زمان مثل هذا الغرائب اللوَّاعة في قطاع الزراعة(1) الصادق المهدي الشريف السلطاتُ بولايةِ الجزيرةِ اعتقلت ثلاثة من قياداتِ اتحادِ المُزارعين بالمشروع على خلفية بلاغ تقدم به البنك الزراعي لاستراداد مبلغ 500 ألف (مليون قديم) جنيه، استلفها خمسمائة مزارع لتمويل موسم العام 2009م. هذا إجراءٌ قانونيٌّ طبيعيٌّ تلجأ إليه المصارف لاسترداد أموالها... فقط إذا كان الحديث عن أيِّ قطاع آخر وليس عن الزراعة. لكنَّهُ في حال الزراعة فإنّهُ يعكس تضارب أقوال الدولة وأفعالها تجاه هذا المجال الإستراتيجي الذي يصدق عليه المثل الشعبي (ضربني بكى... وسبقني اشتكى). فالحكومة (البنك الزراعي مصرف حكومي) تُدخل المزارعين الى السجن وتشتكي من تدهور الإنتاج الزراعي. فشلت النفرة الزراعية في تحقيق أهدافها، ولحقتها الآن النهضة الزراعية (2007م – 2011م) والتي تعتبر جزءاً من الإستراتيجية ربع القرنية في نسختها الخمسية. والنهضة فشلت على الأقل حتى لحظة كتابة هذه الأسطر... ولكن لإدراك فهم الدولة لهذا الفشل يمكننا أن نورد قول أحدهم ههنا. الأمين العام لبرنامج النهضة الزراعية المهندس عبد الجبار حسين قال إنّ اربع سنوات ليست كافية للحكم على برنامج النهضة بالفشل، وإنّهم يحتاجون لتمديد هذا البرنامج لمدة عشر سنوات أخرى حتى يمكنه تحقيق أهدافه، مع اعترافه بتدني نسبة التنفيذ من 89% الى 29%. ولكن هل للنهضة الزراعية علاقة بوزارة الزراعة؟. الإجابة عن هذا السؤال قد تُدهش القارئ... وسوف تزدادُ دهشته حينما يسمع رأي وزير الزراعة عنها. عبد الحليم المتعافي وزير الزراعة قال: (النهضة الزراعية أداة سياسية وليس لديها ذراع تنفيذي لتنفيذ أهدافها على الأرض، كما أنّهُ ليس لديها تأثير سالب على وزارة الزراعة). أي أنّ وزارة الزراعة ستواصل في خططها التي اختطتها لنفسها، ولن تأبه لبرنامج النهضة لأنّهُ (ليس لديه تأثير سالب على وزارة الزراعة). ولكن لنفترض جدلاً أنّ النهضة الزراعية عبارة عن أداة سياسية (رغم توصيف السياسة بالهواء الساخن الذي يتمدد ليملأ كل فراغ) وأنّها تعمل لتنفيذ هدفها المُعلن (لتأمين الغذاء، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح). هل سيتحقق الاكتفاء الذاتي من القمح إذا حصدت النهضة الزراعية (2.2 مليون طن = هي جملة احتياجات السودان من القمح)؟؟؟. وهل سيتمَّ إيقاف إستيراد القمح من الخارج بعد هذا الحصاد الوفير؟. الإجابة هي النفي؛ فمطاحن الغلال السودانية لا تستخدم القمح السوداني لأنه (ذو نوعية رديئة وغير مطابق للمواصفات التي تطلبها). ومع معلومة أنّ 85% من القمح يتم استهلاكه ك(خُبز) فإنّ النهضة الزراعية تجهدُ نفسها في (التعب البلا صالح)... لأنّ ما (سوف) تنتجه من ملايين الأطنان من القمح لن يدخل الى المطاحن السودانية ليخرج لنا ك(دقيق)، نأكله خبزاً و(لُقيماتاً). أمّ المتعافي وزير الزراعة الاتحادي فقد قال في مؤتمره الصحفي وبصراحته المعهودة...عجباً. وبإذن الله... سيتصل الحديث. التيار