مناظير زهير السراج [email protected] قريبا .. صفوف الرغيف !! * بسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة احترقت مساحات كبيرة من حقول القمح فى روسيا احدى اهم دول العالم فى انتاج وتصدير القمح، ولقد حظرت روسيا تصدير القمح اعتبارا من منتصف الشهر الماضى وحتى نهاية ديسمبر 2010 مما ادى الى ارتفاع سعر القمح فى السوق العالمية من 200 دولار امريكى للطن الى 300 دولار وهو ما اضطر الكثير من الدول المستوردة خاصة الفقيرة ( مثل الجارة الشقيقة مصر) الى إعادة حساباتها ومحاولة ايجاد الحلول الممكنة..!! * وبما ان السودان يستورد معظم احتياجاته من القمح والحبوب الاخرى ( بما يعادل مليار و700 مليون دولار سنويا، تذهب منها أكثر من 600 مليون دولار لاستيراد القمح حسب احصائيات رسمية )، فمن المرجح ان تلجأ الحكومة الى الخيار السهل لمواجهة ارتفاع اسعار القمح ب(زيادة) اسعار الخبز وهو ما لا يستطيع تحمله معظم المواطنين خاصة بعد ان صار الخبز هو الغذاء الرئيسى لسكان الأرياف الذين اضطر معظمهم للنزوح والعيش فى المدن الكبرى نتيجة السياسات الحكومية الخاطئة التى اهملت الريف تماما وحرمته من التنمية والخدمات الأساسية ..!! * وما يجعل لجوء الحكومة الى هذا الخيار( الكارثى) شبه مؤكد، الأزمة الاقتصادية والمالية التى تعانى منها البلاد بسبب اهمال الزراعة والصناعة والاعتماد على النفط الذى تشكل عائداته حوالى ( 60 % ) من واردات البلاد من العملة الصعبة التى تهدر فى الانفاق على الميزانية العامة ( وهو خطأ فادح آخر لان سلعة غير متجددة مثل النفط يجب ان تنفق عائداتها على مشروعات التنمية التى تبقى للأجيال القادمة وليس على المصروفات الزائلة). * واذا أضفنا الى ذلك المشاكل العديدة التى تواجهها المشاريع المروية التى يزرع فيها القمح مثل مشروع الجزيرة الذى يعانى من مشاكل معقدة فى عمليات الرى، او مناطق زراعة القمح بالشمالية التى تعانى من الهجرات المتزايدة للايدى العاملة، بالاضافة الى عدم ملائمة المناخ السودانى بشكل عام لانتاج القمح بكميات وفيرة وارتفاع تكلفة الانتاج مقارنة بمناطق زراعة القمح فى العالم، ومع احتمال انفصال جنوب السودان وتأثر نصيب الشمال فى ايرادات البترول، فان الصورة تصبح قاتمة جدا وستجد الدولة نفسها فى مأزق كبير لتوفير رغيف الخبز للمواطنين فى العام القادم ان لم تجتهد منذ الان فى ايجاد المعالجات المناسبة على المديين القصير والطويل ..!! * ليس هنالك سوى خيارين لمعالجة هذه المشكلة العويصة .. اما ان تضع الحكومة هذه القضية على راس أولوياتها منذ الان وتبدأ البحث عن حلول مناسبة خاصة ان المخزون الاستراتيجى لا يكفى البلاد سوى شهر واحد ( حسب مصدر موثوق به)، او الاستعداد لأزمة طاحنة فى رغيف الخبز لم يشهد لها السودان مثيلا من قبل وما يترتب عليها من أزمات ومشاكل أخرى .. ألا هل بلغت اللهم فاشهد ..!!