معظم الرجال يفضلون الزواج ممن هن أقل تعليماً وثقافة منهم، ويخشون الإرتباط من تلك التي تفوقهم مهنياً وعملياً، لأشياء في أنفسهم، وبعض الرجال تصيبهم الغيرة في مقتل إذا تفوقت زوجاتهم عليهم، حتى ولو كانوا في مستوى متساوٍ من التأهيل الأكاديمي. (القسمة والنصيب) اختارت لبعض النساء الارتباط برجال أقل منهن تعليماً وثقافة، بعضهن تخوفن من أن يعبر قطار الزواج ويتركهن في محطة (سن اليأس)، بينما أخريات فضلن ضل الرجال على ضل الحيطة، حتى ولو كان هذا الرجل (حيطة مايلة). الواقع العملي لهذه الزيجات أسفر عن نتائج مختلفة، وحكايات ملونة، سردها أصحابها بإسهاب، ربما تكون عبرة وعظة لمن يعتبر. (1) تزوجت من رجل كان يعمل مع أستاذي الذي تدربت معه، هكذا بدأت أحلام حديثها، لم يكن يحمل الشهادات التي تؤهله لأداء الوظيفة التي أعمل بها. شاء القدر ان يتوفى استاذي الذي كان يدير العمل فإذا بزوجي يتبوأ مكانه، ويقوم بكل الأعمال عن طريق الخبرة، وتقدم في مسار النجاح والتقدم حتى أصبح له شأن كبير. كان يشعر بالغيرة و(يتحسس) من كوني أكثر تأهيلاً منه، وأنني أحق منه بالكرسي الذي يجلس عليه، ويبدو ان ذلك كان من الأسباب الرئيسية التي جعلته يطلب زواجي، لم أكن أفكر بكل ذلك، ولم يدر في خلدي إنه كان يخطط لشيء ما في نفسه، قبلت الزواج منه، لم تمر بضع سنوات لاتفاجأ بأمره الغريب، بإنزالي إلى المعاش المبكر والتحول إلى ربة منزل لرعاية الأولاد، وكان يردد وهو يلح عليّ لتنفيذ اوامره بأن المرأة مكانها البيت (وأن المرأة كان بقت فاس ما بتكسر الراس). لقد توصلت بعدها إلى قناعة تامة واكتشفت بلا أي شكوك بأنه كان يغير من مؤهلي العالي، ويخشى في يوم من الأيام ان أكون رئيسته المباشرة في العمل. ورغم كل ذلك لم أفكر يوماً في الانفصال عنه رغم الفارق الكبير بيننا في التفكير والسلوك والتصرفات، فبيننا أبناء وعشرة وعيش وملح. (2) هي تجمع تفوقها الأكاديمي وحصولها على شهادات ومؤهلات عليا، بجمال أخاذ، وأنوثة تفيض جاذبية ورقة، إنها (منال) التي تحكي قصتها قائلة: (بعد ان أكملت كل الدراسات بدرجات ممتازة، كان شغلي الشاغل وكذلك هاجس أسرتي هو الحصول على عريس مناسب، فالسنوات تمر والعمر يجري، لا ينتظر أحداً. قبلت بأول من طرق بابي للزواج، لم أفكر كثيراً في مؤهلاته فهو يعمل خارج السودان وإمكاناته جيدة، وأنا مستعجلة للحاق بالقطار، تم كل شيء على ما يرام، ولكن بعد شهور من العسل، بدأت أشعر بضيقه وانزعاجه من طريقة كلامي أثناء (الونسة) أو النقاش وسط مجموعة من الناس، فأحياناً أدخل بعض الكلمات أو العبارات الإنجليزية دون قصد مما يثير في نفسه ضيقاً، وغضباً وعلمت بعد ذلك ان لديه مؤهلاً متوسطاً، حاولت إقناعه بأن الشهادات ليست كل شيء، وانني لا أقصد ان أجرح أحداً بطريقة كلامي، ولكن لا حياة لمن تنادي. (3) وعلى العكس تعتز (عواطف) بزوجها ذي المستوى