* كثيرةٌ هي التحديات التي تواجهكم؛ لكن ما الذي يشغل بال الحكومة في هذا الوقت؟ - أكثر ما يؤرق الأمن في ولاية جنوب دارفور، الحركات المسلحة والمتفلتين، والصراعات القبلية التي انتشرت في الولاية، همومنا الآن تتمثل في إخراج الولاية من حالة الحرب، إلى اتجاه السلام والتنمية، ويجب إخراج الأعداء من المناطق الاستراتيجية في الولاية.. * ما الخطوات التي قمتم بها لدفع الحركات للجلوس معكم؟ - رسالتنا للمتمردين أننا أبناء منطقة واحدة، يجب أن نجنح للسلام، ونعمل من أجل مصلحة المنطقة وإنسان دارفور الذي عاني من الحرب، وكررنا هذه الرسالة في عدة مؤتمرات ومناسبات، وقلنا وقتها نحن مستعدون للتفاوض، وكل من يمتلك سلاحاً مستعدين لاستلامه ودفع قيمته ودمج المتمردين والمسلحين في المجتمع.. لكن البعض درج على نقل رسائل سالبة عن المجتمع الدارفوري، وإعاقة كل عمليات التحول نحو السلام.. * لماذا لم تحسم الحكومة هذه التفلتات الأمنية في الولاية؟ - ليس هناك حكومة قائمة تقبل بمثل هذه التفلتات، حاولنا جاهدين حماية المواطنين، واستعنا بقوات الدعم السريع، ونجحنا في إجبار المتمردين على التراجع.. * ما هي قوات الدعم السريع؟ - قوات الدعم السريع هي قوات حكومية، أصولها من المنطقة وكوادر تم تجنيدهم بأورنيك ( 5 أ)، تم تدريبهم وساهموا في النيل الأزرق وجنوب دارفور، نعم هناك بعض المشاكل حدثت من هذه القوات، وخاطبنا قادتهم وقتها، بأن هذه القوات هدفها حماية المواطنين وثرواتهم، واستجابوا لنا في ذلك.. * تظل الاتهامات قائمة في اعتداءات تقوم بها بعض المليشيات التابعة للحكومة؟.. - كل ولايات دارفور في حالة حرب، والأعداء يحاولون تشويه صورة الحكومة، ويقومون بحرق القرى وممتلكات المواطنين، ويقولون إن مليشيات الحكومة هي من قامت بذلك، وأثناء دخول قوات الدعم السريع الولاية، قلنا للمواطنين إذا حدث تجاوز من هذه القوات يجب عليهم إخطار حكومة الولاية، ولم تحدث تفلتات حتى لحظة خروجهم من المدينة.. بعد دخول الحركات المسلحة لمنطقة (ساري دليبة) تم نهب ( ۳) ألف رأس من الماشية، اتصل علينا الشرتاي، وخلال ساعة استطاعت قوات الدعم السريع أن تلحق بهم وتستعيد الماشية التي تم نهبها.. * ما وضع الحركات المسلحة الآن في ولاية جنوب دارفور؟ - الآن ولاية جنوب دارفور خالية من التمرد، ماعدا منطقة مدخل الجبل، انتقلت الحركات إلى شمال دارفور، مرحلتنا القادمة تتمثل في العودة الطوعية، وتوفير الصحة والتعليم لمواطن المنطقة، ومهمة القوات الآن تأمين القرى، والنازحين أيضاً يحتاجون للحماية والغذاء والكساء.. * وقعتم صلحاً مع (الزاكي) ما علاقة ذلك بحركة عبد الواحد؟ - عبدالواحد محمد نور صنعه البعض من تجار الحرب ليكون (بُعبعاً) في ولايات دارفور، وفي الحقيقة ليس له وجود على أرض الواقع، وما يقوم به ليس عملاً ثورياً، ولا يمكن أن تقوم بتدمير سيارات المواطنين والقرى، وتكون ثورياً.. وتوقيعنا مع (الزاكي) لا علاقة له بعبد الواحد.. * هل يُمكن أن يأتي الاستقرار والسلام في الولاية عبر بوابة الحرب؟ - عندما يأتي السلام عن طريق الحوار، نعتقد أنه أجدى للشعب السوداني، نحن نسعى للسلام وطرحنا مبدأ الحوار على الحركات المسلحة، لكن المستفيدين من الحرب، يقفون ضد هذه الجهود، وهناك شباب نشأوا في وضعية الحرب، كل هذه الأسباب تعيق المجهودات التي نقوم بها لبلوغ السلام.. ونقولها مجدداً.. مازلنا في انتظار حملة السلاح للجلوس والتفاكر حول السلام، ونتمنى أن نطوي صفحات هذا الملف.. وإذا أقنعنا شخصاً واحداً بأن نضع السلاح، نعتبر ذلك خطوة في طريق السلام.. * انتشار السلاح في أيدي المواطنين والمتفلتين، ما هي خطوات الولاية للحد من هذه الظاهرة؟ - نسعى للحد من انتشار السلاح بالولاية.. وحتى بالنسبةو للحركات المسلحة التي وقعّت، كان الأمر يتم خطوة بخطوة، لمد جسور الثقة بيننا وبينها، حتى يتم سحب السلاح نهائياً ودمجها في قوات الولاية أو تسريحها.. * لكن المواطنين أيضاً يمتلكون السلاح.. - (نعم).. المواطن متخوّف من الظروف التي مرّت بها الولاية، وفي إطار سعيه لحماية أسرته وممتلكاته، يسعى لأن يمتلك السلاح، لذلك يمتلك المواطن في الولاية السلاح، ولا يمكن أن نطالبه بتسليم سلاحه، ما لم نُحقق له الأمن والاستقرار.. لكن هناك متابعة من حكومة الولاية، والسلاح يتم تسجيله لدى القيادات الأهلية.. * ارتفاع أرقام البلاغات في جرائم القتل.. هل له علاقة بانتشار السلاح؟ - نعم.. البلاغات كثيرة لكن مقارنة بالسابق نشهد تراجعاً كبيراً.. وانتشار الجريمة يأتي في ظل ظروف معقدة بالولاية، منها انتشار السلاح والفجوة الغذائية، وحقيقة إنسان دارفور أصبح بين سندان الحركات المسلحة، ومطرقة الحكومة، حيث يمكن أن يتعرض المواطن لهجوم من الحركات المسلحة، وعند فراره وملاقاته للقوات الحكومية يعتقدون في كونه متمرداً أو من المتفلتين.. * معرض نيالا التجاري، تُرى هل الوقت ملائم لمثل هذه التظاهرة التجارية؟ - معرض نيالا التجاري تظاهرة درجت عليها الولاية خلال السنتين الماضيتين، وبتنظيمنا للمعرض نستهدف إرسال عددٍ من الرسائل، منها أن ولاية جنوب دارفور ولاية آمنة، تعريف ولاية جنوب دارفور للمستثمرين، وأن هذه الولاية غنية بمواردها الطبيعية التي تؤهلها لأن تكون رائدة في مجال الاستثمار، إضافة لنقل المواطن ليعيش حياته العادية بعيداً عن شبح الحرب.. والمعرض تصاحبه عددٌ من الفعاليات الثقافية والبرامج الترفيهية ومخيم العيون الذي استهدف ( 4) ألف مواطناً بمشاركة مؤسسة سند.. نعتقد أن المعرض قدم خدمات ممتازة لمواطن مدينة نيالا، نعتقد أن هذا سيسهم في هجرة عكسية إلى الولاية، وفي هذا العام نتوقع أن تعود نيالا لسابق عهدها.. * بالرغم من المكانة التجارية التي تشهدها الولاية، إلا أن هناك تردياً على مستوى خدمات المياه والكهرباء.. نيالا مدينة مليونية.. ونعلم أن الشارع يتحدث عن أزمة خاصة بالمياه والكهرباء، فعلاً المياه غير متوفرة، خطتنا القادمة تشمل العديد من المعالجات من خلال عددٍ من السدود لرفع منسوب المياه، وخلال زيارة نائب رئيس الجمهورية للولاية، تم التوقيع ودفع مبالغ لتنفيذ مشروع حوض مياه البقارة.. أما بالنسبة للكهرباء الولاية تحتاج ل( ۱5 ) ميقاواط لسد حاجتها من الكهرباء، المولدات التي تعمل لتزويد الولاية بالكهرباء انتهى