[email protected] في العالم جمعا هناك تغيير في كل مناحي الحياة أسماء جديدة ووجوها جديدة ودماء جديدة لكنها أبدا لن تفرز في السودان [ جميع الحكومات من الاستغلال الي يومنا هذا] أفعالا جديدة وأفكارا جديدة وفصائل دم جديدة غير التي نعرفها.. المراهنة علي الجديد عندنا خاسرة تماما.. وأسوأ الأمم هي التي لا تتغير حتي إلي الأسوأ.. أسوأ الأمم هي التي لا تتقدم ولا تتخلف.. لا تخطو إلي الأمام ولا تخطو إلي الخلف.. فالحركة حتي إلي الخلف تدل علي أن المتحرك حي حتي إذا لم يكن يرزق.. وأسوأ مريض حالا هو الذي يقال إن حالته مستقرة.. فهذا يدل علي أنه حي ميت أو ميت حي.. هو في حالة بين الحياة والموت.. مثل من يدخل جهنم حيث لا يموت فيها ولا يحيا. وأسوأ ما يمكن أن يصل إليه أي متابع أو مراقب أو محلل لمجمل الأوضاع في السودان هو العجز عن تكييف وتحليل وتبرير وتفسير ما يجري.. أن يصاب المرء بالحيرة والارتباك.. فلا يدري لماذا.. لا جواب علي الإطلاق لسؤال \"لماذا\".. [هو كده]..والما عاجبه يرحل أو يخبط دماغه في الحيط أو يشرب من البحر\".. لا تحاول أن تفهم أي شيء مما يجري حولك.. لأن محاولتك فاشلة وسعيك غير مشكور وستعود من رحلة البحث عن أسباب بخفي حنين. النية هي شعارنا الذي نؤدي به كل شيء.. نحن نعمل بالنية.. ونحصل علي وظيفة بالنية وننجح بالنية.. ونرسب بالنية ونفوز ونخسر في الانتخابات بالنية.. ونعتلي المناصب بالنية ونتزوج بالبركة.. والبركة تعني اختفاء الموازين والمكاييل والمعايير والقواعد.. تعني أن المشهد يتحكم فيه المطففون الذين إذا اكتالوا علي الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون..النية والبركة كلمة جميلة لكنها عندنا تحولت إلي كلمة سيئة السمعة.. والرجل البركة هو الأبله \"العبيط\".. أو هو الرجل الذي فقد قدرته الحيوية ولم يعد يشبع أهله.. ويقال عن الرجل الأبله: \"سايبها لله\".. أو يقال إنه \"اللاوي\" نسبة إلي الله تعالي.. \"أو هو بتاع ربنا\".. فنحن ننسب بلهاءنا إلي الله عز وجل.. نريد تجميل وتسويق الغفلة والبلاهة فنجعل أهلها من أولياء الله الصالحين ومن أهل الحظوة.. نتبرك بالبلهاء والمجاذيب والمشعوذين والدجالين ومفسري الأحلام والاحتلام. وكل شيء عندنا يذهب إلي غير مستحقيه لأن الأمور تسير بالبركة.. الدعم لغير مستحقيه وكذلك المناصب والمواقع والأصوات في الانتخابات والنجاح والتفوق والجوائز والشهرة والنجومية.. انظر إلي أقل الناس شأنا وإبداعا وقدرات وكفاءة.. وتنبأ له صادقا بالمكانة الرفيعة والموقع المرموق.. حتي قيل إن اختيار الأسوأ والأكثر انحرافا وفسادا صار منهجا راسخا في السودان .. لكني لا أراه منهجا مقصودا.. وإنما هي \"البركة\".. وأن الأسوأ يختار الأسوأ منه.. وأن الأمور يتوارثها السيئون. حتي الانحراف والجرائم بالبركة.. فلا أحد يخطط لأن يكون قائلاً ولكن ذلك يحدث بالبركة.. فالمرء يصبح مجرما أو ضحية بالحظ وبالبركة وبالصدفة.. تماما كما يصبح وزيرا أو محافظا أو مسئولا كبيرا أو فنانا أو مديرا فنيا للهلال او المريخ بالبركة وبالصدفة وبالحظ.. ويضاف إلي البركة والصدفة المزاج والهوي والغرض.. ويضاف إلي ذلك كله وربما يسبقه الفلوس والرشاوي.. وكل ذلك مرده إلي البركة والصدفة.. فالأغنياء عندنا أبناء البركة والصدفة.. والفقراء أيضا بالبركة والصدفة والحظ.. والفلوس مثل الدعم والمناصب والنجومية تذهب لمن لا يستحق. ومساحة الاختيار في اهل الانغاذ \"خرم إبرة\"[المؤتمرين] ولا تكاد تري بالعين المجردة ولا بالمجهر.. الاختيار ترف لا يتمتع به اسلاميو وعرابيو الانغاذ وهو فضيلة لا يتحلون بها.. فالاختيار يعني المفاضلة بين شيئين أو أشياء تعرف صفاتها