شاهد بالفيديو.. (ما تمشي.. يشيلوا المدرسين كلهم ويخلوك انت بس) طلاب بمدرسة إبتدائية بالسودان يرفضون مغادرة معلمهم بعد أن قامت الوزارة بنقله ويتمسكون به في مشهد مؤثر    شاهد بالفيديو.. مطرب سوداني يرد على سخرية الجمهور بعد أن شبهه بقائد الدعم السريع: (بالنسبة للناس البتقول بشبه حميدتي.. ركزوا مع الفلجة قبل أعمل تقويم)    شاهد بالفيديو.. مطرب سوداني يرد على سخرية الجمهور بعد أن شبهه بقائد الدعم السريع: (بالنسبة للناس البتقول بشبه حميدتي.. ركزوا مع الفلجة قبل أعمل تقويم)    الخرطوم وأنقرة .. من ذاكرة التاريخ إلى الأمن والتنمية    السودان يعرب عن قلقه البالغ إزاء التطورات والإجراءات الاحادية التي قام بها المجلس الإنتقالي الجنوبي في محافظتي المهرة وحضرموت في اليمن    "صومالاند حضرموت الساحلية" ليست صدفة!    مدرب المنتخب السوداني : مباراة غينيا ستكون صعبة    لميس الحديدي في منشورها الأول بعد الطلاق من عمرو أديب    شاهد بالفيديو.. مشجعة المنتخب السوداني الحسناء التي اشتهرت بالبكاء في المدرجات تعود لأرض الوطن وتوثق لجمال الطبيعة بسنكات    تحولا لحالة يرثى لها.. شاهد أحدث صور لملاعب القمة السودانية الهلال والمريخ "الجوهرة" و "القلعة الحمراء"    الجيش في السودان يصدر بيانًا حول استهداف"حامية"    رقم تاريخي وآخر سلبي لياسين بونو في مباراة المغرب ومالي    شرطة ولاية القضارف تضع حدًا للنشاط الإجرامي لعصابة نهب بالمشروعات الزراعية    استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وراء تزايد تشتت انتباه المراهقين    بدء أعمال ورشة مساحة الإعلام في ظل الحكومة المدنية    ما بين (سبَاكة) فلوران و(خَرمجَة) ربجيكامب    ضربات سلاح الجو السعودي لتجمعات المليشيات الإماراتية بحضرموت أيقظت عدداً من رموز السياسة والمجتمع في العالم    قرارات لجنة الانضباط برئاسة مهدي البحر في أحداث مباراة الناصر الخرطوم والصفاء الابيض    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    استقبال رسمي وشعبي لبعثة القوز بدنقلا    نيجيريا تعلّق على الغارات الجوية    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    منتخب مصر أول المتأهلين إلى ثمن النهائي بعد الفوز على جنوب أفريقيا    ناشط سوداني يحكي تفاصيل الحوار الذي دار بينه وبين شيخ الأمين بعد أن وصلت الخلافات بينهما إلى "بلاغات جنائية": (والله لم اجد ما اقوله له بعد كلامه سوى العفو والعافية)    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    قبور مرعبة وخطيرة!    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    البرهان يصل الرياض    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيلم تستبدلون.. وفوضوية العد والفرز..!ا
نشر في الراكوبة يوم 07 - 06 - 2010


بسم الله الرحمن الرحيم
مسيرة تزوير (4-5)
فيلم تستبدلون.. وفوضوية العد والفرز!
رباح الصادق المهدي
في ثلاث مقالات تتبعنا مسيرة التزوير منذ الإحصاء فالترسيم فالتسجيل فالترشيح فالحملة ثم الاقتراع الذي بدأنا بذكر مناظره لدخول (فيلم تستبدلون) الذي يفسر النتيجة إذ أن المناظر التي شهدناها أي إجراءات تعدد التصويتات وشراء الأصوات وسهولة إزالة الحبر وشفافية الاقتراع بدل سريته وغيرها لا تفسر النتيجة.. اليوم نأتي على التفسير الذي تبناه كثيرون، ثم نتحرك لمرحلة العد والفرز بعد أن لبثنا في مرحلة الاقتراع منذ مناظرها حتى فيلمها عمرا.
