حديث المدينة عودة .. ديجانقو..!! عثمان ميرغني على استحياء، عاودت شرطة المرور حملاتها التي كانت أعلنت في نهاية العام الماضي أنها ستتوقف كلياً هذا العام.. وأوقفتها قُبيل الانتخابات وبعدها بقليل.. ومشكلة هذه الحملات في كونها تفترض أن المواطن (يجب!) أن يحمل في جيبه دائماً من المال ما يكفي لدفع الغرامات.. ولا يجدي نفعاً أي عذر.. مثل ما حدث لزميلنا الأستاذ عبد المنعم أحمد المدير المالي لصحيفة التيار عندما اتصلت به إدارة المدرسة التي تنتسب إليها ابنته وأبلغته بأنها مريضة وعليه الحضور فوراً.. فأوقفته شرطة المرور ولم يجدِ نفعاً أن يشرح لهم أن حالة طوارئ تستوجب ذهابه للمدرسة.. إلى أن تدخَّل صاحب (بقالة) قريب من الموقع .. رغم أنه لا يعرف عبد المنعم و دفع الغرامة نيابة عنه.. سلوك شرطة المرور يهزم أي (علاقة رشيدة) بين الشرطة والمواطن.. ولا أعرف كيف يستطيع مدير شرطة المرور الذهاب إلى حفل تكريم الشرطة غداً.. بينما رجاله في الشوارع يحملون (الدفاتر) جباية حتمية ليٍس لها علاقة بعالم اليوم المتحضر الذي يمنح وسائط لدفع الغرامة بسلوك حضاري عبر البنوك أو منافذ خاصة في أقسام الشرطة أو حتى بالتحويل الإلكتروني.. لماذا تركِّب شرطة المرور كاميرات مراقبة الكترونية معقدة وغالية الثمن إذا كانت تصر على أن تمارس أدنى درجات التخلف الحضاري في مطاردة المواطنين في الشوارع بإيصالات الدفع الفورية التي إن لم تجد في جيب المواطن شيئاً أوقفته وكبلت حركته إلا أن ينقذه قدر سعيد.. وأخطر ما في سلوك شرطة المرور أنه يهدر فرصة ترفيع العلاقة بين المواطن والشرطة.. فقد حكى لي أحد منتسبي الشرطة أنه شاهد موقفاً محيراً.. رجل اشتبك في الشارع مع شرطي مرور ودخلا في عراك عنيف بالأيدي.. وليس المشكلة في العراك، بل في أن جمهوراً كبيراً من الحضور تحلقوا حول العراك للفرجة دون أي تدخل.. مشهد يكشف إلى أي مدى تتسع الهوة والمسافة بسبب المسلك المتخلف للأفراد الذين يقفون في الشوارع يحملون إيصالات غير قابلة للنقض أو التأجيل.. لابد من تكامل المظهر الحضاري باستخدام الوسائل العصرية في مراقبة الشارع.. مع السلوك العصري في دفع غرامات المخالفات.. يقطع الشرطي إيصال المخالفة ويسلمه لصاحب السيارة الذي يمكنه الدفع في أي بنك أو أي قسم للشرطة.. والفهم.. أن لا يتعامل الشرطي مباشرة مع المال.. هل رأيتم في الدنيا كلها شرطة تقف في قلب الشارع وتقبض الأموال من العابرين عياناً نهاراً.. ذلك مدخل للفساد العاجل أو الآجل.. أنصح السيد والي الخرطوم أن لا يقايض علاقة حكومته والمواطن.. بأي ثمن يُرتجي من حملات المرور ذات الدفع الفوري النقدي.. والله العظيم الذي تفعله شرطة المرور يضرب هذه العلاقة في مقتل بأشرس ما تيسر.. كل ذلك من أجل جيب المواطن.. الذي ظل يدفع ويدفع.. من حُر مال فقره المدقع.. التيار