حديث المدينة نظرية (اللسان الممدود)..!! عثمان ميرغني جارتنا الجنوبية يوغندا.. تجاهلت توجيه الدعوة للرئيس البشير؛ للمشاركة في أعمال القمة الأفريقية التي ستستضيفها في كمبالا.... فهي دولة موقِّعة على ميثاق روما، ومن ضمن الدول التي تدعم المحكمة الجنائية الدولية.. وثارت الحكومة السودانية على هذا التجاهل.. فتراجعت يوغندا، ووجهت الدعوة.. بعبارات مبهمة، ووسط زحمة من الكلمات التي ربما تعني في النهاية أنها دعوة صورية، يقصد منها أن ينيب الرئيس نائبه بدلاً عنه لحضور القمة. نفس الأمر تكرر قبل أيام مع دولة جنوب أفريقيا.. إذ صدرت تصريحات شاذة وغريبة.. تقول إن الدعوة وجهت للرئيس البشير لحضور افتتاح المونديال.. لكن في نفس اللحظة؛ تؤكد أنه إذا حضر فقد يتعرض للتوقيف الدولي.. لكن جنوب أفريقيا، في وقت لاحق، نفت صدور تلك التصريحات من رئيسها.. وقبلهما.. فرنسا وجهت دعوة رسمية للسودان لحضور قمة (فرنسا وأفريقيا)، لكنها طلبت أن يكون تمثيل السودان بمسؤول آخر غير الرئيس البشير، وفعلاً شارك في القمة الأستاذ علي عثمان محمد طه نائب الرئيس.. حتى الدول التي لا يشك أحد في صدق علاقتها مع السودان.. تركيا.. دعت الرئيس قبل فترة لحضور قمة منظمة المؤتمر الإسلامي على أراضيها.. وعندما وصل الرئيس البشير إلى شرم الشيخ، في زيارة كان كثيرون يتوقعون بعدها أن يواصل إلى أنقره.. نشرت وسائط الإعلام أن تركيا تراخت أمام ضغوط الاتحاد الأوروبي عليها.. وألمحت للرئيس البشير بصعوبة مشاركته في القمة.. لا ألوم يوغندا، ولا جنوب أفريقيا، ولا فرنسا، على مثل هذه التصرفات التي يقصد منها توجيه الإهانة المباشرة.. وإحداث رد فعل إعلامي دعائي سلبي.. بل ألوم الدبلوماسية السودانية، التي حتى اللحظة، لا تعرف كيف تواجه قضية المحكمة الجنائية بإستراتيجية واضحة.. الدبلوماسية السودانية وقعت في الفخ.. فهي تبدي علامات الفرح والرضا من كل مناسبة إقليمية أو دولية توجَّه الدعوة فيها للرئيس البشير.. وتظهر للعالم كأنما مجرد نجاح الرئيس البشير في عبور الحدود السودانية للمشاركة في أي قمة خارجية؛ هو نصر دبلوماسي خطير.. مثل هذا المسلك أوحى للأطراف الأخرى بأن تتعمد السلوك الذي يثبت أن الرئيس البشير (لا) يمكنه المشاركة في قمة ما.. فتتعمد بعض الدول توجيه الدعوة، ومعها رفض مشاركة الرئيس البشير.. والبعض الآخر يتعمد انتهاز الفرصة؛ فيصدر تصريحات علنية رافضة لمشاركة الرئيس البشير.. وهي في كل الأحوال تؤدي إلى ذات النتيجة.. الإحساس المرير في السودان بالإهانة الدولية.. الآن، نحن في عهد جديد.. ممتد لخمس سنوات قادمات.. في كل شهر مؤتمر قمة في مكان ما في العالم.. فهل تنتظر الدبلوماسية السودانية عطف الدول عليها؟.. ماذا في كنف الدبلوماسية السودانية لمواجهة الأمر الواقع الدولي، الذي صنعته قضية الجنائية الدولية؟.. هل ستمضي في منهج سفيرنا في نيويورك.. سياسة (اللسان الممدود).. وافتراض أنها مباراة في تبادل الإهانات.. كلمة بكلمة.. ولكمة بلكمة؟.. أم تتبنى الدبلوماسية السودانية منهجاً علمياً وعملياً يفرغ (القمم) من شحنات الإهانة الملغومة في دعواتها؟.. التيار