٭ فحين (شرعت) في كتابة كلمة اليوم - تحت العنوان أعلاه - حذرني زميل بأن إياك و(الشروع).. ٭ فسألته ببراءة : (همّ منعوه واللا إيه) مثل (شاي) عادل إمام في مسرحية (شاهد مشفش حاجة)..؟! ٭ فهذا النوع من (الشروع) - حسب فهمي - هو (مشروع) مثله مثل الشروع في شرب الشاي باللبن... ٭ فهو ليس (شروعا) في اي من الافعال الوارد ذكرها في قوانيننا ذات العقوبات (الحدية).. ٭ ولكن رئيس تحريرنا المهذب - حسبما علمت من زميلي - هو الذي سوف يُنظر الى نشره لكلمتنا هذه على انه (تحدٍّ!!).. ٭ تحدٍّ لماذا ؟!.. ٭ لغاية هنا وكفاية.. ٭ كفاية علينا - وعليكم - العنوان أعلاه رغم أن (شروعنا) إياه كان بهدف المناصحة المنصوص عليها (شرعا) وليس بهدف ال (تعرية).. ٭ والتعرية المقصودة هنا هي تلك ذات المعنى (السياسي) وليس (الكِباسي!!)... ٭ و(خلاص بأه ما تودوناش في داهية) على قول القاضي لعادل إمام في المسرحية تلك.. ٭ ول (نشرع) الآن في سرد قصة ما أكثر الذين يعرفونها ، وما اقل الذين يعتبرون بها.. ٭ فما أكثر العبر - كما يقولون - وما اقل الاعتبار... ٭ قصة عمر بن الخطاب مع شاربيّ الخمر في دارهم.. ٭ فقد كان عمر يعسّ ليلةً فمر بدار شك في معاقرة نفر الخمر بداخلها.. ٭ فتسور عليهم الجدار ليرى صدق ما كان قد شك فيه.. ٭ او بلغة نميري عقب تطبيق قوانين سبتمبر : (نطَّ الحيط).. ٭ فنميري كان قد قال تمسكا بالقوانين هذه : (أيوه ، ح نط الحيط، ٭ وح نتجسس ، وح نتحسس، والبنقبضو ما بنخليهو).. ٭ ولكن دعونا نرى ما (ح يفعل ) ثاني الخلفاء الراشدين عقب (نَطِّه) الحائط... ٭ فهو بعد أن رأى صدق ما كان يشك فيه صاح في الشاربين متوعدا: (يا اعداء الله، أظننتم أن الله يستركم وأنتم على معصيته؟!).. ٭ فقد توعدهم - ضمناً - بإقامة حدّ السكر عليهم بعد أن ضبطهم ب (الثابتة).. ٭ ولكن أحد الفتية أولئك رد عليه ب (ثباتٍ) قائلا: (يا أمير المؤمنين ، لا تعجل).. ٭ أي ، لا تتعجل في (كشِّنا) واسمع ما نقول.. ٭ ثم واصل الفتى حديثه شارحاً : (إن كنا أخطأنا في واحدة فقد أخطأت أنت في ثلاث)... ٭ لاحظ أن الفتى يخاطب أمير المؤمنين (ذات نفسه) وليس واحداً من (عسسه !!).. ٭ وأيّ أمير مؤمنين؟! عمر بن الخطاب.. ٭ واستمع عمر ب (رحابة صدر!!) إلى ما قال الفتى إنها أخطاء ثلاثة من تلقائه.. ٭ رحابة صدرلا تماثل اسلوباً لدى بعض قضاة زماننا هذا - في عالمنا الاسلامي - عبر عنه بطريقته الساخرة الأديب يحى حقي في روايته (خليها على الله).. ٭ فالصعيدي أراد ان يشرح للقاضي سبب مثوله أمامه عقب (خناقة) في الغيط مع جاره الفلاح.. ٭ قال له: (أصل الجاموسة بتاعتي يا سيدنا الافندي...) .. ٭ ولكن القاضي - حسب يحي حقي - ليس لديه وقت (يضيِّعه) في سماع التفاصيل بما أن هنالك قضايا كثيرة في انتظاره.. ٭ فقد قاطع الصعيدي صائحا: (أصل إيه وبتاع إيه؟!.. إنت ح تحكيلي قصة حياتك ؟!.. تلاتة شهور سجن، ياللاّ اللّي بعدو)... ٭ أما أمير المؤمنين عمر - والذي ليس هو مجرد قاضٍ - فقد كان لديه وقت يستمع فيه لأناس يقولون له : أخطأت، وليسوا فقط يدافعون عن أنفسهم.. ٭ وفصّل الفتى لعمر ما قال إنها اخطاء من تلقائه.. ٭ قال له إن الله يقول: (ولا تجسسوا) وأنت تجسست.. ٭ وقال: (وأتوا البيوت من أبوابها) وأنت تسوَّرت.. ٭ وقال: (إذا دخلتم بيوتا فسلِّموا) وأنت ما سلَّمت.. ٭ والآن إذا ارت ان (تتخيّل) رد عمر على الفتى ذاك من (واقع) زماننا هذا فلعلك تراه قد أرعد وأمطر ، وأرغى وأزبد، وهدد وتوعد... ٭ لعلك تراه فعل ذلك ثم أمر (جماعته !!) بأن يقوموا ب (اللازم) تجاه الفتى باعتباره قد (انتقص من هيبة الدولة) و(مسَّ رمزا من رموزها) و(وقدح في فقه ولي الأمر).. ٭ أو على أحسن الفروض تراه وقد اتهم ب (الشروع!!) في الإساءة لل (مشروع!!).. ٭ ولكنك سترى (عجبا) إن رأيت أمير المؤمنين على (حقيقته) - لحظتذاك - دون استعانة بمنظار زماننا هذا.. ٭ فقد تساقطت دموعه على خديه ثم طلب الصفح من (شاربيِّ الخمر!!).. ٭ فقد أخطأوا في واحدة، وأخطأ هو في ثلاث.. ٭ ثم عفا عنهم بعد أن عفوا هم عنه... ٭ وكان من نتاج (سماحة) ذاك التطبيق لشرع الله أن تواثق الفتية أمامه على عدم العودة إلى ما كانوا عليه مرة أخرى.. ٭ فشرب الخمر خطيئة من منظور الشريعة الإسلامية .. ٭ ولكن كذلك التحسس !!! ٭ والتجسس !!!.. ٭ و(نط الحيط) !!..