التعليمي الأقل من الجامعي، تقول:تفهمه للحياة وتقديسه للحياة الزوجية خفف عني الكثير، ولم أشعر في يوم من الأيام بأنني أفضل منه تأهيلاً وعلماً، عندما تقدم للزواج مني، كنت خائفة من عدم الانسجام، ولكن أهلي اقنعوني بعد عدة محاولات خاصة وان بيننا صلة رحم، وبحمد الله بعد الزواج وجدته متفهماً للدرجات العلمية التي وصلت اليها، بل كان يحثني باستمرار لأعمل بشهاداتي، بالرغم من اننا نعيش في وضع مادي جيد ومستقر، ولكنه كان يشجعني ويريد دفعي إلى الأمام، حتى أحقق رغبتي، وأنال ثمار تعبي وسهري بين المذكرات والكتب والبحوث، حياتي الزوجية تسير في مسارها الصحيح لحكمة زوجي وآرائه السديدة. (4) وتحكي (نضال) بحسرة وألم قائلة: قضيت سنوات من عمري لتحقيق حلم حياتي بالتخرج من الجامعة، مرت بي السنوات عجلى، وبدأ (الشيب) يتسرب من بين الشعر الأسود ويعلن وجوده بقوة، ومعه بدأ الخوف والقلق والتوجس يسيطر على تفكيري، فقد وصلت إلى سن اليأس، بينما صورة شهادة التخرج أخذت موقعاً مميزاً في الغرفة، داخل برواز جميل، ولكن ما فائدتها، لمن ستحمل لقب (عجوز) بعد سنوات قلائل، هكذا سألت نفسي ولكني بعد ذلك بدأت تفكيراً عقلانياً، وحملت الشعار العتيق: (ضل راجل ولا ضل حيطة) تفكيري لم يدم طويلاً، فقد انفك النحس، وأخيراً دخلت ما يطلق عليه القفص الذهبي، وليتني ما دخلت، فقد كان من ارتبطت به يؤدي مهنة هامشية، وليست لها وزن اجتماعي، لم أكن أفكر في ذلك كثيراً، باعتبار انه يمكن تغييره، ولكني فوجئت باستحالة الحياة معه، لتصرفاته الغريبة وعدم احترامه لي، فقد كان هو في وادٍ وأنا في وادٍ آخر، نحن لا تجمعنا سوى قسيمة الزواج، حاولت مراراً ان أجد نقطة التقاء تجمع بيننا ولكن عجزت، ففضلت الانفصال. وبكلمات مقتضبة يقول خليفة: كنت أحد معلميها، تزوجتها ووقفت معها وساندتها في حياتها العملية، سارت في طريق العلم، إلى ان تحصلت على أعلى الدرجات، ولكنها بعد تخرجها ووصولها إلى مكانة مرموقة، بدأت (تتكبر) عليّ، وصرت أشعر بأنها نادمة على ارتباطها بي ورغم ان زواجنا أثمر عن عدد من الأبناء إلا اننا انفصلنا. (5) وتؤكد الباحثة الاجتماعية الاستاذة فاطمة محمد التوم ان المرأة مهما وصلت إلى تعليم متقدم، فهي تشعر ان الزواج يوفر لها الأمان، ولكن الفوارق التعليمية دائماً تخلق بعض المشكلات بين الأزواج. فبعض النساء يتخوفن من العنوسة ويتزوجن من هم أقل منهن في التعليم والثقافة ويؤدي ذلك في معظم الأحيان إلى مشاكل و(خلافات)، الأهم هو التوافق المهني وليس الوظيفي، فهنالك العديد من الخطوط المشتركة التي يمكن ان تنشأ من خلالها، وفي نفس الوقت هنالك بيئات مختلفة يصعب معها ايجاد تكافؤ أو انسجام بين الزوجين. ترى بعض النساء ان الرجل الاقل تعليماً منهن يسهل التعامل معه، ولكنهن ببعض التصرفات غير المقصودة قد يجرحن شعوره، فيحدث ما لا يحمد عقباه. صحيفة حكايات