حديث المدينة البخور.. يعمي البصر..!! عثمان ميرغني الأهرام المصرية.. صحيفة عريقة عمرها أكثر من (125) عاماً.. ومرّ عبرها كبار الكتاب ورؤساء التحرير.. يعمل فيها أكثر من (12) ألف موظف وعامل.. منهم أكثر من ألف صحفي.. وتطبع في اليوم الواحد حوالي مليون نسخة.. قبل أيام قليلة وقعت الأهرام في خطأ عجيب!.. نشرت خبراً عن الاجتماع الذي عُقد في البيت الأبيض بواشنطون وشارك فيه قادة عرب بجانب رئيس وزراء إسرائيل.. وحتى هنا ليس في الأمر غرابة.. فمثل هذا الاجتماع عُقد أكثر من مرّة وفي أكثر من موقع.. بل عُقد في مصر نفسها في شرم الشيخ قبل عدّة سنوات.. لكن الذي أصبح خبراً أكثر من الخبر نفسه، الصورة التي نشرتها الأهرام مع الخبر.. الصورة تظهر الزعماء الضيوف مع مضيفهم الرئيس أوباما يسيرون داخل ممر في البيت الأبيض على سجاد أحمر.. الرئيس أوباما وبقية القادة في خط مستقيم بينما يتقدمهم الرئيس المصري حسنى مبارك.. في الحين نشرت بعض المواقع في شبكة الإنترنت صورة أخرى مختلفة تمامًا.. ويظهر فيها القادة يتقدمهم أوباما بينما الرئيس مبارك يسير في المؤخرة.. طبعًا من الأساس الأمر ليس فيه أية أهمية.. أن يسير رئيس في المقدمة أو في الوسط أو يتأخر قليلاً عن البقية.. لأن الأمر له ألف تفسير.. وليس فيه أية دلالات سياسية على ثقل أو (خفة!) وزن الزعيم أو الدولة التي يرأسها.. لكن المشكلة كانت هناك.. في تفكير الصحفي أو المصمم أو أي شخص آخر في هيئة تحرير الأهرام الذي رأى في الصورة تقليلاً من شأن رئيسه فحاول تزوير التاريخ والوقائع بمثل هذه الطريقة.. فآذى أول من آذى رئيس دولته نفسه.. ثم سمعة صحيفته الوقورة التي سيشك القراء في أي صورة تنشرها بعد اليوم.. مثل هذا التصرف كثير – جداً – في عالمنا العربي.. أقصد أن يحاول (موظف) ممارسة جرعة (نفاق) أكثر مما يجب فتكون النتيجة (كارثية) تتسبب في إحراج الشخصية التي كان القصد التقرُّب إليها زُلفى.. وعادة من يمارس مثل هذا التفكير التزلفي.. يكشف سطحية نظرته للأمور.. تمامًا مثلما فعلت إحدى الصحف العربية.. التي أرادت حرق أكبر كمية من البخور لرئيس دولتها .. وكانت تعلم أن الرئيس سيزور مدينة معينة صباح اليوم التالي فكتبت في عنوانها الرئيس بخط كبير (ودخول الفاتحين صباح..) لكن الرئيس في طريقه للمدينة تأخر قليلاً لسبب أو لآخر .. فدخل المدينة في الليل .. فكانت فضيحة .. إذ إن الصحيفة من حيث لا تحسب (شتمت) الرئيس .. الذي بدلاً من أن يدخل المدينة دخول الفاتحين (صباح!!) دخلها دخول (اللصوص) ليلاً.. ولهذا قلنا كثيرًا.. إن الإعلام عندما يتحول إلى (ما يطلبه المستمعون).. ويصبح مجرد قربان على مذبح السلطة.. يتحول إلى (كارثة) مثلما فعلت صحيفة الأهرام التي أساءت للرئيس ومصر من حيث لا تقصد.. فلا مصر ولا رئيسها في حاجة لدبلجة صورة لا تسوى ولا تعني شيئاً.. التيار