تعتبر التجارة الخارجية شريان الحياة للدول وذلك لارتباطها بانتعاش الناتج المحلي الإجمالي مما دفع كثيراً من الدول لوضع التجارة الدولية في سلم أولوياتها وإدراجها ضمن الخطط التنموية للدولة خاصة أن درجة القوة التجارية تعكس قوة الدولة الإنتاجية، ولذلك نجد التبادل الأكبر من التجارة الدولية يكون بين الدول الصناعية المتقدمة وذلك بسبب قوة دخل المستهلكين ووجود الكثير من الصناعات المتخصصة. مدير إدارة الصادرات بوزارة التجارة الخارجية عبد العزيز أبو طالب أشار خلال ورقته بعنوان (التجارة والتمويل وأثرها في تنمية الصادرات) في الندوة التي نظمتها إدارة المعارض ببري مع وزارة التجارة الخارجية بمعرض الخرطوم الدولي في دورته الحالية رقم «31» أشار إلى أنه خلال عام «2012» انخفضت مساهمة التجارة في الناتج المحلي الإجمالي من 8.9 في عام 2011 و8.8 /2012 بالمقارنة مع عام 2011 ما جاء فى تقرير بنك السودان المركزي بسبب الظروف التي شهدتها البلاد بعد انفصال جنوب السودان الذي أدى إلى تدهور العديد من القطاعات الاقتصادية المتخلفة، كما بلغ العجز في الميزان التجاري حوالى 6 مليارات دولار في العام 2012 نتيجة لخروج البترول من قائمة الصادرات والذي كان يشكل فيها أكثر من 80% من عائدات الصادر، أما في مجال الميزان التجاري نجد رغم تمتع السودان بموارد اقتصادية مقدرة زراعية ومائية وحيوانية وتعدينية وغيرها إلا أن معظم صادراته تقليدية تتم كمواد خام مع بعض الصادرات الصناعية البسيطة وتشمل تركيبة صادراتنا سلعا زراعية بشقيها الأساسي مثل السمسم الذرة صمغ عربي وسلع واعدة مثل السنمكة والخضر والفاكهة بجانب سلع صناعية مثل الأدوية الجلود الزيوت السكر وغيرها. وكشف أن الصادرات السودانية تعاني من اختلالات هيكلية أقعدت به عبر السنين الماضية من القيام بدوره بسبب عوامل داخلية وعوامل خارجية، وتمثّلت العوامل الداخلية في عدم استقرار في السياسات الخاصة بالصادرات نتيجة للتدخل الحكومي في فتح وحظر الصادرات من فترة لأخرى وخلق حالة من عدم المصداقية للصادرات السودانية في الأسواق العالمية، بجانب ذلك لا توجد إستراتيجية واضحة لإزالة كل المعوقات التي تعترض تنمية وتطوير وتنويع الصادرات السودانية بسبب تداخل الاختصاصات بين الجهات المهتمة بعمليات الصادر رغم أن المرسوم الدستوري رقم «29» حدد الاختصاصات بصورة واضحة إلا أنه في الواقع تعدد الجهات أدى إلى عدم تنظيم عمليات الصادر وضعف في الصادر مما أضعف الشق التسويقي للصادرات السودانية بالأسواق الخارجية، هذا فضلاً عن تدهور في المواصفات وخواصها في السلع السودانية وتفضيل المنتج المحلي للسوق المحلي الذي يتمتع بقدر كبير من الحماية والتدني في الإنتاجية نتيجة لضعف العمليات التسويقية وعدم ثبات الأسعار الذي يعتبر تكلفة الإنتاج للصادرات السودانية بالمقارنة مع مثيلاتها من السلع الأجنبية إضافة إلى تدهور البنيات التحتية الأساسية في المؤسسات الإنتاجية للسلع المصدرة وعدم كفاءة التنظيمات العاملة حالياً في قطاع الصادر من حيث التخصص في تصدير السلع والدخول للأسواق الخارجية مما خلق حالة من التنافس غير الشريف بين المصدرين وعدم الاهتمام بالتعبئة والتغليف لدورها الكبير في حماية الإنتاج المحلي ومقابلة احتياجات الجودة وكفاءة السلع، أما في مجال العوامل الخارجية فتمثلت في ارتفاع الرسوم والجبايات والسياسات الاقتصادية وضعف في التسويق بين السياسات المالية والنقدية والتجارية أثرت بصورة سلبية على أداء قطاع الصادر خاصة السياسات المتعلقة بالضرائب أو الرسوم أو التي لها علاقة باستقرار سعر الصرف أو احتواء التضخم لأهمية هذه السياسات في استقرار قطاع الصادر إضافة إلى ضعف الموارد التمويلية بآجالها المختلفة، بجانب عدم توفر التمويل الكافي للصادرات السودانية من البنوك سواء في جانبيها الإنتاجي والتسويقي مما يشكل عقبة كبرى لتقدم الصادرات ونموها، أما في مجال الصادر فإن رصيد التمويل المتاح من البنوك يتراوح بين «2%» إلى «3%» خلال الفترة «2006» إلى «2012» من إجمالي التمويل المتاح ورصيد التمويل للقطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية يتراوح ما بين «9%» إلى «12%» وقطاع التجارة المحلية والأعمال الأخرى كانت نسبة تمويلهم «11%» إلى «53%» وهو السبب في انخفاض نسبة التمويل لقطاع الصادر والقطاعات الإنتاجية إلى ارتفاع المخاطر لذلك لا يفضل القطاع المصرفي تمويل قطاعات فيها نسبة مخاطر أقل وسريعة العائد مثل شهادات شهامة وغيرها إضافة إلى أنه لا يوجد بنك بحكم نظامه الأساسي ولوائح تأسيسه متخصص في تمويل الصادر فقط بجانب الموارد المتاحة للبنوك التجارية قصيرة الأجل ولا يمكن أن تقابل التمويل متوسط الأجل أو التمويل الموجه لاحتياجات البنية التحتية أو الأصول الإنتاجية للسلع التصديرية بجانب ضعف انفتاح الجهاز المصرفي على مؤسسات التمويل الخارجية وعدم توفر ضمانات تغطية الاستقطاب خطوط التمويل من تلك المؤسسات مما ساهم في عدم تأهيل الأصول الإنتاجية القائمة أو إنشاء أصول جديدة لزيادة الطاقة التصديرية. صحيفة الإنتباهة محمد إسحاق