هناك فرق (ناسنا) والزمن علينا ..! منى أبو زيد صحف الأمس نشرت حديثاً مقتضيباً عن ضبط حملة أمن المجتمع لأكثر من ألف رجل وامرأة .. إذ بحسب نص الخبر أسفرت حملات قادها أمن المجتمع – نهاية الأسبوع الماضي – عن ضبط عدد (1165) متهماً ومتهمة في بلاغات مختلفة .. و(62) مشرداً .. و(26) معتاد إجرام .. و(54) سكناً عشوائياً .. و(40) كلباً مشرداً ..! كما حملت ذات صحف الأمس خبر استمرار اضراب عن الطعام قام به دكتور سوداني (عبد المنعم ابراهيم) مقيم في لبنان، احتجاجا على معاملة السودانيين في لبنان وعدم تدخل السفارة لحمايتهم وعدم اهتمامها بكرامتهم ..! أها ؟! .. هل نلوم الصحف التي اعتادت على نشر حكايات مهانة السودانيين في لبنان، إذا ما جمعت أخبارها المقتضبة بين حملات القبض على المشبوهين من البشر وحملات إبادة الكلاب الضالة في خبر واحد ؟! .. قطعاً لا .. خاصة إذا ما استصحبنا مسلسلات السودانيين في سجون لبنان و(درامات) سفارة الخرطومببيروت .. وغسيل تقاعسها المنشور على صفحات جرائد الناس قبل أن ينتشر بين أخبار صحفنا المحلية ..! هب أن المدعو عبد المنعم ابراهيم طالب شهره .. هب أنه شخص قرر أن يتظاهر بالبطولة والوسامة أمام كاميرات الفضائيات فاختلق أسباباً ملفقة للإضراب عن الطعام .. هل يعقل أن تحتمل سفارة دولة - ذات سيادة .. وممثلة شعب ذو مكانة بين الشعوب – أن يفترش أحد مواطنيها أرض الشارع مندداً بسياساتها الظالمة ومعرضاً حياته للخطر .. ثم لا تشعر بأي حرج من أي نوع .. لا تحرك ساكناً .. وإن هي تحركت تفعل ما يجعل ذات الشخص المضرب عن الطعام يتهمها بتهديده وتخويفه والتضييق عليه ..؟! ياما قلنا ومانزال نردد أن قصور أداء بعض سفاراتنا وتقصيرها في حقوق رعاياها – في بلاد الناس – فتق كبير في ثوب الدبلوماسية السودانية .. ولكن يبدو أن سفارة السودان في لبنان تحاول بإصرار إعادة صياغة مفهوم (التقصير الدبلوماسي) .. من عدم تبني قضايا مواطنيها في حال حدوث إضراب أو احتجاجات (كما في واقعة إهانة الأجهزة الأمنية اللبنانية لمنظمي وحضور حفل خيري قبل بضعة شهور) إلى مؤازرة السلطات المحلية في تضييق الخناق عليهم بالتضامن والانفراد ..! أراضي الآخرين ليست مرتعاً لتصفية الحسابات السياسية مع المعارضين والمارقين على الحكومات .. ذلك أن محض الوقوف مع آخر ينتهج النفور السياسي على أرض غريبة يعني بالضرورة الوقوف معه على قدم المساواة أمام (الآخر) الغريب، حينما يتعلق الأمر بحقوق الرعاية وقواعد التمثيل الدبلوماسي ..! وأي مصلحة – ياترى- تلك التي تطغى على حقوق الوطن في تمثيل دبلوماسي مشرف بين ظهراني الغرباء؟! .. وماذا عساها تفعل نجاحات اتفاقيات استثمارات الباباغنوج .. والتبولة .. والشيش طاووق .. وزنود الست! .. عندما يتعلق الأمر بمهانة الصورة النمطية للمغترب السوداني .. ماذا عساها تجدي عندما تراق كرامة شعب بأكمله على أبواب غطرسة الآخر ..؟! نهج سفارتنا في بيروت يعيدنا في كل مرة – مكرهين لا أبطال – إلى التأمل في وجوه دبلوماسية (أبو دلامة) في التعامل مع مثالب الحسناء اللبنانية ..! هل أقول ؟! .. حكاية (الحقارة) هي (درس العصر) الذي أعيانا التنديد بتبعاته القاتلة .. لكن الحال باق على سوءه .. إذا توعكت إدارات لبنان أو أصاب رأسها الجميل بعض الصداع انبرت سفارة السودان بالمُسكنات والأدوية .. أما أكباش الفداء (الماعندها صاحب) فكرامة وسلامة ..! وإذا ما اشتكت بعض سلطات لبنان أوجاع كفها التي تستمرئ جلد الكرامة السودانية، تداعى لها سائر الجسد .. جسد سفارة \"أبي دلامة\" بالحمى والسهر ..! اللهم إنا نشكو إليك غيظنا .. وضعفنا .. وهواننا على (ناسنا) ..! التيار