السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    إبراهيم شقلاوي يكتب: يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح    د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد حسن مصطفى: دُوَلٌ مُرَاهِقَة
نشر في النيلين يوم 30 - 04 - 2014

هُنالكَ (دُوَلٌ) لَمْ تَرْتَق بَعدُ؛ لَمْ تَنضُجْ (مَدَنِيَّاً) لِيَصِحَّ فِيهَا وَصْفُ الدُوَلِ! وَ لا غَرَابَة؛ فأكثَرُ الشُعُوبِ (قَبَائِلٌ) تُوَحِّدُهَا وَ تُفَرِّقُهَا أنْسَابٌ وَ ثَارَاتٌ وَ (قَبَائِلٌ)!
وَ لِمَنْ سَيُنكِرُ الأسْطُرَ السَابِقَةَ مُتَمَثِّلاً بالغَربِ وَ الشَرقِ حَيثُ تَندُرُ القَبَلِيَّةُ؛ نَقُولُ: أنَّهُمُ شُعُوبٌ يُفَاضِلُونَ فِيمَا بَينَهُمُ بأصَالَةِ الإنتِمَاءِ وَ نَقَاءِ العِرق وَ الدَمِ فِيهِمُ وَ مَنهُمُ! لكِنَّ أوضَحَ وَ أهَمَّ الأمثِلَةَ عَلى كلامِنا هِي (قَارَةُ أفريقِيَا) بُركانُ القَبَلِيَّةِ الثَائِرُ دَائِمَاً! فَبرَغمِ تَعَدُّدِ الأديَانِ فِيهَا؛ لَمْ يَسْتَطِعْ أيُّ تَجَمُّعٍ دِينِيٍّ أوْ وَثَنِيٍّ فِيهَا أنْ يَعْزلَ أوْ يُهَمِّشَ أوْ حَتَّى (يُرَوِّضَ) النَزعَةَ القَبَلِيَّةَ فِيهَا! وَ لِعَجزِ أهلِهِ وَ سُوءِ فَهْمِهِمُ لهُ وَ تَطبيقِهِ فِيهِمُ وَ بَينَهُمُ حَتَّى الإسْلامَ سَقَطَ بِهِ المُنتَسِبُونَ إليهِ فِي مُسْتَنقَعَاتِ القَبَليَّةِ المُنتِنَةِ!
وَ الأمثِلَةُ تَكثُرُ (هُنا) .. أفريقِيَا؛ صِرَاعَاتٌ وَ حُرُوبٌ وَ (إنقِلابَاتٌ) لا عَلاقةَ للدِينِ بِهَا وَ إنْ سُوِّقَ فِيهَا وَ مَعَهَا لأغرَاضٍ (مَا)! فالأمْرُ لنْ يَتَجَاوَزَ (نِزَاعٌ قَبَلِيٌّ) عَلى الحُكمِ وَ الأرضِ وَ الثَرَوَاتِ.. عَلى (السُلطَةِ)؛ (مَنْ) يَحكُمُ (مَنْ)؟! وَ لِمَاذا يَحكُمُنا ذاكَ ال (مَنْ)؟! وَ نَحنُ الأفضَلُ مِن كُلِّ ال (مَنْ)!
.. وَ العَالَمُ كُلَّهُ تَجتَاحُهُ (فَوضَى القَبَلِيَّةِ وَ الأعَرَاقِ وَ لَعَنَةُ ال (مَنْ)) !
فَكثِيرَةٌ (هِيَ) مَنْ (هِيَ) قَبَائِلُ جُمِّعَت فِي دَولَةِ مازالت فِي عُمُرِ الإنسَانِيَّةِ وَ الحَضَارَةِ عَالقَةٌ فِي (طَور المُرَاهَقَةِ) لا الدَولِيَّة ! الإسْتِعمَارُ غَرَّرَ بِهَا خَدَعَهَا؛ مَلَّكَهَا أمْرَهَا (إسْتِقلالاً) فَارغَ المَعنَى وَ (حُدُودَاً) بلا مَعنَى لأنَّهَا مِنْ قَبلِهِ كَانت وَ مَازالت (قَبَلِيَّةً)!
^
(2)-[أعيَادُ وَطَن!]
وَ صِدقَاً يُمكِنُ قِرَاءَةُ التَاريخِ فِي (ألفِ مَعنَى وَ مَعنَى)!
هَا (نَحنُ) اليَومَ نَضْرِبُ أعْجَبَ الأمثِلةِ عَنْ (سُقُوطِ أمَّة)؛ نَحنُ مَنْ (كُنَّا خَيرَ أمَّةٍ) !
