(ضوء في آخر النفق) عبارة اطلقها المواطنون على الخبر الذي احتفت به صحف الخرطوم بالامس، وافردت له مساحة واسعه حيث حمل الخبر شروع المالية في تدابير تدرسها المالية لمعالجة الارتفاع في اسعار الخبز الذي اصبح المحير الاول للمواطنين عقب الزيادات المتتالية في سعره، ويأمل الجميع ان يكون في هذا الضوء اجراءات كافية لامتصاص الزيادة. ويأتي تدخل المالية بالاجراءات والضوابط التي تعمل فيها منذ امس وتستمر الى اليوم للخروج بالضوابط متأخراً عقب الآثار السالبة لارتفاع الاسعار طوال الفترات الماضية إلا أن البعض يرى ان تدخل المالية وان جاء متأخرا من شأنه أن يسهم في رفع معاناة كبيرة عن عاتق المواطن البسيط خاصة وان شركات تسويق القمح اكدت ان الاسعار قابلة للزيادة الى اعلى من المستويات التي بلغتها في الفترات الماضية مدعومة بضعف انتاج عدد من الدول الكبيرة التي تنتجه. الرسوم المحلية الا ان هناك مطالب بأن تكون الاجراءات والضوابط التي ستعلنها المالية حقيقية وفاعلة تعالج هذه المشكلة بسياسات داعمة تشمل تخفيض الرسوم المفروضة على القمح في مراحله كافة خاصة قطاع المطاحن الذي يتحمل الجزء الاكبر من تكلفة الانتاج، التي هي في ذات الوقت متهمة بعدم خلق اسواق جديدة للقمح حيث تعمد في جانب الشراء من دول محددة شهدت اسعار القمح فيها ارتفاعاً دون اللجوء الى دول اخرى في القارة الاوربية، وتعد الرسوم التي تطالب الجهات المختلفة بإزالتها هي رسوم الميناء والرسوم المفروضة على قطاع نقله من الميناء الى المطاحن المختلفة فقط حيث يعد القمح من السلع الغذائية المعفية من رسوم القيمة المضافة. ويطالب في هذا الجانب مصدر بقطاع المطاحن بأن تكون السياسات التي ستعلنها المالية موجهة الى محاربة الرسوم المتعددة المفروضة على القطاع والتي تشكل نسبة مقدرة من تكلفة إنتاج القمح. ونوه الى ان تخفيض ذلك يسهم في تقليل تكلفة الانتاج بجانب المساهمة في امتصاص أية زيادة قادمة. ويؤيد هذا الرأي رئيس اتحاد المخابز الطيب العمرابى الذي يذهب الى ان الاجراء من شأنه تقليل تكلفة الانتاج الذي بدوره سيؤدي الى انخفاض اسعار الخبز ويرى ان المعالجات التي تدرسها المالية يجب ان تشمل الرسوم المحلية وعدم اغفالها خاصة وانها نسبة كبيرة يمكن ان تسهم مجتمعة في دعم الاسعار. مخاوف مشروعة ويبدي بعض الاقتصاديين مخاوفهم من ان تكون اجراءات لخفض تكلفة سعر القمح المستورد على حساب الانتاج المحلي الذي بدأت علامات انتاجه المبشر في الظهور بانتاجية عالية ويدعم هذه المخاوف بلوغ فاتورة استيراد القمح (600) مليون دولارخلال العام الماضي (2007)، في حين من المتوقع ان ترتفع هذا العام الى اكثر من (700) مليون دولار، ويطالب الخبراء بأن يتم ايلاء عناية خاصة لاستغلال المساحات الخصبة بالبلاد لانتاج القمح. ويذهب في هذا الاتجاه الخبير احمد رفعت الذي يؤكد ان على الدولة القيام بتطوير زراعة القمح من خلال توفير حزم من الدعم التقني والفني للمزارعين الذين تنقص معظمهم الخبرة والدراية للمعاملات الفلاحية لهذه السلعة الاستراتيجية وتوفير مدخلات الانتاج خاصة الاسمدة. واشار الى ان معالجة مشاكل القطاع اصبحت مسألة حتمية لا يمكن التعامل معها تعاملاً فوقياً. وأكد ان عائدات النفط وحدها اثبتت انها غير قادرة على امتصاص الصدمات التي يتأثر بها الاقتصاد السوداني حيث يجب ان يتم استغلال عائداتها في تطوير القطاع الزراعي ليعالج الاهمال الذي يشتكي منه هذا القطاع. الحل المرضي وينبه البعض الآخر من خبراء الاقتصاد الى ان المعالجات يجب ان تكون متكاملة وان لا تكون على حساب الموازنة العامة التي هي اصلا تعاني من ضغوط عديدة. فالخبير الاقتصادي احمد رفعت يقول ان المعالجات يمكن ان تتم عبر مسارين: الاول مسار العودة الى سياسة دعم السلع ووضع سقوفات محددة للاسعار اما الثاني فتخفيض الرسوم والضرائب على السلع الاساسية. ويبين ان المسار الاول يعتبر عودة الاقتصاد السوداني للمربع الاول في بداية الثمانينات حيث حدث شح في كل المواد التموينية. وقال إن الدول بانتهاج هذا المسار فانها ستكون قد لجأت الى أسوأ الحلول باعتباره يعني حدوث شح شامل في المواد الغذائية وعودة ظاهرة الصفوف وانتعاش السوق السوداء اضافة الى توسيع نفقات الحكومة نتيجة استنزافها من قبل الدعم المتنامي لاسعار المواد التموينية وستصبح المعاملة بدلا من عدم القدرة في الحصول على المواد الاساسية نتيجة ارتفاع الاسعار الى معادلة اخرى اكثر سوءاً تشمل انعدام السلع الاساسية نتيجة لقلة المعروض. في حين يقول ان المسار الثاني يتضمن تخفيض الضرائب والرسوم الذي سيكون له آثار سالبة على اداء الميزانية العامة، ومقترح الميزانية للعام (2008) اشتمل على نسبة من العجز اثار الكثير من الانتقادات، مضيفا ان تخفيض هذه الرسوم والضرائب يؤدي الى نقص كبير في ايرادات الدولة، بالتالي تفاقم العجز الى حدود تحدث هزات اقتصادية عنيفة. ويرى ان المخرج الوحيد من هذه التطورات الراهنة معالجات هيكلية وذلك من خلال قفزة نوعية وكمية من خلال استزراع الاراضي غير المستغلة في الانتاج الزراعي رغم خصوبتها حيث تعادل (70) مليون هكتار.