حديث المدينة وعيد الوالي ..!! عثمان ميرغني خبر خطير للغاية.. نقلته وكالة الأنباء الرسمية (سونا) عن السيد أحمد هارون والي ولاية جنوب كردفان.. وضعت له أمس غالبية الصحف عنواناً (هارون يتوعد المتسببين في أحداث جامعة الدلنج).. وهو مضمون خطبة أحمد هارون بعد صلاة الجمعة بمسجد \"كادقلي\" العتيق.. و(الوعيد!) هنا مقصود به الأحداث التي وقعت في (داخلية) الطالبات بجامعة (الدلنج).. المواجهات مع الشرطة أدت لمقتل طالبة وجرح عدد آخر من الطلاب.. خطورة هذا الخبر.. تصريحات الوالي أحمد هارون تمنح الإحساس بأنَّ السلطة التنفيذية تملك (مفاتيح!) تحريك العدالة.. فالمفروض بداهة أنَّ الأحداث الجنائية التي تقع في أي مكان في السودان.. تتحول تلقائياً إلى (بلاغ) في الشرطة وملف تتعامل معه النيابة.. بلا حاجة لتوجيهات - أو وعيد- من أي سلطة أخرى.. وكذلك أحداث جامعة الدلنج، يُفترض أنها تحولت تلقائياً إلى بلاغ في أقسام الشرطة والنيابة.. ويسري عليها كل ما يسري على أي جريمة عادية ترتكب بواسطة أي مواطن في قارعة الطريق بلا تمييز.. دون حاجة لتوجيهات الوالي أو(وعيده!).. فالعدالة التي تنتظر (توجيهات) الوالي ل(تعمل) ستنتظر توجيهاته لكي (لا) تعمل.. وإذا عملت ستنتظر أيضاً (توجيهاته) في اتخاذ القرار.. وهل تمضي في تقديم المتورطين إلى منصة القضاء أم تحكم ب(البراءة) بعيداً عن المحاكم.. ولن ننسى أبداً.. أنَّ زميلنا الشهيد الصحفي محمد طه محمد أحمد، صاحب ورئيس تحرير الزميلة صحيفة \"الوفاق\" راح ضحية قرار الحكومة أنْ (لا) تعمل العدالة.. مما دفع الطرف المتضرر لأخذ القانون باليد.. محمد طه لم تقتله السكين التي نحرت رقبته.. قتلته المادة (58) من قانون الاجراءات الجنائية التي سمحت بسحب الشكوى المرفوعة ضدّه.. العدالة التي تنتظر (إذن) الحكومة – السلطة التنفيذية – قبل أن تتخذ إجراءاتها.... تصبح مُكبَّلة ب(موافقة) الحكومة أو (عدم!) موافقتها.. وقد تأتي أو لا تأتي حسب الظرف السياسي أو ربما المزاجي..!! ويعلم مولانا أحمد هارون أنَّ تلك كانت (الثُغرة) التي نفذت منها أزمة المحكمة الجنائية الدولية.. جاء الإتهام الدولي لنا تحت طائلة أنَّ الحكومة (غير راغبة) وإنْ كانت قادرة على بسط العدالة. وتدخُّل الحكومة ب(الوعد أو الوعيد) في تنفيذ القانون يجعل الناس يتحسرون على المقارنة مع نموذج الغرب.. بل مع نموذج إسرائيل نفسها بكل المقت العربي لها.. عندما يرون رئيس وزراء إسرائيل (يتبهدل) في تحقيقات الشرطة.. فلا يستطيع أن يردّ عن نفسه سلطة القانون.. رغم أنَّ جريمته (يادوبك) اتهام بتلقِّي تبرُّعات أقلّ من (80) ألف دولار في مجملها.. الأجدر في العهد الجديد.. إشاعة الإحساس بالمساواة أمام القانون.. وأنْ تسلك جريمة قتل عادية في الشارع في مسار خطواتها نفس الطريق الذي تسلكه إجراءات جريمة قتل داخل حرم الجامعة.. سواءٌ كان القتل بسبب عنف طلابي أو عنف شرطي.. بلا حاجة ل(وعيد) الوالي..!!. التيار