لأن هيئة المياه السودانية تقدم المياه لزبائنها بمواصفات " سودانية " فإن الشعب السوداني لا بد أن يقبل المياه علي علاتها بطينها وسمكها وطحالبها و " خبوبها " دون أن يحتج أو يشتكي وليس له الحق في تأخير سداد فاتورة الإستهلاك وإلا قطع عنه الإمداد المائي . علي هذا الأساس يمكن لشعرائنا كتابة المعلقات المائية علي شاكلة " ونشرب إن وردنا الماء طيناً .. ويشرب غيرنا كيت وكيت " . ولأن مواصفات النقل العام " سودانية " فإنك قد تصعد إلي صفيحة جبنة تسمي حافلة ركاب تدفع فيها من دخلك الشحيح أجرة معتبرة بينما مقاعدها من الحديد القابل للصدأ والمصنوع في منطقة صناعية سودانية وإذا " دقست " فأنت مجروح بلا شك أو مصاب بالتتانوس في مقبل أيامك . وتجري الإنتخابات في بلادنا بمواصفات " سودانية " حيث يفوز الحزب الحاكم بغالبية المقاعد بناء علي قانون الإنتخابات المفصل علي مقاسه والمفوضية " التي في طرفها حول " واللجان الإنتخابية ذات الصناديق " المخجوجة " وغيرها مما هو مطلوب لاكتساح الإنتخابات . وعلي خطي المياه فإن الكهرباء أيضاً بمواصفات سودانية . تدفع القيمة مقدماً ولا تصلك الكهرباء بسبب عطل فني ، وتتصل علي حسابك بالطوارئ فلا يأتون . وتركب التاكسي بالقروش وتبلغ عن إنقطاع الكهرباء فيسجلون اسمك في دفتر قديم وعليك انتظار دورك ولو طال الأمد . ويمكن أن تأتي الكهرباء " بعد عمر طويل " بقوة 500 فولت فتقضي علي التلاجة والمكيف وقد تحرق البيت وأنت الغلطان لأنك لم تفصل هذه الأجهزة عن الكهرباء عندما انقطع التيار . ولأننا في السودان فالإستثمار الأجنبي بمواصفات سودانية حيث يأتي زيد أو عبيد من بلاد الواق الواق باعتباره مستثمراً فيمنحه المسؤولون قطع الأراضي التي يريدها والتسهيلات التي يطلبها كما تعطيه البنوك السودانية ما يحتاجه من أموال وهكذا تدور ساقية جحا " السوداني " لصالح المستثمر " التايواني " . وتحفر المحليات مجاري الخريف بمواصفات سودانية حيث المجري أعلي من الشارع وبالتالي عند هطول الأمطار تفرغ المجاري حمولتها من المياه والأوساخ علي الشوارع والمنازل فالخريف في السودان علي مسؤولية المواطنين وليس الحكومة . أما نقل النفايات من أمام المنازل فمسؤولية الكلاب والقطط التي عندما لا تجد ما تأكله في أكياس القمامة فإنها تلعب بها كما يلعب منتخبنا القومي في المنافسات الأفريقية . أما إتفاقية السلام ذات المواصفات السودانية والنكهة الأجنبية فإنها الآن مثل الأهزوجة التي تقول " المسمار عند النجار والنجار عاوز فلوس ... إلخ " . فالإستفتاء عاوز ترسيم حدود ، والترسيم عاوز وقت ، والأمن في مناطق الحدود غير مستتب ، والمفوضية تكونت في الزمن الضايع والمفوضية نفسها بلا أمين والقرارات في شلاتين . من مواصفات السدنة كترة الكلام وقلة الأفعال والبكاء عند تذكر الإنفصال .. أي سؤال ؟! الميدان