بعيداً عن السياسة وقريباً من وجع اللاجئين الجنوبيين، الذين لازالوا عالقين على الحدود بين بلادهم القديمة والجديدة، بعد أن ملأتهم الآمال والطموحات بالانتقال لوطن جديد آمن، وجدوا أنفسهم عالقين داخل رحى وضع مأساوي، فإما أن يبقوا داخل بلاد ستزهِق أرواحهم، أو يعودوا لديارهم القديمة ويقبلوا بوصف لاجئ، وهذا ما حدث، فلازال اللاجئون الجنوبيون يعيشون في مخيمات على الحدود بين السودان وجنوب السودان، ولا يدري أحدهم كم سيدوم هذا التشرد والوجع، لكن أبناء هذه البلاد لم يرضهم تشرد إخوتهم الجنوبيون فقاموا بمبادرات عدة اختلفت مسمياتها واتفقت على مساعدة اللاجئين، منها "حق الخوة والجيرة"، "السودان بالسودانيين"، وحملة "فضي دولابك"، كلها تحت مظلة "الهلال الأحمر السوداني". أفادتنا الأستاذة أسماء خوجلي يوسف/ مديرة إدارة التعاون الدولي ورئيس لجنة مبادرة "السودان بالسودانيين" في الهلال الأحمر السوداني: البلاد تعاني من مشاكل عدة، أو بالأصح كوارث طبيعية، وعلى سبيل المثال فيضانات الخريف الماض، الجفاف الذي ضرب غرب البلاد وولاية البحر الأحمر، إلى جانب العديد من أزمات الفقر واللجوء التي تحتاج إلى تظافر وتكافل جميع أفرد المجتمع، ومن هذا المنطلق استثمرنا طاقات الشباب الذي تقدم بعرض خدماته إلى أقصى حد، هذه المجموعات الشبابية التي قدمت مساعدتها لهذا الوطن حباً وكرامة، ودون أن يطلب منهم أحد هذه الخدمة، وواصلت تضافر معنا شباب حملة (فضي دولابك) للوقوف مع إخواننا الجنوبيين في محنتهم، التي دفعتهم للهروب من الأحداث التي دارت رحاها في الجنوب، ليعلقوا في الحدود بين الشمال والجنوب، جاء ذلك بالتعاون مع المبادرة التي أطلقها الهلال الأحمر (السودان بالسودانيين)، ومبادرة الإعلام للجميع التي جاءت تحت عنوان (حق الخوة والجيرة) لدعم ومساندة الجنوبيين العالقين على الحدود. واستطردت أستاذة فاطمة قائلة: فكرة دعم اللاجئين الجنوبيين جاءت من مقترح إعلام للجميع، ورغم أن السودان تواجهه الكثير من المشاكل، إلا أنه يمتلك الكثير من العقول التي تمتلك أفكار مبهرة، إلى جانب من يمتلكون أموالاً ولديهم الرغبة في مساعدة الآخرين، لكنهم يحتاجون لتوجيهها إلى الاتجاه الصحيح، والهلال الأحمر بحكم عمله ملزم على تقديم يد العون للاجئين، لذا بدأنا في تنفيذ المبادرة على أرض الواقع منذ شهرين، شرع الجميع فيها من جمع للمواد الغذائية والعينية، الملابس، الأدوية، جاء الدعم من جهات عدة منها " دال الغذائية، مجموعة حجار، فريقا المريخ والهلال، واتحاد الكتاب والفنانين، إلى جانب إسهامات المواطنين". وواصلت حديثها كثيرون من أبناء هذا الوطن تملؤهم روح العطاء لدرجة تشرح قلوب الآخرين، مثل شباب حملة فضي دولابك الذين يأتون لمقر الهلال الأحمر في أيام عطلتهم، في يومي السبت والجمعة ليقوموا بجمع، تنسيق، ترتيب الملابس دون أن ينتظروا من أحدهم كلمة شكر، وعبرت عن سعادتها بهؤلاء الشباب قائلة هم مثال للشباب الواعد والطموح الذي يمكنه أن يعلي من شأن هذا البلد، ونحن في الهلال الأحمر خصصنا مكتباً في مقر الجمعية الرئيسي، مكتمل بكل أدواته والاته المكتبية لمثل هذه المجموعات، معلنين عن استعدادنا لاستقبالهم في أي وقت. استقبلنا محمد عبد الله - منسق الحملات بالمجموعة - وأحاطنا علماً بالمجموعة قائلاً فضي دولابك مجموعة شبابية طوعية بدأت في العام 2010م، يعمل فيها الشباب طوال العام على جمع الملابس، لنقوم بتوزيعها في الظروف العادية بأيام الأعياد وابتداء المدارس في فصل الشتاء، أو في الظروف الاستثنائية مثل أيام الفيضانات ومساعدات اللاجئين الحالية، وهذه الحملة تعد ال 16 منذ بداية المجموعة، ستتوجه للنيل الأبيض خلال مارس الجاري لتشمل معسكر (علقاية) الموجود بمنطقة جودة، والذي يضم 800 لاجئ، وكذلك معسكر آخر بمنطقة أم جلالة الذي يضم 10800 لاجئ، وأردف قائلاً كان من المفترض أن تنطلق الحملة في مطلع مارس لكنها أُجلت إلى آخره، لأن الملابس الموجودة بالكاد تكفي 4 آلاف لاجئ. وأضاف إن هذه الحملات مستمرة طوال العام، هنالك حملة (فرحة العيد)، وحملة (غطي أخوك)، ولأننا لا نملك مقراً ثابتاً نقوم بالإعلان عن الحملات في الفيس بوك، ومن ثم نجمع التبرعات، ونعلن عن مكان الفرز، لننقل الملابس فيما بعد للمغاسل الأتوماتيكية لتُغسل وتعقم، ثم نرتبها ونجمعها في أكياس، ومن أكثر العقبات التي تواجهنا ثمن الأكياس والغسيل، الذي نقوم بجمعه بمجهودات الأفراد الذاتية، وقبل هذا مدتنا شركة mtn بالأكياس التي نجمع فيها الملابس، لتوزع على المحتاجين بشكل محترم. وقال أسعد المونة- عضو بحملة فضي دولابك حملتنا تجمع متطوعين من كافة المجموعات الشبابية مثل: تعليم بلا حدود، شارع الحوادث، ديل أهلي.. وغيرها من المجموعات، فذات الشباب الذين ترينهم وهم منهمكون في ترتيب الثياب وجمعها هنا، سترينهم في فعاليات إنسانية أخرى، (فالمتطوع هو المتطوع) لا يحتاج لمكان أو مسمى كي يقوم بعمل الخير. ووافقته الرأي هبة محمود - التي استطلعتها وهي منهمكة في ترتيب وتطبيق الملابس، وواصلت قائلة: أنا أنتمي لمجموعة ديل أهلي لكن احتياجات الآخرين لا ينبغي أن تحدها مجموعات أو تقيدها منظمات، وسنظل نعمل وكلنا حب ورضاً عما نفعله، يكفينا أننا نحاول مساندة إخواننا وشركائنا في هذا الوطن تقرير - نمارق ضو البيت: صحيفة اليوم التالي