تستبدلون، الصناديق الطائرة أو كراتين قيت
السبب الحقيقي للنتيجة المضروبة هو التزييف عبر عمليات استبدال للصناديق ليلا. وصف السيد ثروت قاسم تبرير مبعوث الرئيس الأمريكي للسيدة سمانتا باورز (المستشارة في مجلس الأمن القومي الأمريكي والمسئولة عن ملف السودان، وكاتبة إستراتيجية إدارة أوباما في السودان للأربعة سنوات القادمة، وحلقة الوصل بين أوباما ومجلس الأمن القومي الأمريكي والجنرال غريشن كما وصفها قاسم) وصف تبرير النتيجة \"الفضيحة\" في مقاله خفيف الظل بموقع سودانايل (الرئيس أوباما يجضم الجنرال غريشن) أن الاستبدال كان الخطة (ب) التي يجب أن يلجأ إليها المؤتمر الوطني في حال شعر أن الأمور خرجت من اليد، ولكنه لأسباب غير معلومة –متعلقة بالقلق من الانتخابات وعدم الثقة في كافة إجراءات التلاعب الأخرى المتخذة فيما يبدو لنا- قام بالبدء بالخطة (ب) منذ البداية. والخطة \"ب\" كما هو معروف في لغة الإستراتيجيات هي الخطة البديلة حال فشل الخطة الأصلية.
وصف د عثمان إبراهيم عثمان العملية بأنها (تستبدلون) في مقاله: (الملائكة تصوت للمؤتمر الوطني أو عملية تستبدلون- صحيفة السوداني 18/4)، ووصفها الأستاذ قمر دلمان في عموده بأجراس الحرية بعنوان (النزاهة تتجه جنوبا) بالصناديق الطائرة والتي قال إن مناضلون من فصيلة (ما ينوم) منعوا من أن تدخل هذه الصناديق الطائرة في ولاية النيل الأزرق لتغير النتيجة لصالح المرشح المؤتمروطنجي السيد فرح عقار (والحقيقة أن ما حدث في النيل الأزرق هو فل للحديد بالحديد ليس إلا!)..
كما وردت تقارير إخبارية حول قبض بعض وكلاء الأحزاب على كراتين مسربة للمراكز (مثلا بمركز بالشجرة الدائرة 30 بولاية الخرطوم) ولكن لم يقبل فتح بلاغ (موقع الأمة الإلكتروني). وجاء في صحيفة أجراس الحرية (23/4) أنه تم القبض على رئيس أحد مراكز الاقتراع بولاية غرب الاستوائية (جون عبد الله بمركز الاقتراع في منطقة جانقرا) لتورطه في عمليات تزوير وممارسات فاسدة، وأصدرت المحكمة حكما عليه بالسجن عامين. وأوضح مايكل جوزيف عضو فريق انتخابات الحركة الشعبية في غرب الاستوائية أن الشرطة ألقت القبض عليه وهو يشرع في تزوير 10 ألف بطاقة، وينتظر أن تصدر أحكام على موظفة وموظف اقتراع القي القبض عليهما في وقائع مماثلة.
كذلك اتهم دكتور حسن الترابي الشرطة بأنها التي قامت باستبدال الصناديق. وذلك في اللقاء الشهير معه بصحيفة أخبار اليوم قبل أيام من اعتقاله الغشوم بأي مقياس عدلي ديني كان أم وضعي أم عرفي سليم، ولكن هناك من قال إنه في إطار (الما بريدك ما بعتقلك)! ذلكم هو الأستاذ محمد عبد الماجد في عموده (القراية أم دق)!.. والحقيقة أن المثل السوداني الذي سمي عليه العمود المذكور يرجع لإرث الدراسة المتعارف عليه في السودان قديما وربما حتى اليوم والذي يجلد فيه التلاميذ أو الحيران المتخلفين عن الدرس أو فهمه أو المخالفين. كنا نتعجب منه عنوانا لعمود، فصاحب العمود يكتب لا يقرأ! حتى أدركنا بعد بعض تتبع، وربما درس علي يدي الأستاذ عبد الماجد أنه يأخذ قارئه في طريق تجعله يجعل من كلماته سياطا على جهات ما. فقارئ عبد الماجد، يغرف من مخزون مشترك بينهما ليجلد.. وبذلك، هي بالفعل قراية أم دق! ولا ندري هل صار الأستاذ عبد الماجد أبرع مما بدأ به بما لا يقارن، أم أنه طور من قدرة قارئه وقارئته على هذا النوع من التبادل المعرفي حتى صار ممتعا بحق!!
عود على أمر الاستبدال. قال الشيخ حسن الترابي في اللقاء المذكور: \"بدأنا نلاحظ مدة الأيام من يوم واحد حسب القانون إلى ثلاثة إلى خمسة ومعناه إلى أربع ليال، والأمور كلها تدبر بليل. وفي غالب السودان حُدّثنا أن الشرطة منعت المبيت مع الصناديق إلا في مناطق قليلة سمحت لهم أن يبيتوا وبعد ذلك بلغتنا في المساء جدا بلاغات أن مشروعا قوميا الآن يدبر في كل السودان لتبديل نتائج الانتخابات، وأقول تبديل الصناديق وليس تزويرها. نعم تبديل الصناديق تماما\".
