هناك فرق كُلُّهم هذا الرجل ..! منى أبو زيد استوقفني جداً رأي سيدة.. قابلتني بالأمس مصادفة في أحد الأسواق .. وخصّمتني بالنبي قائلة (عمرك شفت ليك شاعر ولا فيلسوف معدّد) .. ف العلاقة – بحسبها - بين انعدام الرومانسية وتعدّد الزوجات طردية .. (كان ذلك على خلفية حلقة عن الوجه الآخر للتعدّد قدمناها في برنامج عدد خاص) ..! بلى – يا عزيزتي – أعرف شعراء (معدّدون) .. وما أكثرهم .. أمرؤ القيس/سيد الواقفين على الأطلال شاعر معدد .. صحيح أنه صاحب الوقفة الأشهر في تاريخ الشعر .. وهو لم يكتف بالوقوف بل دعا غيره إليه .. ولم يبك على الأطلال – فحسب - بل أمر غيره بالبكاء أيضاً .. لكن وقفته تلك جديرة بالتأمل .. بل مُحفزة على النقد الجندري ..! بعض النقاد قالوا إنّ الرجل بجملة (قفا نبك) قد وقف واستوقف .. وبكى واستبكى .. وبلغ منتهى البلاغة والاقتصاد في (صرف العربي) .. وقد ذهب بعضهم إلى أنه من غير الجائز له أو لغيره أن يطلب من مرافقيه البكاء على حبيبته لأنّ فكرة البكاء الجماعي على أطلال امرأة واحدة، تعطي إيحاءً – غير مقبول – بأنها حبيبة (على الشيوع) .. يبكي على أطلالها مجموعة من الرجال .. وبالتالي فالأولى – بحسبهم - والأستر (لسمعة حبيبته) كان أن يستبكي رفيقيه على حاله هو .. وأن يدعوهما إلى الحزن تضامناً مع حزنه العميق لفقدانها ..! لكن الوقفة (في عضمها) وقفة آلية .. ينقصها الإحساس الحقيقي .. والدليل أنه قد شرد بفكره، وشطح خياله إلى ذكرياته مع نساء أخريات وهو ما يزال واقفاً على أطلال ست الإسم .. وعوضاً عن الحزن على فراقها .. أخذ يستعرض مغامراته ومجونه مع غيرها من النساء (يوم دخلت الخدر خدر عنيزة / فقالت لك الويلات إنك مُرجلي / تقول وقد مال الغبيط بنا معاً / عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل) .. وعليه فالرجل – عاشق/معدد – حبيب (مستهبل) .. خرق قواعد الإتيكيت العاطفي عندما ذكر (التعدد) في مقام (التَّوحُد) في وقفته على أطلال فاطمة .. ف مقام المشارفة على الهلاك أسىً وبكاءً واستبكاءً لا يقبل فكرة الشراكة .. والوقوف على أطلال الحبيبة له طقوس عاطفية أدناها الاقتصار على ذكرها وحدها في لحظات التدفق العاطفي على شرفها .. الحب الحقيقي/المتكامل بين رجل وامرأة – بعيداً عن فكرة التعدد كسلوك أو نزعة فطرية عند الرجال .. وبعيداً عن كونه رخصة شرعية عند القائلين بأنّ الأصل هو (الإفراد) .. أو كونه (حقاً شرعياً) عند القائلين بأنّ الأصل هو (التعدد) - ييقى عاطفة غير ديموقراطية .. ويظل حالة وجدانية لا تقبل القسمة على اثنين ..! ورغم ذلك يبقى الحديث عن فكرة تعدد الزوجات بحماس واستحسان سلوكاً شائعاً ومستحباً بين الرجال على مر العصور .. وإن كان الجديد اليوم هو اختلاف (نغمة) حديث النساء عنها..! والأهم أنّ جواز التعدد لا ينفي حقيقة أن الرجل المُعدِّد (مسكين) وشقي حال في مطلق الأحوال ّ .. إن أهمل تحرّي العدل وظلم إحداهن على حساب الأخرى (دخل في جورها) وحمل إثم ظلمه لها .. ثم جاء يوم القيامة وشقُّه مائلٌ ..! وإن هو تحرّى العدل واجتنب الظلم .. عاش في همٍّ وحذر .. ومشى بين الناس بنصف شرود ونصف انتباه .. وعاش بجسد أسير لحركة (العدل والمساواة) .. وعقل مرهون لمزاج (حركات التمرد) ..! التيار