وَ عِندَمَا (مَسَخْنَا) أمْرَنَا مُنكرَاً فِي مُنكَرٍ فَسَدَ فِينَا الشَرعُ وَ العَدلُ وَ الخُلُقُ وَ النِعمَةُ! أمَّةٌ شَامِخَةٌ؛ دِينُهَا رسَالَةُ الحَقِّ وَ العَدلِ مِنْهَاجُ السَمَاحَةِ فُجِعَتْ بأبْنَائِهَا يُقِيمُونَ عَلى (أضْرحَتِهَا) المَوَالِدَ وَ الأعيَادَ؛ جَهْلٌ وَ فُجرٌ عَنْوَنَهُ (المُسْتَعْمِرُ) لهُمُ وَ حَلاهُ إسْتِقلالاً وَ وَطَنَاً وَ حُرِّيَّةً!
فَمَا قِصَّةُ (قِيَامِ الدُوَلِ)؟
وَ هَلْ فِي أصْلِهَا وَ تَاريخِ النَشْأةِ وَ جُغرَافِيَّةِ التَكوينَ الدَولةُ كانَتْ أمْ لَمْ تَكُن؟!
مَنْ سَبَقَ فِي الوُجُودِ مَنْ؛ النَاسُ أمِ الوَطَنَ ؟!
وَ هَلِ الوَطَنُ هُوَ (مَحَلُّ الذِكرَى) أمْ رَسْمُ الحُدُودِ عَلى الخَرَائِطِ وَ الجُدُر؟!
وَ الإسْلامُ هَلْ جَاءَ دَعْوَةٌ لإقَامَةِ دُوَلٍ وَ أوطَانٍ تَجْعَلُ مِنهُ دُسْتُورَاً؛ أمْ هُوَ الدِينُ الرسَالَة للنَاسِ كافَةً مُوَحِّدَاً وَ جَامِعَاً وَ سَبِيلاً؟!
نَحنُ فِي حَقِيقَتِنَا (دُويلاتٌ مَسخٍ مَشَوَّهَةٍ)؛ اُجْهِضَتْ قََسْرَاً مِنْ (رَحِمَ الأمَّةِ) تَحْتَ فُجرِ المُسْتَعْمِرِ الرَابِضِ فَوقَهَا مُسْتَبِيحَاً غَاصِبَاً! وَ صَدَّقنَا بَعدَ سُقُوطِنَا الكذِبَةَ؛ مَا سَوَّقَهُ المُسْتَعْمِرُ بنَا (إسْتِقلالاً) تَحريرُ (دُويلاتُ أمَّةٍ)! فَتَبَعْثَرنَا هُنَا وَ هُنَاكَ نَتَخَبَّطُ نَبحَثُ عَنْ تَحَالُفَاتٍ نُوَثِّقُ بِهَا (نَسَبَ وُجُودِنَا) نُؤرِّخُهُ أمَّةً! بَعُدنَا عَنِ الإسْلامِ جَهِلنا بِهِ لَمْ نَعُدْ خَيرَ أمَّةٍ!
^
(3)-[ نَحنُ الفِتنَة!]
نَعَمٌ .. وَ مَنْ مِنَّا يَزعُمُ أنَّ أحَدَاً مِنَّا نَحنُ (دُويلاتُ الإسلامِ) يَعِيشُ الإسْلامَ مِنهَاجَاً وَ تَشريعَاً وَ حَيَاةً وَ .. (حَقَّاً)؟! هَلْ فِينَا مَنْ يُقِيمُهُ بلا ظُلمٍ بلا جُورٍ بلا فَسَادٍ وَ خَوفٍ وَ ذُعرٍ وَ جُوعٍ؟! هَلْ فِينَا دُوَلٌ تَخَافُ اللهَ وَ اللهَ وَحدَهُ؟!
نَعَمٌ.. لا أحَدَ مِنَّا كامِلٌ؛ نَحنُ ملُسْلِمُونَ لكِنْ .. هَلْ فِينَا (المُؤمِنُ)؟!!
مَابَالُهَا رَوَائِحُ الفِتَنِ وَ أنتَانُهَا فَاحَتْ بَينَنَا هُناكَ وَ هُنا؟! طَوَائِفٌ وَ مَذاهِبٌ وَ قبَائِلٌ تَلهَثُ تَنبَحُ خَلفَ عَرَضِ الدُنيَا؟!