وما لها وما عليها.. ونحن لا نملك المفاضلة وعلينا أن ما يفرض علينا.. فأنت لا تعمل بشهادتك.. ولكنك تعمل بالبركة وبالحظ والصدفة والفلوس والرشاوي.. أنت خريج إعلام وتعمل مدرسا أو خريج تربية رياضية وتعمل صحفيا.. أو خريج تجارة وتعمل مذيعا وإعلاميا بالتليفزيون.. أنت خريج طب بامتياز وتصبح طبيبا \"نص كم\".. أو أنت خريج طب بتقدير \" في٦٠ داهية\" وتصبح أعظم طبيب في الدنيا.. لا لشيء إلا لأن \" البلد عايز كده\". والناخب لا يختار مرشحا ولكنه يعطي صوته لمن يدفع» حيث لا فرق عنده بين مرشح وآخر مثلآ \"أحمد زي الحاج أحمد\".. والمعيار الوحيد هو من يدفع أكثر.. ويقال إن العملية الانتخابية منذ الإعلان عن موعدها وحتي إعلان نتائجها تتكلف عشرة مليار دولار.. هناك من يجعلها ثلاثة وهناك من يجعلها سبعة وهناك من يجعلها اثني عشرمليار مليار \"خلينا في العشرة\".. ويقال إن ثلث هذا المبلغ ينفق علي الدعاية المشروعة كالملصقات واللافتات والندوات والثلثان يذهبان رشاوي نقدية وعينية للناخبين ومقاولي الأصوات.. الناخب يختار الفلوس.. المرشح لا يترشح للوطن.. والناخب لا يختار الوطن. **** والفلوس \"المرشوشة\" هي التي تحدد نتيجة الانتخابات.. والانتخابات يترشح بها الفقير والغني لكن يفوز بها الأغني.. والفقير الذي يترشح في الانتخابات مجنون أو مدمن انتخابات ومدمن سقوط.. والأغني أقل المرشحين دعاية وطنطنة وندوات وملصقات لأن فلوسه هي المتحدث الرسمي له وهي مدير دعايته الناجح.. وفوز الأغني مضمون لأن \"رزق الهبل علي المجانين\".. وحتي الآن لا أستطيع أن أحدد أيهما \"الأهبل وأيهما المجنون\".. \"الناخب أم المرشح؟\".. \"من منهما الأبله ومن المجنون؟ ذات يوم حكي لي صديقي من ذو الكفائة والخبرة والتعليم الجيد طلب منه البعض الترشح في دائرته فقال لي ما أليا الا ان اقول لهم ماعندي : \" فلوس.. ولا أحب الخسارة ولا أحب أن أضع رقبتي تحت سيف ناخب بلا فكر ولا إرادة ولا يعرف \"كوعه من بوعه\".. وعندما تصبح كل الأوضاع \"ماشية بالبركة\".. فإنني أتوقع بعد حين من الدهر ليس شيئا مذكورا أن يصبح عدد المرشحين في أي انتخابات ضعف عدد الناخبين.. وكل مرشح سيقول لنفسه: قد تسبق العرجاء.. والعرجاء في غياب المعايير والقواعد لابد أن تسبق.. والسلحفاة ستسبق الغزال.. بالضبط كما أن القرد في عين أمه غزال..وامتنا هي أمتنا وقرودها في عينيها غزلان. [انني اخترة الانتخابات لانه الوحيد الذي يغير الحال والامم من ا سؤ الاحوال لكن تملكني الحزن حين اكتشفت ان بلدي لم يوجد انتخابات والفلوس حل محله] نحن السودانيون والامة الاسلامية والعربية دائما في ليلة الرؤية.. أو ليلة الشك التي يسمونها في قريتي \"الشكك\".. وقد غُم علينا ولم يثبت لدينا شيء.. وليلة الشك عندنا دهر.. هي كل ليالينا وأيامنا.. لذلك نتحرك بلا هدف وعلي غير هدي.. ولم نعد نفاجأ بشيء أو بشخص وكل شيء سييء متوقع \"وعاملين حسابه\".. وكل لاحق يجعلنا نترحم علي السابق.. والماضي الذي لعناه عندما كان حاضرا.. نترحم عليه ونقول: \"يا ريتها دامت أيام\".. كما قالت أم كلثوم في أغنية \"سهران لوحدي\". نترحم علي أيام العنتريات والعنجهيات والمغامرات والحروب والديكتاتوريات.. العرب بشكل عام يكرهون التغيير ويتوجسون من الجديد لأن خبراتنا في هذا المجال سيئة منذ عهد المماليك.. فالجديد دائما أسوأ من القديم.. والتغيير دائما إلي الأسوأ.. والمنحني في النازل \"ويخلق من ظهر العالم فاسد\".. \"واللي تعرفه أحسن من لاتعرفه والقاعدين يكفيكم شر الجايين هكذا نفكر وهكذا نسير وعليها نحي ونموت كما قال الاستاذ وردي زمن ماشي وزمن جاي وزمن لسة فلاأدري اننا في اية من الازمان الثلاثة.