هناك فرق الشهادة مزوّرة .. والمرتب حرام منى أبو زيد صحيفة (الرأي العام) أجرت تحقيقاً عن الصورة الاجتماعية للمتهمين بقتل (غرانفيل) بعد ساعات من هروبهم.. وكان الرابط الأساسي بين الخلفيات الاجتماعية لكل منهم هو مناهج التعليم السعودية.. الأمر الذي حفّز الصديق العزيز والكاتب الفذ ضياء الدين بلال على كتابة مقال بعنوان (أبناء المغتربين ومحاضر الشرطة).. ناقش فيه نقطة الالتقاء تلك في تاريخ المتهمين الأربعة.. ملقياً باللائمة على منبع الفكر الواحد الذي نهلوا منه جميعاً، فقادهم إلى طريق التطرف الديني.. فالإرهاب..! بعد الكثير من التحفّظ على ما ذهب إليه الأستاذ ضياء الدين في بقية المقال عن علاقة أبناء المغتربين بالسلوكيات المتطرفة التي غزت مجتمع الشباب (سواء كانت تلك السلوكيات هي إفراط في التطرف الديني أم تفريطاً في قوانين المجتمع وضوابطه الأخلاقية).. لا مناص من الاعتراف بالعلاقة العميقة بين التعليم في السعودية والغلو الديني.. ومدى تأثير ذلك على قناعات وأفكار الفرد مستقبلاً..! السعودية نفسها يثور فيها – بين الفينة والأخرى – ذات الجدل، حول مناهج التعليم ومدى تأثيرها على خلق مناخات صالحة لنمو الأفكار الدينية المتطرفة.. وقبل سنوات حذّر المفكر السعودي الدكتور عبد الله الغذامي من بعض ما تحويه مناهج التعليم، رابطاً بينها وبين الإرهاب.. الأمر الذي دفع بالداعية الشيخ سلمان بن فهد العودة إلى الدفاع عن براءة المناهج السعودية من تهمة التشجيع على التطرف..! آخرون – غير الغذامي – منهم الأمير محد عبد الله الفيصل دعوا إلى تغيير فلسفة التعليم في السعودية بعد أن خرّجت مناهجها إرهابيين فجّروا أنفسهم باسم الشهادة..! لن أهاجم تلك المناهج ولن أدافع عنها ولكني سأعطيكم مثالاً حيّاً على تأثيرها الفاعل والمزمن.. قبل نحو يومين أو ثلاثة نشرت الصحف خبراً مفاده أنّ مولانا محمد علي المرضي وزير العدل الأسبق، قد استشهد – في أثناء حديثه في سمنار عن حماية المستندات الرسمية من التزوير– بأنّ معظم الكوادر التي تحتل مراكز مهمة بالدولة قد التحقت بالجامعات بشهادات مزوّرة..! قال الرجل كلاماً طيباً ومهماً عن وجوب إعادة الثقة إلى المستند، وتحدث عن تكوين ما يسمى بمباحث الظل في تلك الجهات لمكافحة عمليات التزوير.. أصدقكم القول أنّ كل الذي علق بذهني وألحّ على تفكيري كان حكاية الشهادات الجامعية المزوّرة..! وجدت نفسي – دونما وعي.. وعلى طريقة ناس الشهادة العربية – استدعي فتوى للشيخ عبد العزيز بن باز – كانت قد أثّرت على قناعاتي في ما يختص بحكاية الغش في الامتحان (طوال حياتي..!) .. وذلك بعد أن ظلّت المعلمة السعودية التي كانت تدرسنا مواد الدين – في المرحلة الابتداية - تصر على تلقيننا إيّاها..! مضمون الفتوى التي قالت معلمة الدين إنّها صادرة عن الشيخ بن باز مفتي السعودية كان كالتالي.. (.. إنّ الذي يتحصّل على أية درجة علمية أو يحقق أي نجاح أكاديمي عن طريق الغش في الامتحان هو آثم لا محالة.. ولكنه ليس آثماً فقط.. بل يأكل في بطنه حراماً.. ويكسب رزقه بالحرام.. لأنّ الشهادة التي حصل بموجبها على وظيفته (مصدر رزقه) هي في حكم (المزوّرة).. وعليه فالمرتب حرام..! التيار