زمان مثل هذا الغرائب اللوَّاعة في قطاع الزراعة (2) الصادق المهدي الشريف السيد وزير الزراعة يريدُ أن يستزرع الصحراء حتى نرى (الحقولُ اشتعلت قمحاً ووعداً وتمنِّي/ والكنوزُ انفتحت في باطِن الأرضِ تُنادي) كما في الملحمة الاكتوبرية. ستبدأ خُطة المتعافي بإنشاء مائتي ألف بئر زراعي (200000 بئر) حيث يروي البئر الواحد حوالي (120) فدان... وذلك (رُّبَّما) تأسياً بالتجربة المصرية في إستزراع الصحراء، والتجربة السعودية. هل يسبقنا المتعافي فكرياً بسنواتٍ؟؟؟ أم نحنُ قومٌ لا ينفعُ فيهم من يفكِّرُ في المستقبل؟؟؟ إذن لماذا لا يذهب الى مجلس التخطيط الإستراتيجي ويترك وزارة الزراعة لمن يكون همهُ زراعة الصالح من الاراضي السودانية؟؟؟. ما لك والصحراء يامتعافي... عفا اللهُ عنك؟؟؟!!!. السودان به الآن مائتي مليون فدان (صالحة) للزراعة (200000000 فدان حته واحده)، والمساحات المزروعة (كلها) لا تتجاوز اربعين مليون فدان (أي 20% فقط)، أي لدينا 80% من الاراضي الزراعية بالسودان غير مزروعة، فلنزرعها إذن قبل أن نفكر في إستزراع الصحراء!!!. هذه المساحات المتبقية لا تحتاجُ لإستصلاح ولا يحزنون، فقط تحتاجُ حكومةً جآدَّه... تستوزرُ وزيراً جاداً... يهيئُ الفُرص لمزارعين جآدِّين، تحت إشراف مرشدين زراعيين جآدين. وتلاحظ معي الكلمات أعلاه (وزير – مزارعين – مرشدين زراعيين) كلها تشيرُ الى الكوادر البشرية... أي أنّ مشكلة الزراعة في السودان هي الكوادر البشرية وليس الأراضي. ولنتجاوز هذا الأمر ولنقل أنّهُ مُجرَّد خاطر خطر على ذهن الوزير في المؤتمر الصحفي... وأنَّهُ لا ينوي عملياً إستزراع الصحراء. خُذ مثلا الحبوب زيتية التي تستوردها البلاد بمبلغ 200 مليون دولار، وألبان ومشتقاتها والتي تردُ بمبلغ 200 مليون دولار هي أيضاً، والخضروات والفواكه بمبلغ 50 مليون دولار. تلك أربعمائة وخمسون مليون دولار... لماذا لا تذهب للزراعة بدلاً عن الذهاب الى الخارج لجلب ما يمكن انتاجه هُنا؟؟؟. الإجابه : أنّهُ من غير الممكن عملياً تحويل هذه المبالغ الى الزراعة لأنّ هناك (مقاولون) ذوي علاقة بشخصيات تنفيذية هم الذين يقومون بعمليات الإستيراد للحبوب الزيتية والألبان والخضروات والسيارات وهم يشكلون (لوبي) يتضرر من توجه الحكومة نحو الزراعة. ومِمَّ تتكون الحكومة... أيِّ حكومة؟؟؟ إنَّها تتكوَّن من مجموعة من الشخصيات اللذين (قد) تتقاطع بعض مصالحهم الشخصية مع المصالح العليا للدولة. وعليه يمكن أن ننظر لتطوير قطاع الزراعة من منظور مختلف... ليس به كلمات مثل (تمويل – ري – تقاوي – سعر السلم). المنظور الجديد يمُرُّ من خلال فك الإشتباك بين مصالح هؤلاء ومصالح البلاد. إنظر لقضية القمح مثلا : فلو زرع السودانُ وحصد خمسة مليون طن من القمح (ضعف إحتياجات البلاد) لما توقف إستيرادهُ... لماذا؟؟؟. لانّ القمح المزروع لا يدخل الى المطاحن السودانية بسبب رداءة نوعيتهٍ... كأنّما اراضي البلاد الزراعية لا تستطيع إنتاج أنواع جيده منهُ!!!!!!. وبابسط أنواع الإستنتاجات المنطقية : (إبحث عن الكارثة / المشكلة / الأزمة وابحث عن المستفيد). اللذين يستوردون القمح ليس من مصلحتهم زراعة أنواع جيِّدة منهُ... ولا من مصلحتهم زراعة مساحاتٍ كبيرةٍ منه. فلتبحث عنهم الجهاتِ المعنية... ولتتفاكر معهم... ولتضمن لهم مصالحهم فيما يمكن أن تزرعهُ البلاد من قمح. وندعو للتفاكر معهم لأنّه من الواضح أنّهم أقوى من أن يتمُّ تجاوزهم. التيار