نَحنُ نَنتَسِبُ للإسْلامِ بالوُلادَةِ فَقط! نَحْمِلُهُ فَوقَ ظُهُورنا (أسْفَارَاً)! فلا غَرَابَة أنْ نَأتِي نُسَاومُ بهِ فِيهِ شَرَائِعَ بَشَريَّةً وَضِيعَةً وَضعِيَةً عُرفِيَةً دَولِيَّةً! شِرْكٌ بأنوَاعِهِ تَسَرَّبَ فِينَا تَشَعَّبَ (كُفرٌ) تَأصَّلَ!
فَهمُنَا للإسْلامِ أنَّهُ (عَادَاتٌ تَقَالِيدٌ) نُحَافِظُ عَليهَا تُرَاثَ حَضَارَةٍ كانَتْ يَومَ أنْ كُنَّا! حَالٌ يَسْتَحِيلُ مَعَهَا النُهُوضُ بالأمَّةِ دَفعَةً وَاحِدَةً! كيفَ تَنهَضُ أمَّةٌ دُعَاتُهَا يَتَجَوَّلُونَ بجَوَازَاتِ أوْطَانٍ (عَصَبِيَّة)! كيفَ ننهَضُ جَميعَاً وَ البَعضُ مِنَّا عَاجِزٌ عَنْ أنْ يَنهَضَ بنفسِهِ! نَحنُ نَسْقُطُ؛ وَ فِي السُقُوطِ .. نَسْقُطُ وَ نَسْقُطُ وَ نَسْقُطُ! وَ حِينَ نُحَاوِلأُ النُهُوضَ .. نَسْقُط! وَ هُنَا أسَاسُ البَلوَى؛ أنَّنَا لا نَمْلُكُ أسَاسَاً .. (دِينَاً)!
(نَحنُ) الفِتنَة!
^
(4)-[خَدِيعَة ٌ هِيَ العُظمَى!]
فَهَلْ يُعقَلُ أنَّ الكُلَّ مِنْ وجْهَةِ نَظَرنَا (مُرَاهِقٌ دَوْلِيٌّ)!
إذاً كيفَ (نَحكُمُ) عَلى نُضج الدَولةِ مَدَنِيَّاً؟! أمْ أنَّهَا مَشَاهِدُ الحُرِّيَّاتِ الدِينِيَّةِ وَ الدُنيَويَّةِ؟! أمْ كثَرَةُ الأحزَابِ وَ التَنظِيمَاتِ فِيهَا؟! أمْ هِيَ الصُحُفِ وَ القنَوَاتِ وَ الإذَاعَاتِ تِعدَادَاً وَ أعدَادَاً؟! أمْ أنَّ الحُكمَ كامِنٌ فِي القُدرَةِ عَلى (الشَتمِ وَ القذفِ) بلا خَوفٍ فِيهَا؟!
أوَّلاً : مَنْ حَكمَ أنْ فِي تِلكَ الأمُورُ يكُونُ الحُكمُ؟!
عَلينا النَظَرَ فِي (الصُورَةِ كامِلةً) قبلَ (تَنظِير) الحُكمِ فِيهَا! فأمَامَنا (دُوَلٌ عُظمَى) شِعَارُهَا وَ دِينُهَا (الحُرِّيَّة)؛ وَ تَضْربُ لنا أوْضَحَ الأمثِلةِ فِي (فَسَادِ) المُجتَمَع وَ الإنسَانِ وَ القانُونَ وَ الحُكَّام! فَهَلْ هِيَ عِندَنا دُوَلٌ ناضِجَة ٌ مَدَنِيَّاً؟!
عَلَّ السُؤَالَ الأصْوَبَ هُنا هُوَ : لِمَاذا لَمْ تَسْقُط تِلكَ الدُوَلٌ إذاً؟!
وَ الجَوَابُ سُؤَالٌ : مَنْ قَالَ أنَّهَا لَمْ تَسْقُط بَعدُ؟!
هَلْ شَهِدَ إقتِصَادُهَا الكَرتُونِيُّ؟! أمْ عَدَالتُهَا العَميَاءُ العُنصُريَّة ُ؟! أمْ بَشَاعَة ُ جَرَائِم النَاسِ فِيهَا؟! أمْ أمْرَاضُهَا اللامُنتَهِيَّة؟! أمْ وَ أمْ وَ أمْ؟!
