هناك فرق السفارة في (المغارة) ..! منى أبو زيد قبل أيام كتبنا معلقين على ما نشرته بعض الصحف من خبر السجناء السودانيين في سجن بعلبك والذين أضربوا عن الطعام - مطالبين السلطات اللبنانية بترحيلهم إلى بلادهم.. والذي أعقبه خبر اعتداء عناصر من الأمن العام اللبناني على مواطنين سودانيين كانوا يقيمون حفلاً خيرياً يعود ريعه لمساعدة طفل مريض بالسرطان.. وحتى الآن لم نسمع صوت السفارة السودانية في لبنان ..! هذا الموقف شأنه شأن مواقف كثيرة أعادني إلى قضية المرحوم (مجاهد) الشاب الذي فقد حياته نتيجة خطأ طبي في مستشفيات الأردن.. وعندما حاول أهله اللجوء إلى سفارة بلادهم في عمان نصحهم بعض منسوبيها ب (لملمة) الموضوع..! يومها تبرعت السفارة الأردنية بإيصال مرافعة المستشفى حدباً منها على استقرار مستوى تدفق زبائن السياحة الطبية العلاجية من السودانيين إلى بلادها.. وجاءت المرافعة متكئة – بالطبع – على \"سواد\" صحيفة سوابق التشخيص والعلاج في السودان، مقارنة بالسمعة الطيبة التي يُحظى بها الأردن في المجال الطبي. بينما ارتدت سفارة السودان عباءة \"الجودية\" عندما جاءها أهل المرحوم يشكون إليها ضعفهم وهوانهم على الناس.. واستسهلت تسوية المسألة.. بل نصحتهم بعدم اللجوء إلى القانون – بحسب روايتهم - بافتراض أنّ الشكوى لن تؤدي إلى نتيجة مُرضية..! يومها قلنا إنّ سفارة الأردن عندما ترافعت عن مستشفيات بلادها لم تكن تعوِّل في تعقيبها الذكي على المفارقة الطبيَّة بين مستشفيات البلدين.. بقدر تعويلها على المفارقة \"الدبلوماسية\" بين \"شِدَّة\" مبعوثيها و\"مسكنة\" ناسنا..! فسفاراتنا في بلاد الناس تستأسد على مواطنيها فقط.. لا ترحم رعاياها من المغتربين في بلاد الناس، ولا تترك رحمة الغربة، وبعض سعة عيشها تتنزل عليهم.. فتظل تلاحقهم بطلب حقوق الدولة عليهم، ولا حديث عن حقوقهم (هم) عليها هي ممثلة الدولة.. ادفع.. ادفع قبل أن تسأل.. قبل أن نسمعك.. ادفع ثمّ اعترض ما شاء لك..! ونحن بهذا النقد لا نتجنى عليها، لأنّ دور السفارات في خدمة رعاياها معروف بشقيه.. الوقائي، المتمثل في تقديم النصح والإرشاد القانوني والاجتماعي الذي يعين الرعايا على تدبر أمورهم في بلاد الناس دون الوقوع في مشاكل.. والعلاجي، المتمثل في الوقوف إلى جانب المواطن عند حلول أي ضائقة يتعرّض لها داخل حدود الدولة المضيفة، أي مساعدته تحت ظل مبدأ سيادة القانون الدولي بمتابعة مشكلته منذ وقوعها، والقيام بعمل كافة الإجراءات التي تكفل حقوقه، والتأكد من حصوله على كافة حقوقه المنصوص عليها في قانون الدولة التي يقيم بها..! مساعدته حتى وإن كان (مرتكباً لجريمة).. هذا (حق المواطن) على سفارة دولته، ذلك الحق الذي لا يجوز بأية حال التقاعس عنه.. وهو حق أصيل مكفول بمواد القانون الدولي.. ومعروف بحق (الحماية الدبلوماسية).. كما تعلمون..! وخلاصة هذا المبدأ أنّ تحمي السفارة رعايا دولتها من الإجراءات التعسفية أو الظالمة التي تقع عليهم من قبل السلطات المحلية في الدول الأخرى.. ومع كل هذه الحقوق المكفولة للمواطن من قبل سفاراته في بلاد الناس لم نسمع صوت سفارتنا يعلو في شأن الأخبار الواردة من لبنان.. وإن بالتوضيح والتفنيد وذلك أضعف الإيمان..! معظم منسوبي السلك الدبلوماسي في سفاراتنا بالخارج يتعاملون مع (رعايا) دولتهم بعقلية وفهم (موظف) الحكومة الذي يتفنن في مماطلة وتضييق الخناق على المراجعين.. معظمهم يتعاطون سياسة اللامبالاة وال (أنا مالي) في قضايا مصيرية..! تقصير سفاراتنا في حق رعاياها في بلاد الناس (فتق) كبير في ثوب الدبلوماسية السودانية.. واسألونا نحن المغتربين أبناء المغتربين السودانيين/ المهاجرين في بلاد الناس.. اسألونا عن أشياء إن تبدو لكم تسؤكم..! التيار