م.مهدي أبراهيم أحمد [email protected] والقصة المعروفة التي تحكي عن ذلك الأعرابي الذي أضاع بعيرا له ثم صار ينشده سائحا بين القري بأن من وجد مفقوده فهو له والناس تعاتب فيه أن كنت قد وهبته فلم تبحث عنه وتسأل والرجل يقول (أين حلاوة الوجدان ). وحلاوة الوجدان يبحث عنها اليوم أعلامها وهم يروجون للأنفصال في رواج لم يراع لمصلحة أو منفعة أوحقوق فقط أنهم يهبون الوطن لأهله ويسلمونه لهم ثم يسألون أهله حلوي وجوده وتكوينه وحلوي الوجدان أذا تبقي عند المنادين بالأنفصال تسليم الأرض لأصحابها - وفي بالهم هدوء بلادهم وسلامة أمنهم بخروجهم - وهم من أضاعوها ثم يسألون الناس بالبحث عنها بينهم تحريضا ودعوة صريحة ومن ثم منحها لمن يجدها وعندها يظهر من يعاتبهم بالحقيقة والبرهان يبقي لسان حالهم فأين حلاوة الوجدان. ظهرت الكيانات المنادية بالأنفصال عقب أتفاقية نيفاشا مباشرة لتطل برأسها وتشمئز صراحة من ذلك الأجتماع القسري للجنوبيين والشماليين ثم تطورت تلك الشرارة الي نيران مشتعلة يصيبك جمرها قبل شرارتها من هول ماتحمل من المرارات وكأن الوحدة حرصت عليها نيفاشا ولم تحرص عليها نخبنا السياسية عبر الحقب المختلفة التي أجزم أنها كانت تنظر بعين المستقبل وليس بعيون العواطف والنظرة المستقبلية من لدن تلك النخب تظهر ثمارها الآن والحكومات المختلفة عبر أمتداد تاريخنا لم تجاهر معارضتها بصراحة الأنفصال وأن كان التعايش المثمر والتداخل النبيل هو ثمار التمسك بخيار الوحدة والأتحاد علي مر السنين . كان هناك من يدعو صراحة الي الوحدة مع مصر الشقيقة وتكوين وحدة وادي النيل ولكن الأرادة السياسية والأجماع الوطني حينها قضي بأن يكون السودان للسودانيين شماليين وجنوبيين ومن يومها والأعلام الأستراتيجي يرسخ في قيم التعايش والتمازج ويزيد من التقارب بين الثقافات ويبعث في قيم الأخاء والتمكين بين مواطني الشمال والجنوب منعا للصدع في عناصر الأختلاف وصدا لكل مامن شأنه أثارة النعرات ومحاكمة التاريخ وأظهار الفروقات . ولكن أعلام الأنفصال يجد في أتفاقية نيفاشا تأرجحا في ميزان القوي ومن واجبه أن يناهض الأتفاق والسؤال يصبح في بالهم وندواتهم وبين خلواتهم ماذا أستفدنا من تلك الوحدة علي مدار السنين وماهي المكافأة التي جنيناها سوي التهديد والوعيد وقسمة نيفاشا الضيزي التي أعطتهم فوق مايحلمون وينشدون والموقعون علي الأتفاق يعلنوها صراحة أنهم في سبيل الأتفاق بين أبناء الوطن الواحد مستعدون لتقديم التنازلات أن كانت تتجه الي الوحدة والتنمية لذلك هم يرونها تنازلا عن الثوابت والمرتكزات والأعلام الأنفصالي في الشمال يواجه بتولد أعلام آخر متطرف ولكن في الجنوب وبين الأعلامين تسود قيم الخوف والقلق والهموم من الحاضر والمستقبل فرؤية الأعلامين ترتكز علي الأحقاد والغبن التاريخي وتوضيح الفوارق التي تستحيل معها الوحدة وكلا الأعلامين لايجد غضاضة في زكر المساؤي والمعايب للوحدة فمابين كاره للوحدة مع الجنوبيين يري حقه في أنفصال شماله عن جنوبه حتي يسود التوجه الواحد واللون الواحد والعقيدة الواحدة وأن أتفاقية السلام تجاوزت حقه في أستفتائه بشأن الوحدة والأنفصال بينما يري الآخر وبتطرف حقه في الأنفصال ولايقف عند ذلك الحد بل يدعو صراحة الي طرد العرب من وطنه وتكوين دولة السودان الجديد علي أسسس جديدة ودستور جديد يتساوي فيه الجميع في الحقوق والواجبات . لم يفرق الأعلام الأنفصالي في توجهاته مابين الخاص والعام ومابين التخطيط والعاطفة فكان النتاج أعلاما جعل من الوحدة وسيلة للتنافر وليس التجاذب ومن الوحدة وسيلة للتحريض والتشكيك جعلت من الجميع يتحسسون مواضع قلوبهم هلعا وخوفا من الحال والمآل في ظل تلك المخاوف والظنون الناتجة من ذلك الأعلام الضليل الذي حطم كل الحواجز المفضية للوحدة ودمر كل السبل المحيطة بها فالوحدة صارت معه مستحيلة أعلام يعشق الأنفصال والتشرزم وحتما سيضيع البلاد ويهلك العباد ومن عجب أنه يسأل عن حلاوة الوجدان . وصاحب الأنتباهة يصرح من خلال برنامج تلفزيوني بأن قد جلس مع حزب جنوبي أنفصالي لتسريع الخطي نحو الأنفصال والرجل في غمرة عواطفه ينسي أمن البلاد القومي وينسي الأستراتيجية والتخطيط والرجل لايحير ردا ولايرد طرفا وهو يرمي بكلامه وللرجل رحما وقرابة والجهود المبذولة في الوحدة ينسفها الرجل بصراحته وجلوسه مع الحزب الجنوبي والرجل ساعتها يفكر في حلاوة الوجدان . أعلام ينشد الأنفصال بتطرف بائن وبدعوة صريحة تنسف جهود الدولة القائمة علي بذل الجهد في تغليب خيار الوحدة والمساهمة قدر الأمكان في أنزالها واقعا يمشي بين الشعب علي قدمين وتلك الجهود بنيت عليها أتفاقية السلام وهي التي قاربت بين الفرقاء وكان التوقيع بدفعها مع الأيام الي الأمام في وقف الحرب وتنمية البلاد والأقليم المنكوب ساعتها وميقات الأستفتاء قد أزف تماما والدولة بأجمعها تنشد الوحدة والأمل لايزال يعتورها في صوت المواطن الجنوبي أن يكون هو الفيصل فيها وصاحب الأنتباهة بحزبه وأعلامه يبحثون عن المخرج من الوحدة وينشدون صراحة في حلاوة الوجدان.