نَعَمٌ .. ظَاهِرُهَا لمْ تَسْقُط فَهَاهِيَ دُوَلٌ تَتَحَكَّمُ فِي مَصَائِر (الصِغَار) حَولهَا! لِكِنَّها جَوفَاءٌ نَخِرَةٌ فَارغَةُ الدَاخِل بلا دِينٍ حَقٍّ وَ لا مَعنَى! وَ مِنْ قَبلُ (هُمُ) بَقَأيَا أمَمٍ فِي التاريخ سَقَطت!
وَ الدَليلُ أمَامَكُمُ اليَومَ مَاثِلٌ؛ (هُمُ) قَادِرُونَ عَلى حَربِ الضُعَفَاءِ مِنَ الدَولِيَّةِ المَزعُومَةِ؛ قَادِرُونَ عَلى إجتِيَاحِهِ وَ إحتِلالِهِ وَ إغتِصَابِهِ حَيَّاً! (لكِنَّهُمُ) أمَامَ (بَعضِهِمُ) يَكتَفُونَ مُقَيَّدِينَ بَحَقِيقَةِ وَاقِعِهِمُ المَعلُومُ لِديهِمُ بإرسَالِ الإشَارَاتِ وَ الكَلامِ فقط!(لأنَّهُمُ) الأدَرَى بحَالِهِمُ؛ يَخَشَونَ جَبَرُوتَهُمُ بَينَهُمُ أنْ يَضْربِهُمُ فِي بَعْضِهِمُ (حَربَاً عَالَمِيَّةً ثَالِثَة الأسَافِي) تَمحَقَهُمُ تَذهَبَ بِهِمُ جَميعَاً؛ تُسْقِطَهُمُ!
هَذا أوَّلاً : (أنَّهُمُ) أمَّمٌ مِثلنَا سَاقِطَة ٌ بلا دَينٍ وَ لا مَعنَى!
^
(5)-[مَا وَرَاء البَرلمَان؟!]
وَ يَتَوَاصَلُ الكلامُ عَنْ نُضج الدَولةِ وَ السُقوط؛
ثَانِيَاً : إليكُمُ (الحِكايَة) ؛ أنَّ مَنْ سَنُّوا لنا البَرلمَانَ وَ مَجَالِس الشُيوخ فِي التاريخ تَحَسَّبُوا مِنْ (سُقُوطِ الدَولِةِ) يَومَاً مُتَأمِلينَ حَالَ الأمَمِ وَ الدُوَل حَولهِمُ! وَ عَلِمُوا أنَّ الحَاكِمَ (عَامِلٌ) فِي الدَولِةِ (مُتَغِيِّرٌ) بقتلٍ أوْ مَوتٍ أوْ سَلبِ حُكْمٍ! فأيقَنُوا مِنْ أهَمِّيَّةِ الوُصُول بالدَولةِ إلى مَرحَلَةِ (النُضج المَدَنِيِّ) حَيثُ الإستِقرَارُ وَ السَلامُ.
فَأعَدُّوا العُدَّة بَرلمَانَاتٍ (صَمَّامَاتِ آمَانٍ) للدَولِةِ تَملِكُ القُدرَةَ وَقتَ الحَاجَةِ لتشريعِ مَا يَلزَمُ مِنْ قَوَانِينٍ وَ دَسَاتِيرٍ للحِفاظِ عَلى الدَولِةِ ضِدَّ (نَكَبَاتٍ الحُكمِ) وَ حِمَايَتهَا مِنَ السُقُوطِ وَ النُهُوضِ بِهَا إنْ حَدَثَ وَسَقَطَت!
لِكِنَّ حِكَّمَةَ االبَرلَمَانَاتِ تِلكَ لَمْ تَفُتْ عَنْ دَهَاءِ وَ خُبثِ الحَاكِمينَ عَلى مَرِّ الزَمَن؛ فلَمْ تعجَز نَوَايَاهُمُ المُبَيَّتَة لِ (السُلطَةِ الخَالِدَةِ المُطلَقةِ) فأجَازُوا لأنفُسِهِمُ دَومَاً تَعطِيلَ أوْ تَعلِيقَ أوْ (حَلَّ) البَرَلمَانَاتِ دُونَ حَرَجٍ أوْ تَحَرُّجٍ! مُعلِنينَ وَ مُطلِقينَ أسْمَاءً وَ أوْصَافاً تَشفَعُ لهُمُ عِندَ أنفُسهِمُ وَحدَهُمُ لإغتِصَابِ (نُضجِ الدَولةِ) مِنْ إعلانِ الطَوَارئ حَالةً وَ تَطبيقِ الأحكَامِ العُرفيَّةِ وَ الحِفاظُ عَلى الأمنِ القَوميِّ وَ مَرَاعَاةِ المَصْلحَةِ العَامَةِ وَ غَيرَهَا مِنَ الشِعَارَاتِ الأمنِيَّةِ!