قال الترابي مسترسلا مخاطبا محاوره: \"جاءنا خبر من مسئول سياسي كبير، وجاءنا خبر من قيادات -وكما تعلم صداقات السودانيين أحيانا حتى لو فرقتهم الأحزاب تظل الأمور موصولة- وبعد ذلك طرد كل المراقبين والشكوى منهم بدأت تأتينا بها الأخبار ولذلك بدأ الريب ينتابنا، وبمجرد ما بدأ التصويت بدأنا نشعر أن المسألة دبرت لأنه مشروع أمني واحد ليس فيه تقديرات سياسية، ولو كان دبرها ساسة لكانوا فعلوا نفس الفعلة ولكن لستر عورتها بنوع من الحيل، ويمكن أن يخرجوها حتى يمكن أن تجوز على الناس ويمكن تجادل بها لكن هم أخرجوها بهذه الطريقة\"! (أخبار اليوم الأربعاء 12 مايو العدد 5605).
وسأله الصحفيان اللذان أجريا اللقاء –الأستاذ أحمد التاي والأستاذة بسمات أبو القاسم- حول بيناته فقال: \"الآن بدأت تأتينا البينات، وكل يوم تأتينا بينات جديدة، وأمس قالوا اكتشفوا كل الأوراق أو أن الصناديق القديمة لم تحرق أوراقها بل تركوها ليقرأوها بعد ذلك ويقرروا هم لصالحهم – ما هو تأييدنا وحجم قواعدنا ومدننا في المجتمع، لكن دبروا صناديق أخرى، لكن جاءتنا بينات. هناك من قبض داخل المركز يلعب بالصناديق ومن دخل بزي الشرطة داخل تلك المراكز\".
وزبدة القول إن كثيرين ذكروا أمر الاستبدال كتفسير وحيد، وليس ما سقنا من مناظر، للنتيجة التي لا يمكن أن تكون عاكسة لمجتمع السودان ولو تلاعب بالحبر والسجل والانتحال المتلاعبون!
العبث والتناقض
قلنا في مقالاتنا السابقة إن ما جرى كان فيه نوع من العبث لا تخطئه عين. وقلنا إنه كان هناك تناقض بين إستراتيجيات التلاعب ذاتها. فالذي يزمع تبديل الصناديق لا يرهب المنافسين، ولا يحجر على حملاتهم، يدعهم يعملون ما يريدون ثم يأتي يوم الفصل بصناديقه! فما هو السبب في هذا التضارب؟
ربما التفسير الوحيد هو أن الاستبدال لم يكن الخطة (أ) أي الأصلية. إذن لماذا تم اتباع الخطة (ب) منذ البداية يا ترى؟ أهي \"الشفقة\" من النتيجة؟ يبدو على أية حال أن اتباعها كان هو الوسيلة الأوثق للتأكد من النتائج، وقد نوّر مندوب المؤتمر الشعبي قوى الإجماع الوطني في معرض شرحه لأسباب اعتقال الدكتور حسن الترابي بأن السبب يرجع لنشاط حركة العدل والمساواة من جهة (وهو ما لم يخفه قادة النظام بل اجتهد بعضهم للتأكيد على الصلة بين الشعبي وحركة العدل بدليل أحداث جبل موون)، وكذلك لما أزمعه حزبهم من فضح بينات التزوير من جهة أخرى خاصة بعد اطلاع الجماعة الحاكمة على نتائج الصناديق الحقيقية باعتبار أنها كانت نتائج مزعجة لهم وغير متوقعه، بحسب إفادته.
