حاطب ليل فليُسعد النطق (1 ) عبد اللطيف البوني [email protected] الاستاذ المرحوم حسن ساتي في كتابه الخطاب المفقود اورد خطاب الزعيم الهندي نهرو في مؤتمر باندونق 1955 الذي أمه قادة التحرر الوطني في آسيا وافريقيا ومثل السودان فيه الزعيم اسماعيل الازهري، ففي ذلك الخطاب حذر الزعيم نهرو الزعماء الشباب من الإفراط في التفاؤل وقال لهم ان العقبات التي تنتظرهم بعد الاستقلال افظع بكثير من عقبات التحرر الوطني وقال لهم انكم قد رفعتم طموحات شعوبكم ووعدتوهم بالنعيم الذي ينتظرهم بعد التحرر ولكن مقومات النمو والتطور ليست موجودة وان المستعمر القديم سوف يتفرج عليهم شامتا وانهم سوف يدخلون في ورطة لايعلم مداها الا الله. وعلق حسن ساتي على خطبة نهرو بالقول ان الزعماء المخاطبين لم يستصحبوا كلام نهرو واسرجوا خيول الاماني فكان الفشل والاحباط والانقلابات وعدم الاستقرار وعدم التنمية والحروبات الداخلية والذي منه نحن بدورنا نهدي الكلام اعلاه لاخوتنا في الحركة الشعبية طالما انهم اعتبروا الاستفتاء لتقرير المصير ضربا من ضروب التحرر الوطني فكان شعار العودة (عد إلى وطنك لتختار) وفي النشيد الوطني الذي تم اختياره جاء :-- يا أيها المحاربون السود الاقوياء فلنقف في صمت وخشوع ومهابة في ذكرى ملاييين الشهداء الشهداء الذين شيدوا بدمائهم مداميك الوطن قسما سنحمي امتنا ياجنة عدن دون شك هذا الخطاب التعبوي يعتبر اهل الشمال مستعمرين وان الخلاص منهم لم يأتِ ب(هينة)ولكن هذا ليس موضوعنا اليوم فموضوعنا اليوم جنة عدن الموعود بها الجنوب بعد الانفصال او بعد الاستقلال كما يرى الاخوة في النشيد اعلاه، ومن القلب نتمنى ان يتحول الجنوب الى جنة من جنان الله في الارض فأي نهضة تصيب الجنوب سيكون للشمال منها نصيب بحكم الجغرافيا (لنترك التاريخ جانبا) ولكن لكي يحدث هذا ينبغي على السادة قادة الحركة ان يضبطوا خطابهم منذ الآن ولايفرطوا في الوعود وياحبذا لو صوروا الانفصال او حتى الاستقلال كمرحلة من مراحل التطور في علاقتهم مع الشمال، لن نطالبهم في هذة اللحظة من الهيجان العاطفي والدموع المنهمرة ان يصفوا الشمال بأنه بلد الملائكة بل نقترح عليهم ان يرجعوا الى منفستو الحركة وفكرة السودان الجديد الذي يتكلم عن التهميش الذي يضرب كل السودان فيمكن في الخطاب الجديد ان يقال ان الانفصال من اجل تقدم وتطور الجنوب والشمال معا وهذا يتطلب ان يتغير الخطاب الشمالي هو الآخر فهو يحتاج الى ضبط فالتباكي على الجنوب لن يفيد والقول بأن الشغلانة مؤامرة صليبية لن يفيد والقول (المشتهي الحنيطير يطير) لن يفيد فليت اللجنة السياسية المناط بها حل الاشكالات بين الوطني والحركة تقفز فوق اللجاج الحالي تعمل لفترة مابعد الاستقلال او الانفصال وليبدأ هذا بضبط الخطاب. اما العنوان فهو مأخوذ من بيت المتنبئ الذي يقول : لاخيل عندك تهديها ولامال فليسعد النطق ان لم يسعد الحال. فالدولتان القديمة والجديدة حالهما يغني عن سؤالهما ومحتاجتان الى بداية جديدة وهذه تبدأ بخطاب جديد.