بالمنطق الله قادر . . ! ! صلاح عووضة *ظريف بلدتنا النوبية حسن عبيد كان مغرماً ب «الهتش ! ! » .. *فما من خرقة بالية أو علبة صفيح صدئة أو نعال قديمة يجدها في طريقه الا وضعها في «بقجته » ليزيد بها من مساحة « مملكته » . . *ومملكته هذه لم تكن سوى شيء شبيه بمكب الزبالة يجلس ظريفنا في منتصفه وابتسامته العريضة تعبّر بفصاحة عن مقولة « يا دنيا ما فيكِ الا أنا» . . *وبما ان بلدتنا كان بها ظرفاء اّخرون مشابهون فقد كانوا يغيرون من حين لآخر على مملكة حسن عبيد« الغنية » فيغنمون قصاصات ترزية أو عربات صفيح أو بقايا سراويل وعراريق . . *والسراويل هذه بالذات كان يحرص عليها ظريفنا اكثر من حرصه على بقية مكونات مملكته بما في ذلك القراريص « الناشفة » التي كان يسد بها رمقه حين يتعذر عليه اللحاق بوليمة ختان أو زواج أو سماية . . *وحين يُنتزع منه ما كان يوماً ما سروالاً فانه يعزي نفسه بعبارة مشهورة حفظها اهل البلدة عن ظهر قلب . . *فقد كان يصيح بالنوبية ما ترجمته : «مشكلة مافي ، البركة في سروالي اللابسو ده » . *ثم يضيف بدارجية سودانية : « الله قادر » . . *أما سرواله الذي فيه البركة هذا فهو اشبه شيء بخارطة السودان الشمالي حال وقوع الانفصال . . *فقد كان « صغيراً ! ! » و « مشرشراً ! ! » من الاسفل . . *والذي جعلني أتردد في اضافة عبارة « لا قدّر الله » الى اشارتي للانفصال نمط تفكير لدي كثير من الانقاذيين يشابه نمط التفكير هذا لدى حسن عبيد ازاء حرصه على سرواله دون سائر مكونات مملكته . . *نمط تفكير افصح عنه يوماً أمامي كادر إنقاذي « أوي ! ! » ايام كانت البلاد تنتقص من اطرافها جنوباً وشرقاً وشمالاً بُعيد منتصف تسعينيات القرن الماضي . . *فقد قال الكادر الانقاذي «جداً ! ! » هذا في لحظة نادرة من لحظات الصدق مع النفس إن البلاد كلها اذا اُنتقصت وبقيت الخرطوم وحدها حيث رمزية « الحكم ! ! ! » فلا شىء يهم . . *فلتذهب حلايب أو الفشقة أو عقيق أو أليمي ولتبق الخرطوم وما حولها . . *المهم أن يبقى « السروال ! ! » . . *فالعورة التي يسترها السروال أهم من بقية العورات . . *وحسن عبيد ما كان يهمه كثيراً أن يُوخذ « إحتياطيه ! ! » من السراويل ما دام سرواله الذي يحفظ عورتة «مُكرّب ! ! » تماماً حول خصره ب «تِكّتين » إضافيتين . . *تِكّتان ؛ إحداهما «سير » من جوار طاحونة النصارى ، والاخر قصاصة دمورية من أمام محل خيري فقير الترزي . . *وسروال الانقاذيين الذى يستر عورة نظامهم بالعاصمة المثلثة «مكرّب » هو الآخر بأكثر من تِكّة «مجنزرة! ! » ولايهم بعد ذلك ان ذهب بخلاف الذي ذهب الجنوب نفسه . . *لايهم الانقاذيين ذلك في شيء وإن صار سروالهم مثل سروال ظريف بلدتنا «صغيراً » و«مشرشراً» . . *النفط وحده هو الذى «احتياطيه » يهمهم ويجعلهم « يجقلبون » الآن وهم يتظاهرون بأن الذي يهمهم هو وحدة السودان . . *نفط يُبقي لهم على نعمة «الجاتوهات » في مقابل قراريص «ناشفة » مثل قراريص حسن عبيد يأكلها بقية افراد الشعب . . *ومع انهيار القطاع الزراعي وذهاب النفط فسوف تكون القراريص الناشفة هذه نفسها بالنسبة للشماليين في ندرة «حُقن ! ! » كمال عبيد بالنسبة لاخواننا الجنوبيين . . *وبالمناسبة . . . . . . *لا صلة بين كمال عبيد وحسن عبيد ولكن . . *ولكن ؛ الله قادر . الصحافة