ويبدو كذلك أن الاقتراع في المهجر كان على سوءاته أفضل حالا منه في الداخل من ناحية أنه لم يتم الحديث عن الخطة (ب). فقد كان عدد المقترعين الكلي حوالي 68 ألف ناخب أي ما يساوي حوالي 61% من الناخبين المسجلين في المهجر، والذين يمثلون أقل من 3% من الذين يحق لهم التسجيل (عدد الناخبين المسجلين حوالي 112 ألف والذين يحق لهم التسجيل حوالي أربعة ملايين) فنسبة التصويت البالغة بالتالي 1,7% من مجمل المهجريين تتناسب مع اتجاه المهجريين الكبير لمقاطعة الانتخابات المطبوخة وقد شهد بذلك حجم البوستات التي دعت للمقاطعة منذ بدء عمليات الانتخابات داخل المنابر الإسفيرية المسكونة بالمهجريين مثال عليها سودانيز أون لاين. وبالرغم من الأعداد المتواضعة التي اشتركت في الاقتراع شوهدت تصرفات مريبة رواها المراقبون، والمطلع على تقرير الأستاذ رفعت ميرغني المراقب الوطني للانتخابات بالقاهرة يقرأ العجب العجاب! منها أنه كان بعض المصوتين الذين تم شراء صوتهم يشترط استلام النقود (50 جنيها مصريا) قبل أن يصوت فقام ضابط اقتراع بتسليمه المبلغ على مرأى منهم ومسمع! ومنها أن أحد المراقبين حينما احتج لموظفي المركز بعض الاحتجاجات قائلا إن هذا يؤثر على النتيجة قال له: \"يا ابني النتيجة اتوضبت خلاص\".. أي قضيت وقضي الأمر الذي فيه تستفتي!
أما بالداخل فالأمر تجاوز ذلك للاستبدال الذي تحدثنا عنه. صحيح كان هناك نوع من التلاعب فرضته حالة المقاطعة من أحزاب جماهيرية ذات بال. ولذلك، ولتبلغ الانتخابات النصاب القانوني (60%) كان لا بد من الإجراءات التي اتخذت من فتح السجل وقرع الأبواب لحث الناس للاقتراع ونقدهم ليصوتوا وتعدد التصويتات وحشو الصناديق (بعد أن يتم التصويت باسم بعض المسجلين الذين لم يحضروا للتصويت) ولكن ذلك أيضا تم \"بشفقة\" وبدون تدبر، مما أحدث خللا كبيرا من ناحية بعض الذين كانوا يأتون للاقتراع فيجدون أنه قد تم التصويت باسمهم كما ذكرنا. كان ينبغي الانتظار حتى نهاية اليوم الثالث لاتخاذ مثل هذه الإجراءات لولا أن صاحب الحاجة أرعن، والحاجة كانت الوصول للنسبة القانونية للمقترعين بأي شكل، ذلك أن الصناديق المستبدلة كانت تحاول التقيد بعدد البطاقات في الصناديق الأصلية –برغم أنه ضبطت حالات فرق بين عدد البطاقات في بعض المراكز كما أوردنا وكما سنذكر لاحقا حول مرحلة العد. وبهذه المناسبة –الحاجة للنسبة القانونية- فإننا لا ننسى الإشارة لتصريحات الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر منذ اليوم الأول والتي قال فيها إن التصويت بلغ 60%، مع أن النتيجة المعلنة لم تصل لتلك النسبة إلا في اليوم الأخير.. على أية حال لم تكن تلك كذبة السيد كارتر الأولى ولم تكن الأخيرة فيما يتعلق بانتخابات السودان، وسنتعرض لأكاذيبه المثبتة لاحقا بإذن الله. لعله خاف جدع الأنوف والمسح بالسوق والأعناق، وشر البلية ما يضطر رجل دولة للكذب! على أية حال فإن تقارير مركزه لم تتخذ الكذب سبيلا، ويحمد للمركز أن لم يعس عوس صاحبه!
الشاهد، صحيح إن إجراءات زيادة عدد المصوتين كانت ضرورية حتى مع (تستبدلون) ولكن ما لم يكن ضروريا معها واتخذ بشكل متواتر انتهاك سرية الاقتراع بقرب موظفي المفوضية من مكان الاقتراع المسمى زورا وبهتانا بالستارة، والتدخل من بعض الموظفين لحث المقترعين على التصويت للشجرة تحت مسمى مساعدة الأميين أحيانا وبدون أي مسمى حينا آخر، وغير ذلك من الأساليب التي مورست حتى آخر أيام الاقتراع. هذه الإجراءات لم تكن ضرورية في حال الاستبدال! إنها أحد دلالات التناقض بين استراتيجيات التلاعب. وأحد أوجه ما وصفناه بالعبث.
عمليات العد والفرز
وجه آخر للعبث كان ما وصفه بيان مركز كارتر حول عمليات العد وفرز الأصوات في تقريره الصادر صبيحة 10/5/2010م. قال المركز إنه وبناء على ملاحظاته المباشرة \"فإن عملية عد وتجميع الأصوات بالانتخابات السودانية كانت فوضوية وغير شفافة وقابلة للتلاعب الانتخابي بشكل كبير\" معبرا عن قلقه بشأن النتائج التي أعلنتها المفوضية القومية للانتخابات، ومناديا بأن تنشر نتائج مراكز الاقتراع كلا على حدة.
