احتجزت السلطات المصرية الشيخ ابراهيم السنوسي أشهر مساعدي الترابي في مطار القاهرة لمدة ثلاث عشرة ساعة قبل ان تعيده الى الخرطوم في أول طائرة قادمة، واعادته السلطات المصرية ايضا الى واجهة الاحداث التي اختفى منها الشيخ ابراهيم السنوسي لفترة من الزمن ليست بالقصيرة. التبرير الذي ساقه الشيخ السنوسي للحادثة كان ساخرا- كما وصفته الصحف- اذ قال السنوسي عن سبب الاحتجاز والترحيل(عله لشبه بيني وبين د.حسن عبدالله الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي). بمحاولة التبرير هذه نقل الشيخ السنوسي علاقة الدكتور الترابي مع الشقيقة مصر الى طاولة التشريح مرة اخرى، بعد ان خضعت هذه العلاقة في الماضي الى الكثير من محاولات التفسير والتفكيك، وكانت المحاولات تترى في ذلك الوقت الذي كان فيه الترابي (فاعل تارك)، او الآمر الناهي في الحكومة، وايضا كلما شهد مسار العلاقة بين القاهرةوالخرطوم انعطافة حادة تكاد تخرجه عن الجادة. قد يتبادر الى اذهان البعض أن أكبر مآخذ مصر على الترابي هو محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس حسني مبارك في مطار أديس أبابا، إذ أن المحاولة حدثت في وقت كان فيه الترابي مهيمناً على شؤون الحكم بصورة او بأخرى. ورغم ان الكثيرين يعتقدون ان مصر طوت هذا الملف الى غير رجعة، إلاِّ ان المنقول عن الترابي نفسه يشير الى عكس ذلك.. الترابي قال في مؤتمر صحفي شهير في العام 2004 (ان مصر اذا سكتت مرحلياً عن ملف اغتيال مبارك فان ذلك لا يعني انها اغلقت هذا الملف بصورة نهائية)، ووصف الترابي الشعب المصري بأنه لا ينسي ثأره، وأكد ان مصر ستقوم بفتح الملف في الوقت الذي تراه مناسبا لأن عدم نسيان الثأر طبيعة في الشعب المصري. ويظهر أن الترابي ادرك بعد مضي وقت كافٍ من تصريحاته للصحف ولبعض القنوات الفضائية، ان مصر لطفت من نظرتها الحادة تجاهه، وفضلت ربما الانخراط في محو آثاره على ملف العلاقات بين القاهرةوالخرطوم منذ بداية التسعينيات وحتى العام 1999 الذي شهد خروجه او إخراجه الكبير من الحكومة، مثلما هي منخرطة في كبح جماح التيار الاسلامي بالداخل. ففي العام الماضي قال الترابي لصحيفة (الشروق) المصرية عن طبيعة علاقته بمصر ان القاهرة كانت قديما تأخذ مواقف عدائية ضده لكنها أخيرا (سكتت عنى ولم تعد تفعل ذلك، ليس لأمر بينى وبينها ولكن لأن مصر ترى أن الإخوان المسلمين فى مصر هم امتداد للترابى فى السودان). وبغض النظر عن العلاقة او اللا علاقة بين الترابي ومصر، إلاَّ ان الشاهد فيها هو انها لم ترق الى درجة تمنع فيها مصر معاونيه من دخول اراضيها، فالمحبوب عبدالسلام مثلا زار مصر واقام بها رغم انه من المقربين جدا الى الترابي ومتشرب بفكره الى حد بعيد، وعليه فيبدو أن الشبه البائن بين الترابي والسنوسي هو التبرير الحاضر حتى الآن لمنع الاخير من دخول مصر، أما اية رواية أخرى فهي لدى سلطات مصر حصريا، رغم أن البعض يحاول ان يربط بتعسف وشطط بين زيارة السنوسي للقاهرة وبين جبهة حسنين الجديدة. مالك طه