بشفافية «التجسس والتحسس ونط الحيط» حيدر المكاشفي ٭ قال مرة الرئيس الاسبق نميري رحمه الله وغفر له ما معناه «آاااى حنطبق الطواريء وحنط الحيط وندخل جوه البيوت ونفتش على السكارى نجرجرهم من تحت السراير ونقبضهم ونجلدهم..» الى آخر ما قاله النميري عندما إشتد الهجوم من العامة والخاصة ومن كثير من العلماء والفقهاء على الكثير من الممارسات غير الشرعية التي صاحبت تطبيق قوانين سبتمبر أو الشريعة بحسب موقفك منها، وكان ان بلغت تلك الممارسات حداً من التربص وسوء الظن والطوية جعل أى زوج يصطحب معه اولاً قسيمة الزواج قبل أن يقرر إصطحاب زوجته الى أى مشوار حتى يتفادى أى سخف يمكن أن يتعرض له، ولكن نميري لم يلبث إلا قليلاً بعد تصريحاته تلك حيث أطاحته وهو بعيد إنتفاضة أبريل، ولو كان قُدّر له أن يعود لبدأ أولاً بالاطاحة برؤوس ورموز من أسماهم في حوار شهير مع الشرق الاوسط الاخوان المسلمين الذين إتهمهم بأنهم من وراء هذه الممارسات غير الشرعية والتطبيقات الخاطئة بهدف الكيد له والاساءة لنظامه حتى تسهل إزاحته فيحلوا محله.. نميري الآن مضى الى ربه وهو بين يدي مليك مقتدر، بيد أن قوانينه المختلف عليها ما زالت قائمة و«بتطبيقاتها» حذوك البوت بالبوت، فبين الفينة والاخرى يسمع الناس ويقرأون عن إقتحام منزل هنا وشقة هناك وضبط من فيها متلبسين ثم تذاع على الملأ الاسماء والاحكام على ذات النحو السابق وبذات الشاكلة التي كان يتم بها التشهير، وآخر واقعة من هذا القبيل هى ما أذيع على نطاق واسع بصحف السبت عن ضبط بعض لعيبة كرة القدم المشهورين بنادٍ شهير وهم يحتسون الخمر داخل شقة أحدهم ما يعنى أن القبض قد تم على طريقة الدهم والمداهمة، وهنا بيت القصيد حتى لو كانت المداهمة بأمر تفتيش صادر عن قاضٍ محترف دعك من أن تكون لمجرد وشاية أو نتيجة عملية تربص وتتبع سواء كانت من المداهمين أو من غيرهم، فالامر سيان وهو في النهاية يقع في خانة التجسس والتحسس المنهي عنهما خلقاً وعرفاً وشرعاً، فتتبع عورات الناس وهم في خلواتهم وهم لا يشعرون والاطلاع على مخفياتهم دون إذنهم فهذه من اعمال التجسس التي يصفها بعض الفقهاء بالوضاعة والوقاحة ولا مغزى لها سوى الكيد للناس والسعي لتجريمهم مع سبق الاصرار والترصد، والاسلام ينهي عن التجسس على المسلمين ما داموا ظاهري الاستقامة غير مجاهرين بمعاصيهم وكان ما يخفونه ويمارسونه داخل منازلهم من السلوك الشخصي الذي يخصهم ولا يتعلق بكيد للمسلمين. لا شك أن هناك عشرات الادلة الشرعية مما لا يتسع المجال لذكرها هنا، كلها تذم مثل هذه الممارسة التي اوقعت ببعض المشاهير داخل بيوتهم وتنهي عنها، حسبنا منها قصة سيدنا عمر رضى الله عنه وبعض أبيات لشاعر النيل حافظ ابراهيم حول القصة ذاتها والتي تقول أن سيدنا عمر رضى الله عنه حين كان يعس في المدينة في احدى الليالي سمع صوت رجل في بيت يتغنى فتسور عليه فوجد عنده امرأة وعنده خمر فقال يا عدو الله أظننت ان الله يسترك وأنت على معصيته فقال وأنت يا أمير المؤمنين لا تعجل علىَّ أن أكون عصيت الله واحدة فقد عصيت انت الله في ثلاث، قال الله ولا تجسسوا وقد تجسست، وقال وآتوا البيوت من أبوابها وقد تسورت علىَّ ودخلت علىَّ بغير اذن وقال الله لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها قال عمر رضي الله عنه فهل عندك من خير ان عفوت عنك قال نعم فعفا عنه وخرج وتركه.. وأبيات حافظ ابراهيم تقرأ: قالوا مكانك قد جئنا بواحدة وجئتنا بثلاث لا تباليها فآتِ البيوت من الابواب ياعمر فقد يزن من الحيطان آتيها واستاذن الناس ان تغشي بيوتهم ولا تلم بدار او تحيها ولاتجسس فهذي الاية قد نزلت بالنهي عنه فلم تذكر نواهيها فعدت عنهم وقد اكبرت حجتهم لما رأيت كتاب الله يمليها وما انفت وان كانوا على حرج من ان يحجك بالآيات عاصيها.. الصحافة