عمرها الافتراضى، خلال زيارة النائب وصلتنا( 5) مولدات، نتوقع أن تسهم ب( ۲۰ ) ميقاواط، نسعى للاستفادة من ال( 5) ميقاوات في مجال الصناعة.. * علمنا أن جولتكم مع نائب رئيس الجمهورية استهدفت معالجة بعض الصراعات بين القبائل الدارفورية.. - الصراعات القبلية أحد مهددات الاستقرار ليس في الولاية فحسب، بل في كل ولايات دارفور، الصراعات القبلية تعمل على إهدار الموارد الطبيعية والثروات الحيوانية، وتزهق أرواح أبناء دارفور، وفعلاً من خلال جولتنا مع رئاسة الجمهورية، قصدنا أن تتم المصالحات عن قناعة بين القيادات الأهلية، من هذا المنطلق جلسنا مع قبيلتي البني هلبة و القِمِرْ، وتوصلنا لمصالحة طوينا من خلالها صفحة صراع من شأنه أن يقضي على موارد المنطقة الزراعية والحيوانية، وقمنا من خلال الزيارة الميدانية بجولة في بُرام، قريضة، تُلس، كاس، عد الفرسان ونتْيّقة.. * عدم الاستقرار الأمني في جنوب الولاية أحدث فجوةً غذائيةً تظهر ملامحها في مدينة نيالا..؟ - وقفنا على الأوضاع في جنوب الولاية، وفعلاً المواطن يفتقد الأمن، الحياة لا تسير بصورة طبيعية، والفجوة الغذائية ليست بسبب الحرب والهجة والنزوح، لكن بسبب تغيّر الظروف المناخية، ودخول الخريف وخروجه مبكراً.. ولا علاقة للأمر بالحرب في دارفور.. * تقديرات بعض المنظمات تُشير لشبح مجاعة قادمة؛ كيف سيتم تدارك الأمر.. خاصة وأن جوال (الدخن) بلغ سعره ۷5۰ جنيهاً؟ - ليس هناك شبح مجاعة مُحتملة، وسيتم تدارك الأمر عبر المخزون الاستراتيجي، أسعار الدخن في القضارف مقاربة بالأسعار في ولاية جنوب دارفور، وهنا لا نتحدث عن مجاعة، وهذا وضع عام تعيشه البلاد، ومعروف اقتصادياً أن الحروب تُدمّر البنى التحتية للاقتصاد، ومتى استطعنا أن نبعد الحرب يمكننا أن نعود لوضعية الإنتاج، قاتلنا في الجنوب وأُزهقت الآلاف من الأرواح، ولم نصل للسلام إلا عبر الحوار.. * تردي الأوضاع الصحية بالولاية؛ يرجعه كثيرون إلى غياب الدور الذي كانت تقوم به المنظمات؛ قبل طردها في العاد ۲۰۰۹ .. - هذا الحديث غير صحيح، المنظمات التي كانت تُوجد في ذلك الوقت كانت تقدم بعض الخدمات، والصحة هي مسؤولية حكومة الولاية، ولدينا المستشفى التركي؛ الذي نعتبره أحد الصروح في الولاية، ويقدم أجود الخدمات الطبية، ونسعى في الفترة القادمة، لترقية مستشفى نيالا لتخفيف الضغط على المستشفى التركي.. * كيف تبدو العلاقة بين حكومة الولاية وقوى المعارضة.. خاصة بعد دعوة البشير الأحزاب للحوار؟ - نعتبر أن ولاية جنوب دارفور من الولايات المتميزة سياسياً من خلال علاقة حكومتها بقوى المعارضة، في مجال العمل الحزبي والشراكة، بعض القضايا تُعتبر خطاً أحمر بالنسبة للمعارضة لا يتم تجاوزها، نتناقش في الأمور الخاصة بالولاية ونستشيرهم في كثيرٍ من الأمور.. * هناك اتهامات يسوقها المركز لقوى معارضة حول علاقتها بالحركات المسلحة.. كيف يبدو الأمر في ولايتكم؟ - الحمد ﻟﻠﻪ.. الأحزاب السياسية المعارضة بولاية جنوب دارفور، لا علاقة لها بالتمرد، ونؤكد أن الولاية شبه خالية من التمرد عدا مجموعات متفرقة تتبع لعبد الواحد.. صحيفة الجريدة حوار - ماجد القوني