تراسيم.. في مطار القاهرة !! عبد الباقي الظافر هبط الصحفي الضخم حسن ساتي أرض مصر.. ومصر كانت تعرف مقدار الرجل جيداً .. ساتي كان له خط اتصال ساخن بالرئيس نميري .. مثل هذا الإمتياز لم يكن متوفراً إلاّ لأهل الحظوة والقرب من الرئيس القائد.. لاحقاً اختار ساتي مصر ارض منفى بعد الانتفاضة .. القاهرة فتحت أعرق دورها الصحفية ليكتب فيها ساتي .. رغم هذا التواصل فقد أغلقت القاهرة أبوابها في وجه المريد ساتي .. وقابلته بعنت وجفوة في مطارها .. ولم يكن السبب إلاّ تحليلات وأقوال بثها الصحفي الكبير عبر أثير الفضائيات .. واعتبرتها مصر الرسمية دخولاً في المنطقة المحظورة. ساتي بحسّه الصحفي كان يدرك ان دبلوماسيتنا ثقيلة الدم .. فلم يكلف نفسه عنت المشقة والمحاولة .. واتصل من مطار القاهرة بالسفارة البريطانية باعتباره أحد رعايا صاحبة الجلالة الملكة أليزابيث الثانية .. وناصرته التي استنجد بها.. وعندما وصل ساتي الخرطوم وبدأ يرسل من منبره بصحيفة (آخر لحظة) وابل من المدفعية رداً على كرامته المُضاعة .. هنا تدخلت شخصية سياسية نافذة وربتت على كتف ساتي راجية منه الكف عن النيل من العلاقة الأزلية بين شعبي وادي النيل. كان ذلك من أخبار تعاطينا الرسمي مع قضايا الرعية عندما تصطدم بخواطر دول أجنبية .. أما مصر أم الدنيا فلها في هذا منهج مختلف .. يوم هزمت الجزائر مصر كروياً في أعلى النهر بحث إعلام مصر عن حائط قصير يرمي عليه شماعة الهزيمة .. فكانت الفضائيات المصرية (تشخط) .. ووزير مصري يهدد بالتدخل العسكري لحماية الجمهور المصري .. وممثلة مصرية تصرخ وتستهجن على الهواء حال مطارنا البائس (يا لهوى دا أودتين وبرندة). نزل المواطن السوداني إبراهيم السنوسي إلى القاهرة بعد غيبة عشرين عاماً .. يريد أن يُصلّي في الحسين ويلقي بالتحية على كريمته التي اختارت قاهرة المعز لتتلقى فيها العلم .. المواطن السنوسي كان يحسب أن اتفاقية الحريات الأربع تتيح له زيارة مصر المؤمنة بأهل الله.. والسلطات المصرية تمارس حقها السيادي وتمنع السنوسي من دخول مصر .. ولكنها تُسرف في استخدام الحق العام .. وتحبس الشيخ انفرادياً داخل المطار .. وتشدد علية الحراسة ..وتمنعه من الأكل والشرب والاتصال هاتفياً بأسرته .. وعند منتصف الليل ..تنقله محروساً إلى أبواب الطائرة المصرية المتجهة للخرطوم. مثل هذا التعسف يجد رفضنا حتى وإن شمل مواطناً سودانياً عادياً .. إبراهيم السنوسي شخصية سودانية عامة ..كان واحداً من عشرة أثروا تأثيراً مباشراً في عشرية الإنقاذ الأولى .. والآن السنوسي سياسي فاعل في حزب سياسي يعمل وفق القانون.. وفقاً لهذا الحال يجب على مصر أن توضح إن كان هذا الأمر سياسة دولة أم اجتهاد فرد لم يحالفه التوفيق .. وفي كل الأحوال يجب أن يُرفق التوضيح باعتذار رسمي .. أما الحكومة السودانية ووزارة خارجيتنا عليهما التعليق على هذا التجاوز لكرامة مواطن سوداني .. وإن لم تتجاوب القاهرة فعلى الخرطوم أن تلح في الاستيضاح حتى تجد إجابة شافية. في مثل هذه الأحوال مطلوب من ولاة أمورنا استخدام معايير الوطن لا (الوطني) في التعاطي. التيار