وَ يَجري الزمَنُ .. وَ تُمسِي البَرلمَاناتُ (رَمزيَّةً) مَحدُودَةَ الفائِدَةِ وَ مُعَلَّقةَ الأهَميَّةِ! فأمْرُهَا هَوَى الحَاكمِ وَ النِيَّة! فَخَضَعتِ الشُعُوبُ لِتَشريعَاتِ الحَاكِمِ! وَ خَلُدَ الحَاكِمُ وَ وَرِّثَ البلادَ وَ العِبَادَ بالجَبَرُوتِ وَ القوَّةِ! وَ لحظَةَ أنْ يَسقُطَ حَاكِمٌ؛ تسْقُطُ مَعَهُ مُبَاشَرةً شُعُوبٌ وَ دُولٌ وَ أمَمٌ! لأنَّهَا ببَسَاطَةٍ (خيَالاتُ أمَّةٍ) لمْ تَجد مَا يَحفَظ وَحدَتَها وَ بَقائَهَا وَ نُضجَهَا إنْ كَانت يَومَاً نَضَجَتْ إلا طَوَاغِيتُ الحُكمِ وَ السُلطَةِ!
وَ التاريخُ عَليهِمُ شَاهِدٌ يَشهَدُ؛ أمَمٌ سَقطَتْ لأنَّها عَجَزت عَنْ أنْ تَنضُجَ يَومَاً! عَجَزَتْ أنْ تَحمِي التشريعَ فِيهَا بالقُوَةِّ!
لِكِنْ مَا هِيّ تلِكَ القوّة؟!
^
(6)-[قَوَّةُ حِفظِ التَشريع!]
نَعَمٌ ..هُمُ كانت لدَيهِمُ حِكمَة ٌ وَ فِطنَة ٌ فَشَرَعُوا أمَامَ الحَاكِمِ (حَوَاجزَ البَرلمَانَ) لِكِنَّهُمُ وَ أمَامَ القُوَّةِ المُتاحَةِ للحَاكِمِ فَاتَ عَليهِمُ أنَّ (شَرْعَهُمُ) فاقِدٌ للقُوَّةِ!
قُوَّةٌ كامِنَةٌ فِي حِكمَةِ التشريعِ وَ شُمُولِهِ وَ سَمَاحَتِهِ وَ بُعدَ نظَرِهِ وَ رُؤيَتِهِ ! قَوَّةٌ (تُحَاسِبُ الأفرَادَ) عَلى مَا فَعَلُوهُ؛ (تُهَذِّبُ الأخلاقَ)؛ تُعَلِّمُ الفَرَقَ بينَ الحَقِّ وَ البَاطِل؛ تُوضِحُ الحَلالَ مِنَ الحَرامُ؛ تَوقِظُ فِي النُفُوس مَعَنى الحَيَاةَ.
نَعَمٌ .. قُوَّةُ تَشريعٍ تُربِّي وَ تُهَذِّبُ تُنَبِّهُ تُرَغِّبُ وَ تُخَوِّفُ!
قُوَّةُ حَقٍّ تُحِقُّ الحَقَّ وَ العَدلَ تُبَشِّرُ بالأجرِ خَيرَاً وَ تُوعِدُ بالجَزَاءِ عَقابَاً!
نَعَمٌ .. قُوَّةُ الدَينِ وَ الدِينُ قُوَّةٌ إنْ صَحَّ فَهْمُهُ وَ تَطبِيقُهُ وَ العَمَلُ بِهِ وَ الدَعوَةُ إليهِ وَ بِهِ. (الدِينُ) الذِي ضَلُّوا عَنهُ هُمُ وَ تَلاعَبُوا بهِ فأفسَدُوا تشريعَهُ بأيدِهِمُ ففقَدَ الدِينُ القُوَّةَ فَإنهَارَ المُجتَمَعُ بِهِمُ سَقطَتْ أمَمُهُمُ وَ دُوَلُهُمُ لأنَّها لمْ تَجدِ قُوَّةَ التشريعِ لمْ تَنضُج أمَّة!