لقد وصف بعض المعارضين بيان المركز ذلك بأنه ركيك! وفي الحقيقة الانطباع الأول الذي يعطيه البيان هو أنه يحاول وصف جهنم بوصف شررها! قال بعض المفسرين للنص القرآني الواصف لجهنم (إنها ترمي بشرر كالقصر، كأنه جمالات صفر) أن الشرر \"أدنى أجزاء النار\" متعرضا للبلاغة في وصف الشرر بذلك الكبر مما يوحي بأن جهنم التي شررها كما ذكر لا بد عظيمة الهول..\"فالشرر هو الأجزاء الدقيقة التي تتطاير من النار عند التهابها\" ولفظة (كالقصر) \"بيان لحجم ذلك الشرر، وهنا تباين عجيب، فالشرر لفظ يوحي بالتناهي في الصغر، والقصر لفظ موحٍ بالتناهي في الضخامة والكبر\" ونفس الشيء بيان المركز حول عمليات العد والفرز، فالمركز وزع سبعون مراقبا في ولايات السودان الخمس والعشرين أي لمراقبة نحو 16 ألف نقطة اقتراع.. لا يمكن لهؤلاء المراقبين السبعين مهما أوتوا من تشبيك وأعين مفتوحة أن يحيطوا بما جرى. واليقين أن المراكز التي كان يزورها المراقبون الدوليون كانت تستعد للخروج بأفضل ما لديها من ممارسات وإخفاء التجاوزات، وبرغم ذلك كان في البيان ما يشيب له الولدان الباحثون عن النزاهة!
تحدث التقرير مثلا عن مشاركة وكلاء الأحزاب السياسية بالمساعدة في عد البطاقات! ولكن المركز لم ير أن ذلك تم بسوء نية!! وعن الخطأ في تصنيف البطاقات التالفة، وانعدام الاتساق في إعلان النتائج في محطات الاقتراع، وتعويق استعادة صناديق الاقتراع والاستمارات مما \"زاد من قابلية التلاعب وأخر بدء مرحلة التجميع في بعض الولايات\"، وأن عملية التجميع كانت فوضوية تعوزها الشفافية في كل البلاد وذلك بسبب انعدام التدريب الكافي لموظفي إدخال البيانات والفشل في استخدام الضمانات المرساة ضد التزوير، وتعديل النتائج بشكل جزافي، وإغفال الضمانات الحاسوبية، بل قال المركز إن مصادر موثوقة أطلعته بان المفوضية طوال فترة التجميع نصحت مسئولي التجميع باعتماد نظام يدوي للإحصاء بالتوازي مع الرقمي أو باستبداله كلية (وهذا بالطبع كأن يقول سيد الزبدة –الضمانات الحاسوبية- أشووها: فشووها)، ومضى التقرير يصف الفوضوية في الاستمارات المجموعة بشكل تنقصه بيانات هامة، أو فارغة، وقال إن التجميع اليدوي غير المخطط له قوض دقة عملية النتائج، وذكر أنه في ربع الولايات التي تمت مراقبتها على الأقل لوحظ قيام العاملين على إدخال البيانات بتعديل استمارات النتائج إما بزيادة أو تقليل الأصوات التالفة أو التي حصل عليها مرشحون، وذلك بغرض مواءمة الأرقام!! ما كنا نسميه في كلية الهندسة والعمارة بجامعة الخرطومcooking أو طبخ النتائج. يقوم به الطلبة المتسيبون في تقاريرهم حول تجارب معملية لتتطابق مع النظرية!
إن ما وصفه بيان المركز في 18 صفحة يجعلك تتحسبل وتتحوقل من مدى ذلك الشرر الذي اطلع عليه مراقبو المركز وإن لم يخوضوا النار!
ربما للغة الحيادية التي حرص عليها التقرير، ولمحاولة تفسير الأخطاء كثيرا بحسن نية، روي عن الأستاذ علي السيد المحامي والقيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل قوله إن التقرير ركيك! (صحيفة الأيام) لكن التقرير وصف بكل حيادية وقال قولته التقريرية بدم بارد إن العملية كانت فوضوية فاقدة الشفافية وبابا للتلاعب، فهل من مزيد نحتاجه لإعدامها؟ اللهم لا! تماما كما سمعنا بشرر لجهنم ولكنه كالقصر يثبت لها هول العذاب!
نواصل بإذن الله
وليبق ما بيننا
* نشرت يوم الأحد الموافق 30 مايو 2010م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.