في جلسة البرلمان المخصصة لإجازة موازنة العام الحالي طلب الفريق إبراهيم سليمان النائب البرلماني فرصة للحديث وفي بال رئيس المجلس وقتها مولانا أحمد إبراهيم الطاهر أنه يريد التحدث عن شيء متعلق بالموازنة أو بتحديد أولوياتها، غير أنه أخذ بالحديث إلى منحى آخر عندما شن هجوما على الدولة بسبب ما تمارسه من سياسات على النقل الجوي واتهمها بمحاولة تدمير شركات الطيران بسبب ما تمارسه من فرض زيادات تنعكس سلبا على أسعار الطيران، سليمان الذي حذر الدولة والبرلمان من مغبة الاستمرار في انتهاج تلك السياسات المدمرة لقطاع الطيران في الدولة في ظل انسحاب عدد من الشركات العالمية وفي مقدمتها شركة اللوفتهانزا التي نفذت انسحابا من خط الخرطوم في بداية العام الحالي. الفريق إبراهيم سليمان حينما أدلى بمداخلته كان الهدف منها الدفاع عن ولايات غرب السودان لجهة أنها المتضرر الأول من ارتفاع تذاكر الطيران وقتها، ولم تلبث الأيام أن تمر حتى فوجئت شركات الطيران بمنشور من المؤسسة السودانية للنفط يقضي بزيادة في أسعار وقود الطائرات بنسبة تصل إلى 21% ابتداء من أول مارس الجاري لتكون هي (القشة التي قصمت ظهر البعير) لتصدر سلطة الطيران المدني منشورا يقضي بزيادة أسعار التذاكر الداخلية ابتداء من اليوم (الأحد) لتتوافق مع أسعار الوقود الجديدة. ما يدهش في الأمر أن زيادة أسعار وقود الطائرات تزامنت معها ردود أفعال مختلفة نادت بضرورة التراجع عن القرار بصورة سريعة، وكونت لجنة من وزارة النفط ووزارة المالية وشركات النقل الجوي العاملة بالدولة وعقدت جلسات مع البرلمان للتراجع عن هذه الزيادة التي طبقت دون تراجع من أي من الجهات المذكورة. مصادر كشفت ل(اليوم التالي) أن زيادة سعر وقود الطائرات أقرتها وزارة المالية منذ سبتمبر الماضي متزامنة مع رفع الدعم عن المحروقات، إلا أنها آثرت تأجيل التطبيق إلى مارس، الأمر ينذر بارتفاع أسعار التذاكر الداخلية والخارجية. المنشور الذي أصدرته سلطة الطيران المدني وعممته على شركات الطيران التي تعمل في ظروف بالغة التعقيد وسط تقلصها وانخفاض أعدادها، رفع أسعار تذاكر طيران الخرطوم- الجنينة إلى 1185 جنيها والخرطوم- الفاشر إلى 850 جنيها والخرطوم- نيالا إلى 965 جنيها على أن يكون سعر تذكرة الخرطوم- بورتسودان 600 جنيه. الملاحظ أن أعلى ارتفاع للأسعار كان من نصيب ولايات الغرب في ظل انعدام وسائل النقل الأخرى بسبب الظروف الأمنية التي تعاني منها المنطقة.. ليأتي حديث الفريق إبراهيم سليمان في نهاية العام الماضي كحقيقة لا مفر منها، حيث انتقد رفع الدولة أسعار وقود الطائرات وقال إنه ساهم في هروب شركات الطيران العالمية من العمل في الدولة مشددا على أهمية إيجاد تسعيرة مخفضة للشركات الوطنية حتى تساهم في خفض أسعار التذاكر إلى مدن غرب السودان، إلا أن حديث النائب البرلماني ذهب أدراج الرياح في ظل قيام الدولة برفع أسعار وقود الطائرات للمرة الثانية. الشركات العاملة في الطيران الداخلي رسمت صورة قاتمة لأوضاعها وهددت بالتوقف عن العمل حال استمرار الحال على ما هو عليه وكشفت عن ضغوط مورست عليها من قبل المجالس التشريعية بالولايات الغربية لظنها أن الشركات هي التي تسببت في رفع أسعار التذاكر الداخلية وقال مدير إدارة بشركة نوفا للطيران- فضل حجب اسمه- إن زيادة أسعار التذاكر تأخرت لجهة أن الزيادة تم تطبيقها منذ أول الشهر الجاري وشن هجوما كاسحا على الجهات ذات الصلة لعدم استطاعتها حل إشكالية إعادة أسعار وقود الطائرات إلى ما كانت عليه وكشف ل(اليوم التالي) عن تلقي عدد من الشركات خطابات تهديد من المجالس التشريعية بالولايات الغربية لظن أعضائها أن الشركات هي التي أقدمت على الزيادة دون مبررات، لافتا إلى أن البرلمان لازال يدرس زيادة سعر وقود الطائرات بالرغم من تطبيقها وانعكاسها على أسعار التذاكر الداخلية، وأكد أن الزيادة أثرت على عمل الشركات الداخلية والخارجية مبينا أن أسعار الطيران في السودان هي الأعلى في المنطقة، مبينا أن كثيرا من شركات الطيران العالمية تعمل على التزود بأقل قدر من الوقود للوصول إلى أقرب مطار للاستفادة من الأسعار في الدول الأخرى، وتوقع انحسارا كبيرا في حركة الطيران العالمي إثر قرار زيادة أسعار الوقود، لافتا إلى أن الشركات تعمل في ظل ظروف بالغة التعقيد من حيث ارتفاع التكلفة وعدم دعم الدولة للصناعة علاوة على الحظر الاقتصادي المفروض على السودان . صحيفة اليوم التالي