فجأة فركت حليمة بائعة الطلح في ولاية الجزيرة عينيها على إثر طرق عنيف على الباب، ثلاثة رجال يبتسمون في وجهها ويباغتونها بسؤال غريب: "عندك رتينة ولا مكوة فحم أم تاج؟" فتجيبهم دون تردد "باللحيل عندي"، تعرض عليهم بضاعتها التي نسج حولها العنكبوت خيوطا كثيفة، ما بين غمضة عين وانتباهتها تصبح "حليمة" من أثرياء ولاية الجزيرة، فقد اشتروا منها "المكوة أم تاج" ب(21) ألف جنيه و"الرتينة" ب(40) ألف جنيه، لا حديث للناس هناك غير تلك السيدة المحظوظة، التي هبطت عليها ليلة القدر دون سابق وعد، لكن الحكاية أكثر إثارة من ذلك، فقد ظهر عدد من التجار وانتشروا في القرى والمدن، واشتروا (الرتاين) و(المكاوي) المتوافرة بأسعار خرافية، حتى أصبحت تلك المقتنيات الأثرية أندر من لبن الطير، الجميع يطلبها وبأي ثمن، ولأجلها يلهث الناس في أقبية المخازن والأسواق، الظاهرة امتدت من الأقاليم وغزت العاصمة الخرطوم. وقد شهدت (اليوم التالي) أكثر من حالة بيع وشراء بأسعار لا تقل عن الخمسة آلاف جنيه على كل حال. بعيد أيام بدأت تتكشف خيوط الوقائع الدرامية، فثمة من يحدث بأن تلك (الرتاين) و(المكاوي) تحتوي على زئبق وإبر صغيرة تساعد في عملية البحث والتنقيب عن الذهب في باطن الأرض، لكن بعض الناس كشفوا للصحيفة أن الموضوع برمته هو أن عددا من التجار المحتالين اشتروا مجموعة من (الرتاين) و(المكاوي) التي لا قيمة لها في عصر التكنولوجيا وقرروا أن يشيعوا بين الناس أنها تحتوي على أسرار غامضة ليقوموا ببيعها والتحكم في سعرها بعد أن جمعوا كل الكميات المتوافرة في السوق. صحيفة اليوم التالي