذاك اليوم إلى 9 يناير 2005م. وإذا قلنا إن هاتين الفترتين بالنسبة لواشنطن «أحمد وحاج أحمد» فإن الفترة الثالثة من يناير 2005م إلى اليوم لا ينبغي أن تستمر فيها العقوبات وتجدّد. لأنها جاءت بعد إدخال اتفاقية نيفاشا حيز التنفيذ فاستعدلت العلاقات السودانية الغربية وأجريت الانتخابات والاستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان. لكن هل تنظر واشنطن للفترات الثلاث من عام 1989م إلى الآن بأنها «أحمد وحاج أحمد وعم أحمد»؟! ها هي تجدد العقوبات رغم الفرق الكبير جداً بين الفترتين الأولى والثالثة، ولا يمكن أن تكون هذه الفترة هي فترة رابعة لأنها جاءت بعد إعلان الانفصال لأن انفصال الجنوب أصلاً كان عملياً منذ 2005م أما ما جاء بعد ذلك من تقسيم للسلطة في الخرطوم، فكان يعني لحكومة الخرطوم الأمل العريض في استمرار الوحدة وكان يعني لقادة الحركة الشعبية نزهة سياسية في الشمال على حساب دافع الضرائب السوداني. إذن خاب من حمل أملاً كان يمكن أن تستشرقه اتفاقية نيفاشا بشأن العقوبات المفروضة على السودان من عام 1997م إلى عام 2005م، والتي استمرت مفروضة على شماله فقط من عام 2005م إلى عامنا هذا. ففترات ربع القرن الثلاث عند واشنطن إذن هي «أحمد وحاج أحمد وعم أحمد». هذه هي العاصمة الأمريكية التي تقود عواصم العالم إلى جحيم الظلم، فلماذا تعجز كل عواصم الاتحاد الأوروبي باستثناء لندن طبعاً عن مواجهة الظلم الأمريكي وعن ازدواجية معايير واشنطن في السياسة الخارجية؟! موسكو استطاعت أن تتحدى واشنطن حيال سوريا ليستمر قتل وجرح المواطنين السوريين، لا أقول لماذا تعجز عن أن تتحدّاها في «الظلم الدولي».. لكن لماذا تتجاوب واشنطن مع الصوت الذي ينادي باستمرار الظلم والقتل والدمار ولا تتجاوب مع نداءات السلام في إفريقيا المنطلقة من اتحاد دولها أو من دولها كل على حدى؟!. هل السبب هو ارتماء أو رمي الإدارة الأمريكية في كل دورة انتخابية في كنف المشروعات اليهودية التآمرية. ثم هل يعني حتى التجاوب مع المشروعات اليهودية أو التطبيع مع اليهود في الأرض العربية المحتلة هل يعني رفاهية المواطنة في نهاية المطاف؟! انظر الآن إلى تأثير معاهدة كامب ديفيد في مصر ألم يعاني المواطنون المصريون بسبب حماية هذه المعاهدة في فترة مبارك وبعد انقلاب السيسي أكثر من معاناتهم من حروب «التحرير» و«مقاومة الاحتلال»؟! المهم في الأمر هو أن واشنطن قد حدّدت «الثمن السياسي والأخلاقي» لرفع العقوبات وهو معروف طبعاً.. لكن يبدو أنها ستنتظر طويلاً إلى أن تجتاحها مصيبة هذه المرة ليست متواضعة مثل أحداث سبتمبر أو حرائق تكساس أو تفجيرات ديترويت. الثمن غالي جداً يا واشنطن.. نرجو التخفيض. صحيفة الإنتباهة