وَ جَاءَ الإسلامُ الرسَالةُ الخَاتِمَةُ أحكمُ الشَرَائعِ وَ أعدَلُهَا جَاءَ للنَاسِ كَآفةً دِينُ السَمَاحَةِ وَ الأخلاقِ وَ الحَيَاة؛ فكانتْ (خَيرَ أمَّةٍ) فِي العَدِل وَ الخَير وَ الأخلاقِ وَ القُوَّة. وَ لمَّا ضَلَّ أهلُها وَ خَلطُوا بِدَعَهُمُ وَ عَادَاتِهِمُ وَ تقالِيدِهُمُ الرَثَّةَ فِي الإسلامِ؛ لِمَّا بَعَدُوا و َ إبتَعَدُوا عَنهُ فَهمَاً صَحِيحَاً وَ تطبيقاً عَدلا سَقَطُوا؛
لأنَّهُمُ أفقَدُوا الإسلامِ القُوَّة!
لمْ يَنضجُوا.
^
(7)- عَوْلَمَة ُ الإسْلام !
عِبَارَةٌ تُوجِزُ فتَصِفُ صَادِقة ًحَالنا (نَحنُ) المُنتَسِبينَ للإسلامِ أوْ (مُسْلِمي العَولَمَةِ) وَ .. سَلام الحَضَارَاتِ وَ .. العِلاقَاتِ الدَوليَّةِ وَ .. المَصلحَةِ العَامَّةِ الوَطَنِيَّة وَ (أنا مُسْلِمٌ وَ كفَى)!
أمْرُنا لا غَرَابَة فِيهِ وَ مَا كانَ التِكرَارُ لِيُعَلِّمَنا أوْ حَتَّى مِنْ غَفلتِنا أنْ يُوقِظنَا!
نَحنُ اليَومَ لا نَخضَعُ لا نَنْتَظِمُ لا نَتَشَكَّلُ دُوَلاً إلا وَ (عَصَا الحَاكِمِ) تُلَوِّحُ فَوقَ رُؤوسِنا! وَ مَا أنْ يَسقُطِ الحَاكِمُ أوْ يُسقِطَ عَلِمَ أمْ جَهِلَ عَصَاهُ حَتَّى نَتَبَعثَرَ نَتَلاشَى بلا دِينٍ وَ لا شَرعٍ وَ لا مَعنَى! إلا أنْ يَأتِيَنَا (غَيرُهُ) بِعَصَاً (تَضْربُنا) فتحكُّمُنا! وَ الأمثِلة ُ مازالتْ مَاثِلة ً أمَامَنا!
خُلاصَةُ الكَلام :
أنَّنَا (فَرقَعَةُ) إسْتِقلالاتٍ مُتعَثِّرَةٍ مُبَعثَرَةٍ!
سَكرَةُ الحُكمِ نَشْوَةٌ أعْمَتنَا عَنْ حَقِيقَةِ أنَّنَا سَقطنَا (أمَّة)! فشَغلتَنا أطمَاعُنا فِي تَوثِيقِ الأرَاضِي وَ تَسجِيلِهَا وَ تَرسِيمِ الحُدُودِ عَليهَا وَ لهَا عَنْ (دِينِنا)؛ فأعْلَنَ كُلٌّ مِنَّا (دُسْتُورَهُ) الرَسْمِيَّ مِنَّا مَنْ جَعَلَ الإسْلامَ للتَشريعِ أسَاسَاً وَ مِنَّا مَنْ جَعَلُهُ لَوَائِحَ فَخريَّةٍ! وَ (الجَاهِلُ) مِنَّا أعلنَ أنَّهُ هُوَ الأحكمَ؛ زَعَمَ أنَّ الإسلامَ فِي الدُستُورِ (عُنصُرِّيَّة)!
وَ اليَومَ لأنَّا فقدنَاهُ حَيَّاً؛ إجتَاحَتنَا (فَوضَى الحَرَامِ) فأبدَلنَا بِغَبَاءٍ حِكمَةَ التَشريعٍ (قوَانِيناً أمْنِيَّة)! لأنَّ النِظامَ وَ العَدلَ وَ التشريعَ فينا مَالَ وَ اختَّلَ وَ أضحَى الإسلامُ (إسْلامَ أفرَادٍ) فقط! إسلامٌ خاصٌّ يُقصُّ وَ يُفصَّلُ حَسَبَ الذوقِ وَ العَرضِ وَ الطلب!
وَ تِلكَ مُرَاهَقتُكِ يا أمَّة شِختِ بَاكِرَاً؛ فُتاتَ دُوَلٍ بَعدُ لمْ وَ (لن) تنضُجِ!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.